أطرها خبراء ونقابيون ومهنيون ومسؤولون مغاربة وأجانب النقابة الوطنية للصحافة المغربية تفتح ورش «التنظيم الذاتي للمهنة وأخلاقيات العمل الصحفي»

 

نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية الندوة الوطنية الأولى حول موضوع “التنظيم الذاتي للمهنة وأخلاقيات العمل الصحفي” يوم الاثنين 12 فبراير 2024 بفندق ايدو أنفا بالدار البيضاء.
الندوة الوطنية، التي حضرها مختلف المتدخلين في مجال الصحافة والاعلام، “صحافيون وخبراء وأساتذة ومهنيون و ممثلو هيئات مهنية ووطنية”، سلطت الضوء على التنظيم الذاتي للمهنة وأخلاقيات العمل الصحفي والإشكالات المطروحة على أرض الواقع. وانقسمت إلى محورين الأول يتعلق بالتنظيم الذاتي للمهنة: التجربة والأسئلة والتطلعات، والثاني أخلاقيات مهنة الصحافة في مواجهة مد مواقع التواصل الاجتماعي.
عبد الكبير اخشيشن رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قال في كلمته الافتتاحية للندوة، إن النقابة كانت قد وعدت في الوثيقة الفكرية والتنظيمية التي أفرزها المؤتمر الوطني التاسع، مجسدة في الخطة الإستراتيجية لنقابتنا، والتي كان من ضمن عناصر التحرك الفوري فيها ،هو فتح نقاش وطني حول منظومة القوانين المؤطرة للعمل الإعلامي والصحفي ببلدنا بهدف تجاوز أعطاب هذه المهنة ، وارتبط تقديرنا هذا، من إيماننا بأن أحد عناصر الإجابة على هذا الوضع هو مراجعة القوانين الثلاث المشكلة لمدونة الصحافة والنشر، ومنها القانون رقم 88.13 للصحافة والنشر، والقانون والقانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين، وكذا القانون رقم 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة.
وأكد اخشيشن، أنه لكل ذلك تشرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية انطلاقا من هذه الندوة الوطنية الكبرى في تنزيل أحد عناصر الخطة الاستراتيجية ، عبر مساءلة منظومة القوانين المنظمة للعمل الصحفي، وذلك في سياق المجهود الوطني المبذول لإصلاح قطاع الصحافة وتجويد البيئة الإعلامية، مشيرا إلى أن مساءلة التجربة التي مرت في تنزيل القوانين المشكلة لمدونة الصحافة والنشر، تكتسي فرصة للوقوف عن قرب على الثغرات التي أفرزتها الممارسة في القوانين الثلاثة.
وأضاف اخشيشن، بالنظر لأهمية الأخلاقيات، وكذا لتجربة التنظيم الذاتي، ارتأينا أن تفتتح هذه الورشة بهذين المحورين. ومن العناوين الكبرى التي تطفو كلما تحدثنا عن هوية التنظيم الذاتي هو أنه : ” توحّد الصحافيين لفرض حقوقهم، بما يمنع السلطات من تخطيهم.
وهو كذلك “اتفاق رسمي بين وسائل الإعلام والصحفيين والجمهور للتصرف بمسؤولية”، وأن وجود التنظيم الذاتي يكون كذلك ضروريا “حين يتحول الإعلام إلى سلطة غير ديمقراطية وغير شفافة،مؤكدا أن كل ذلك يروم “إنتاج مادة إعلامية لا تقيّدها الرقابة وتلتزم بالشرعة الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية.”
وسجل المتحدث، أن كل هذا الحديث عن مهام الإعلام وأدواره تجاه الدولة والمجتمع يبرز مكانة أولوية الإعلام، وفي ذات الوقت ، يعكس وضعا يقاس بمؤشر هيكلي وهو النظر في منظومة أخلاقيات الإعلام وآليات التنظيم الذاتي للصحافة، إلى درجة أن الضبط الذاتي يوازي ويعادل موضوعيا الحديث عن وضعية الممارسة الإعلامية بشكل عانم في كل بلد، مشيرا إلى أن الاهتمام بالتنظيم الذاتي للصحافة انطلق من فكرة مفادها أنه “لن تستطيع أي هيئة رسمية أن تحرص على تحصين حقوق الصحافيين، كما يستطيع الصحفيون أنفسهم، فالصراع الدائم بين السلطة التي تسعى إلى توسيع دائرة الرقابة، وبين الصحافيين الذين يخوضون معارك تشريعية لتحصين حقوقهم، دفع باتجاه “التنظيم الذاتي للصحافة”.

