تفوق الإناث على الذكور في نتائج البكالوريا

خليل البخاري: الشغب والسلوكيات السلبية والمشينة لدى بعض الذكور

عوامل تساهم في تراجع مستواهم الدراسي

 

 

منذ يوم الجمعة الماضي اطلع آلاف التلاميذ على نتائج مجهوداتهم التي بذلوها طيلة موسم دراسي طويل، حيث كشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي و الرياضة أن 231.272 مرشحا ومرشحة للبكالوريا قد اجتازوا بنجاح اختبارات الدورة العادية لنيل شهادة البكالوريا، هذه الشهادة التي تحتل في المسار الدراسي لأي تلميذ مكانة خاصة باعتبارها الباب الذي من خلاله سيلج عوالم دراسية أوسع وسيمكنه النجاح فيها من وضع أولى لبنات مستقبله الدراسي والتخطيط لحياته المهنية، لذلك فموسم الامتحانات وخصوصا امتحانات البكالوريا يمر في ظروف يطبعها الحذر والتوجس والخوف والاستعداد النفسي والذهني لهذه الامتحانات سواء للتلاميذ أو أولياء أمورهم، .ورغم أن النجاح في البكالوريا كان في ما مضى لا ينال شرفه إلا الفئة القليلة من التلاميذ المتفوقين الذين كانوا يجدون أبواب العمل مفتوحة على مصراعيها لاستقبالهم في جميع الإدارات أو المدارس العمومية حيث كانت هذه الشهادة آنذاك فرصة حقيقية للتميز وولوج سوق العمل بكل سهولة وأريحية، فمنذ اعتمادها بالمغرب من قبل الفرنسيين خلال فترة الحماية لم يكن ينل هذه الشهادة سوى عدد قليل من المغاربة التي كانت تبوئهم مكانة متميزة وكبيرة وكانت تفتح لهم أبواب المستقبل الزاهر رغم أن نسب النجاح لم تكن تتعدى في فترة السبعينيات و الثمانينيات مثلا 15 في المئة فقط، لأن النظام التعليمي في ذلك الوقت كانت تطغى عليه الانتقائية والجمود ولم تكن هناك فرصة ثانية للمرشحين مثلما هو الشأن الآن، لكن في الوقت الحالي يلاحظ ارتفاع المعدلات والنسب العالية للنجاح ، ورغم أن هذه الشهادة لم تعد تفتح أبواب الحياة المهنية كما في السابق من الأيام إلا أنها لا تزال تحظى بنفس الأهمية لدى التلاميذ وأولياء أمورهم، ويظهر ذلك جليا من خلال كل مشاهد الفرح والسعادة للناجحين من جهة والحزن والألم والإحباط و اليأس لغير الناجحين من جهة أخرى.
فشهادة الباكالوريا تؤثر بشكل واضح على حياة التلاميذ ومساراتهم والحصول على النقط المرتفعة والمعدلات المتميزة فيها يضع الناجحين أمام فرصة اختيار الشعب الجامعية التي ستخول لهم الحصول على الوظائف المتميزة وتحقيق طموحاتهم وبلوغ أهدافهم، مما يدفع الكثيرين إلى بذل مجهودات جبارة لنيلها سواء بالطرق العادية اي الاجتهاد و التحصيل أو اتباع مسلك الغش والتدليس والسلوكات المشينة التي ساهمت في تراجع قيمة هذه الشهادة خصوصا لدى الجامعات الدولية .
وفي ملاحظات أولية حول الدورة العادية لامتحانات البكالوريا في انتظار نتائج الدورة الاستدراكية المنتظر اجتيازها ابتداء من منتصف يوليوز، سجل تميز وتفوق واضحين للتلميذات، وهو التفوق الذي بصمت عليه الإناث منذ سنوات خلت لا من حيث عدد الناجحات والناجحين أو من حيث المعدلات المحصل عليها، وبلغت نسبة نجاح الإناث هذه السنة، دورة يونيو 2022 :% 8، 70 مقابل % 2، 66 نسبة الذكور في حين بلغت نسبة الناجحات من الإناث خلال السنوات الثلاث الماضية:
55، %65 في دورة يونيو 2019 .
75، %55 خلال الدورة العادية 2020 .
54، %55 في دورة يونيو 2021.
وفي ما يخص الرتب التي احتلتها الإناث فكانت على الشكل التالي:
احتلت التلميذات الرتبة الأولى في 9 أكاديميات مقابل 3 رتب أولى فقط للذكور ، وظهر التفوق الجلي للإناث بجهة خنيفرة بني ملال حيث احتلت التلميذات الرتبة الأولى في المديريات الخمس التابعة لأكاديمية هذه الجهة.