وأكد، أن أهمية التنظيم الذاتي تبرز إلى سعي الإعلاميين لتجنب إصدار قوانين تؤثر على حرية الإعلام من غير المتخصصين في المهنة، وحتى يشارك الصحفيون والإعلاميون بوعي في صياغة النصوص القانونية والتنظيمية التي تهم حرية الفكر والرأي والتعبير والصحافة والنشر، والحصول على المعلومات وتداولها وحرية امتلاك الوسائل الإعلامية، وتساهم مجالس الصحافة في بناء الثقة والمصداقية في وسائل الإعلام، وأيضا تشكل محركا لتحسين معايير الجودة، ومنع تدخل الدولة والسلطات الأخرى في الشأن الإعلامي، كما تساهم في تقليل عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
وجاء في كلمة رئيس النقابة اخشيشن، “منذ الشروع في ابتداع سبل التنظيم الذاتي ووضع قواعد لأخلاقيات مهنة الصحافة ظلت إشكاليات كبرى تعتري العمل الإعلامي على مدى سنوات طويلة، تتمحور أساسا حول، أي آلية هي الكفيلة بتحقيق هذا الغرض؟، هل يتم الاحتكام مثلا إلى الميثاق الأخلاقي للمؤسسة الإعلامية وحده؟ أم الرهان على آلية الوسيط أو المرافق داخل المنشأة الإعلامية لتلقي الشكايات والاقتراحات والملاحظات؟ أم أن الأمر يتعدى حدود المؤسسة الإعلامية إلى فضاء أوسع يجمع الصحافيين والناشرين وكل المعنيين المباشرين بالإعلام؟.”
وأكد أن ‎التجربة الأولى انطلقت على أساس الخيار الأخير سنة 1916 في السويد، التي شهدت ظهور أول مجلس للصحافة. وبعد سنوات قليلة أحدثت ألمانيا وهولندا والدول الاسكندنافية المجالس نفسها، ثم انتشر هذا النموذج للتنظيم الذاتي للصحافة في أوروبا وفي باقي دول العالم الديمقراطي. بيد أن خيارات الدول في هذا المجال اتخذت مسارات مختلفة، وذلك بحكم تنوع وتباين الممارسة الإعلامية وطبيعة الممارسة الديمقراطية السائدة. يضيف اخشيشن
وأشار إلى أنه، توجد أشكال متعددة من التنظيم الذاتي في مجال الصحافة، حسب خصوصيات البيئة الوطنية لكل مجتمع، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها يجب أن تراعي، مقتضيات حرية الصحافيين وضماناتها واحترام حق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية بشكل عام في التنظيم الذاتي لمهنتهم في المقام الأول، وثانيا، تراعي مقتضيات مسؤولية الصحافيين المجتمعية، أي قبولهم الطوعي بمبدأ المساءلة والأخذ بعين الاعتبار حق المواطنين في حماية أنفسهم من الإعلام عندما يتحول إلى سلطة غير ديمقراطية وغير شفافة.
وذكر، بأن “التنظيم الذاتي” للصحافة يختلف عن تنظيم الإعلام السمعي البصري، حيث إن الأخير يتم عادة تنظيمه بموجب قوانين وقرارات صادرة عن السلطات والهيئات المعنية بهذا النوع من الإعلام. ولهذا فإن الصحافة المكتوبة (الورقية) والإلكترونية مبدئيا هي المعنية، فقط، بالتنظيم الذاتي. وهو المنطق نفسه الذي نهتدي به للحديث عن آلية التنظيم الذاتي في التجربة المغربية، حيث سيتم الاقتصار على آلية المجلس الوطني للصحافة دون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وسوف نستعرض في تركيز حالة أخلاقيات الإعلام وأساليب الضبط الذاتي للصحفيين والإعلاميين في التجربة المغربية، مبينين خصائص هذه التجربة من حيث مكتسباتها وإكراهات ومظاهر محدوديتها. يضيف اخشيشن.
و استحضارا لحداثة التجربة الوطنية، شدد اخشيشن، أنه سيتم التعرض لمستويات المحدودية انطلاقا من التجارب المقارنة، كما سيتم الاحتكام إلى النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة بمجال التنظيم الذاتي أكثر من الرهان على تقييم الأداء ومكتسبات التجربة لعمرها القصير، الذي لم يتعد أربع سنوات منذ انتخاب وتنصيب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، وكذلك أخذا بعين الاعتبار الصعوبات التي تعترض التجارب الأولى باعتبارها لحظات التأسيس والبناء.
وختم اخشيشن كلمته بطرح عدة تساؤلات في المحورين مرتبطة ب: ما أهمية التنظيم الذاتي في التجربة المغربية.؟ ما هي حدود التأثير الذي أحدثته مدونة السلوك بمثابة قانون حول أخلاقيات المهنة؟ ما هي الثغرات والعيوب التي تم تسجيلها في التنزيل الأول القوانين المؤطرة.؟ هل تتحمل ثغرات القوانين وحدها مسؤولية عدم الحسم مع أعطاب التجربة الإعلامية الحالية؟. ما حدود المسؤولية بين الصحفي والمؤسسات والمجتمع في تحقيق بيئة مهنية فضلى؟ ماذا تقدم لنا التجارب الدولية الحاضرة معنا من معين قانوني ونظري يفيد تجربتنا المغربية؟.
وبدوره أكد يونس مجاهد رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، أن ورش التنظيم الذاتي للمهنة من القضايا المهمة بالنظر إلى المتغيرات التي تحدث في المجتمع، وبالتالي لابد من ايجاد الأجوبة على الأسئلة التي تطرح على واقع المهنة وتنظيمها.
وتطرق يونس مجاهد في مداخلته إلى تجربة المغرب من خلال المجلس الوطني للصحافة و ميثاق أخلاقيات المهنة، مؤكدا أنه تم حصر النقاش داخل هذا القطاع في قضيتين أساسيتين هما المجلس الوطني للصحافة و البطاقة المهنية للصحافة.
وسجل مجاهد، بأن الجميع أصبح يتحدث في موضوع واحد هو بطاقة الصحافة المهنية في علاقتها بالمجلس الوطني للصحافة، بدل الحديث ونقاش قضايا أساسية ومحورية ترتبط بالمهنة وبالقطاع ككل.
وأشار إلى أن الهيئات السياسية بدورها باتت تتحدث حول هذا الموضوع، دون نقاش قضايا أساسية وهامة تهم قطاع الصحافة والنشر مثل المقاولة الصحفية والنظام القانوني وغيرها.
وتطرق يونس مجاهد في مداخلته، إلى موضوع أساسي وهو المقاولة الصحفية، مسجلا أن 50 بالمئة من المقاولات مكونة من شخص واحد أو شخصين، وهو ما يسائل واقع المهنة وتنظيمها.
وشدد مجاهد، على أن أغلب المقاولات الصحفية في المغرب غير مهيكلة، وهو ما يعتبر إشكالا كبيرا داخل القطاع، مؤكدا في ذات الوقت على ضرورة احترام الحد الأدنى للأجر وكرامة الصحفي والعاملين بالقطاع.
ولم يفت مجاهد، أن أكد على أنه كانت هناك نقاشات حول الديمقراطية التحريرية وغيرها من القضايا والمواضيع المرتبطة بالقطاع، مستغربا أن هذه المواضيع انتهت في المغرب أو تم حصرها فقط في موضوع واحد هو البطاقة المهنية للصحافة.
وأضاف المتحدث، أنه على اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، الحرص على التنظيم الذاتي للمهنة والمساهمة في تنزيل أوراش الاصلاح.
ووصف مجاهد، في سياق حديثه عن وضعية القطاع، بأن هناك ” تمييع لمهنة الصحافة” و إشكالات حقيقة لابد من التصدي لها، عندما يتعلق الأمر بالتزوير وعدم التصريح بالأجر والضمان الاجتماعي وغيرها من الحالات التي وقف عليها المجلس الوطني للصحافة.