كما أن المعدل الأول على الصعيد الوطني في مسلك العلوم الرياضية(أ)كان من نصيب تلميذة من جهة مراكش -اسفي .ب37، 18 .
– من بين العشرة الأوائل في نتائج هذه السنة نجد سبع إناث مقابل ثلاثة ذكور وفي دورة يونيو 2021 تم تسجيل 8 تلميذات من العشرة الأوائل.
وفي تعليق على تفوق الإناث قال الباحث التربوي خليل البخاري إن نتائج امتحانات البكالوريا لهذا الموسم الدراسي كرست تفوق الإناث واحتلالهم لمراتب متقدمة على مستوى تحصيل أولى المعدلات وكذلك نسبة النجاح، مقارنة مع الذكور وكذلك مع الموسم الدراسي الفارط . لقد بلغت نسبة النجاح في صفوف الإناث 70,87 مقابل نسبة الذكور 61,01. فمن مجموع 12 أكاديمية على الصعيد الوطني، احتلت الإناث الرتبة الأولى في تسع أكاديميات مقابل 3 رتب أولى فقط للذكور فمثلا بجهة العيون الساقية الحمراء حصلت التلميذة السلامي مريم على أعلى معدل وهو18,54. وبجهة بني ملال خنيفرة، أعلى معدل حصلت عليه التلميذة هبة الشباكي 19,03. وبجهة الرباط سلا القنيطرة حصلت التلميذة هدى نعناع على أعلى معدل 19,41 . وبجهة سوس ماسة أعلى معدل حصلت عليه التلميذة دعاء أمين 19,14 وبجهة الشرق، أعلى معدل حصلت عليه منار الهراوي 19,21 .
وتحتل شعبة العلوم الفيزيائية الصدارة في معدلات النجاح في امتحان شهادة البكالوريا لهده الدورة مقارنة مع باقي الشعب.
وأرجع الباحث التربوي تفوق الإناث في امتحانات شهادة البكالوريا إلى عوامل تربوية، اجتماعية، اقتصادية وثقافية. فانضباط التلميذات يفوق بكثير الذكور، إضافة إلى أن دعم وتتبع الأسرة الدائم للفتيات يساعد على مواظبتهن وحضورهن داخل الفصول الدراسية فضلا عن حصولهن على معدلات مرتفعة في الامتحانات الجهوية. وفي المقابل، تسجل الإدارة التربوية في عديد من المؤسسات التعليمية تأخر الذكور في الحصص الصباحية والغياب غير المبرر قبل بداية العطل المدرسية إضافة إلى الشغب والسلوكيات السلبية لدى البعض…كلها عوامل لها نصيب كبير في تراجع مستوى الذكور،  وبالتالي تأخر نسبة النجاح في صفوفهم، واستنتج المتحدث أنه إضافة إلى تألق الإناث سجلت ضخامة المعدلات بالنسبة للتعليم الخصوصي بسبب نفخ نقط المراقبة المستمرة ووضع نقط صورية لبعض المواد الدراسية التي لا تدرس على الإطلاق مثل: اللغة العربية والفرنسية والعربية والتربية الإسلامية والتربية البدنية، والخاسر في العملية التقويمية هم تلاميذ وتلميذات التعليم العمومي مما يستدعي حذف المراقبة المستمرة حفاظا على تكافؤ الفرص وستظهر حينئذ حقيقة مستوى التلاميذ والتلميذات …
حتى في الابتدائي، يضيف الباحث، هناك تلاميذ يحصلون على معدلات في الامتحان الموحد الذي يجرى بمؤسساتهم تتراوح بين 8و 10..وفي الامتحان الجهوي الذي يجرى خارج أسوار مؤسساتهم يحصلون على معدلات تصل الى 2و 3 و4 على 10..ومع ذلك ينتقلون إلى القسم الأعلى لأن النقط الممنوحة لهم بمدارسهم”منفوخة مزيان”…
يذكر أن التلميذ زيد لحروسي من المديرية الإقليمية عين الشق بالدار البيضاء، سجل أعلى معدل عام على المستوى الوطني في امتحانات الباكالوريا برسم سنة 2022، بحصوله على 19,44.
وبخصوص الدورة الاستدراكية فسيجتازها 171ألفا و519 مترشحة ومترشحا من بينهم104 ألف و991 مترشحة ومترشحا ممدرسا كما هو مقرر أيام 15-16-18-19 يوليوز 2022، وسيتم الإعلان عن نتائجها يوم 22 يوليوز 2022.

 


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 07/07/2022