وخلص مجاهد، إلى أنه لابد من إصلاح المقاولة الصحفية و توافر الإرادة السياسية للتفاعل مع المقترحات التشريعية المقدمة الرامية إلى تنظيم المهنة وتحصينها والارتقاء بها.
وختم بأن إصلاح الإعلام والصحافة، هو ورش شامل و مسؤولية مجتمعية وليس معنيا بها المهنيون وحدهم، وبالتالي على الجميع الانخراط في هذا الورش الإصلاحي حفاظا على المهنة وضمان حسن تنظيمها والارتقاء بها.
محمد هيتمي، عن الجمعية الوطنية للاعلام والناشرين، أكد على ضرورة التحصين القانوني للمهنة، عبر مراجعة مدونة الصحافة والتشر بقوانينها الثلاث المنظمة للقطاع.
وأوضح المتحدث، في مداخلته خلال هذه الندوة التي أدار أشغالها عثمان النجاري رئيس المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أنه لابد من وضع قطيعة مع نظام الدعم القديم للصحافة، والعمل على الحد من التصرفات غير المسؤولة التي أضرت بالمهنة، وساهمت في تغيير نظرة المجتمع إلى الصحافة.
ولم يفت هيتمي، أن تطرق إلى الثورة الالكترونية والرقمية التي أحدث تغيرات واضحة على مهنة الصحافة، مؤكدا أن هناك تغير جذري يطبعه استهلاك الخبر والمعلومة بطريقة مختلفة، وأصبحنا في قبضة مواقع لا تنتج الخبر والمعلومة بل تصرفه في قنواتها.
وأضاف قائلا: أصبحنا أمام ظاهرة “المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد هيتمي، على ضرورة إلزامية تأهيل المقاولة الصحفية ومواكبتها للتطور الرقمي والتكنولوجي، والعمل على تحقيق السيادة الإعلامية على غرار السيادة الغذائية وغيرها لأنها جزء من سيادة الدولة.
وخلص، إلى أن تحصين المهنة ينطلق من القوانين والهيئات المؤسساتية والتكوين المستمر للصحافيين و إشراك مختلف المتدخلين والعمل على إقرار اتفاقية جماعية تواكب المتطلبات.
ومن جهة أخرى، تطرق أنطوني بلانجي الكاتب العام للفيدرالية الدولية للصحافيين، إلى السياق الدولي المرتبط بالحرب على قطاع غزة والمجازر التي ترتكب في حق الصحافيين الفلسطينيين.
وأكد في مداخلته عن بعد، على أن العدوان الإسرائيلي على غزة، خلف حوالي 100 شهيد من أرواح الصحافيين الذين كانوا يقومون بعملهم المهني، مشيرا إلى أن الفيدرالية الدولية للصحافيين تعبر عن تضامنها ومؤازرتها للصحافيين الذي استشهدوا في الحرب.
وسجل، بأن ظروف الصحافيين جد صعبة وغير ملائمة في العالم في ظل ما يعرفه من توترات ونزاعات وغيرها. مشددا على ضرورة وضع ميثاق للاخلاقيات والتنظيم الذاتي للمهنة وتحصينها. وخلص متطرقا إلى تجربة المغرب في هذا السياق من خلال إحداث المجلس الوطني للصحافة وميثاق الأخلاقيات.
وبدوره، ضيف النقابة من بريطانيا الأستاذ والخبير في مجال الإعلام، مايكل جيبمسن، تطرق إلى الإشكالات الكبرى المرتبطة بواقع المهنة وتنظيمها خاصة في جانب الأخلاقيات والتحولات الكبرى مع عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وسجل، بأن هناك تغيرات كبيرة داخل المجتمع والصحافة جزء من المجتمع وبالتالي لابد من مواكبة هذه التحولات والتغييرات.
وأكد على أن هناك شروط لابد من التقيد بها قصد تطوير المهنة وتنظيمها واإرتقاء بها، وعلى رأسها نموذج المقاولة الإعلامية والنظام الاقتصادي، الذي في صلبه تنمية الموارد البشرية وأخلاقيات العمل الصحفي، وتحصين المهنة.
الجلسة الثانية التي سيره أيضا ا عثمان النجاري رئيس المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، انصب النقاش فيها حول ” أخلاقيات مهنة الصحافة في مواجهة مد مواقع التواصل الاجتماعي “، أكد فيها جيم بوملحة عن الفيدرالية الدولية للصحافيين ،أن مشكل التحقق من المعلومة في الإعلام الجديد، مشكل لايقتصر على المغرب،بل هو مشكل تعاني منه جميع الدول، كاشفا في مداخلته، عن تراجع دور الإعلام وصعود تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثر على الصحافة وعلى رواتب الصحفيين ،منوها بمقاربة النقابة الوطنية للصحافة المغربية ،هذا الموضوع الذي له راهنيته، مطالبا التكيف مع واقع الحال.
وذكر جاد بوملحة بإحدى التجارب البريطانية في هذا المجال، وأشار بالتحديد إلى جريدة الغارديان ،التي تعد من كبريات الصحف الورقية ،حيث تباع بالمجان، لكن توجهت إلى قرائها الذين يساهمون في تمويلها ، ،وهي الفكرة التي تدر على مالكيها أرباحا كبيرة.
وأوضح بوملحة أن الصحف الإلكترونية تستند على نقرات قرائها مسجلا عملية التزوير التي تشوب هذه العملية وهذا مايضرب أخلاقيات المهنة في الصميم،معرجا في كلمته على ماجاء في مدونة أخلاقيات الصحفيين الذي صيغت في الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي عرفت مراجعات عديدة ،كان آخرها السنة الماضية بتونس، حيث تم التصويت عليها بالإجماع.
ورأى أن الجواب على هذه المعضلة يجب أن يكون على أعلى مستوى خاصة فيما يتعلق بالأخبار الزائفة والمضللة،إذ على الحكومات أن تدخل على الخط، والتوعية بدور الإعلام، من خلال إدراج ذلك في المناهج الدراسية، مذكرا بالمبادىء الأساسية التي يجب التمسك بها من طرف الصحفي،وتتمثل في قول الحقيقة، الاستقلالية والتضامن.
الخبير البريطاني في الإعلام، مايكل جيبمس، كشف في مداخلته، أنه من أجل أن تكون صحفيا، عليك أن تناضل من أجل الحقيقة والاستقلالية والتحقق مما ينشر، موضحا أنه في بريطانيا هناك نظام للعمل وضع سنة1936،يضم موادا خاصة بمدونة السلوك، منها معاقبة الصحفي المخطىء، مشددا على ضرورة أن نجعل المتلقي يثق في المعلومات التي نقدمها له، لكن مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي على الخط، أصبحت مأمورية التحقق من المعلومة صعبة، وهو مايضع الصحفي وسط المسؤولية أكثر، إذ في بعض الأحيان يصبح السبق هدفا على حساب التحقق من المعلومة.
وذكر مايكل جيبمس بالورشات والدورات التكوينية التي أجريت في هذا الباب، مذكرا بالأخبار والمعلومات التي تتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، وتكون في الكثير من الأحيان مخادعة، خاصةبالنسبة للصورة، موضحا أن هناك بعض وسائل الإعلام التي تتوفر على آليات للتأكد من مصدر الصورة مثل قناة الجزيرة وفرانس 24،مثيرا أيضا مايطرحه الوضع بخصوص الملكية الفكرية ،ومايطرحه أيضا الذكاء الاصطناعي، إذ يجب كما يقول، الوعي بالأخطار التي يطرحها هذا المستجد للمحافظة على إنسانيتنا.
منير زعرور خبير مختص لدى الاتحاد الدولي للصحافيين، أثار في مداخلته عدة ملاحظات، منها مسألة التأثير والتأثر بمواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية تنظيم هذا المجال، والطرق هنا يقول، ليست موحدة في جميع الدول، متطرقا إلى التجارب في هذا الباب، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية التي منحت الضوء الأخضر للتنظيم الذاتي.
وأوضح منير زعرور، أن تطور الصحافة في أمريكا وأوروبا كان نتيجة وجود بيئة ضامنة لحرية التعبير، تنعكس على مستوى عمل الصحفيين.
وكشف المتدخل ،أن هناك الكثير من الفاعلين الذين ينتجون محتويات ومعلومات ،وأصبح ذلك جزءا طبيعيا من المحيط البيئي للصحافة، مثيرا مسألة مجالس الصحافة والتحديات المفروضة عليها اليوم في العصر الرقمي، وكذلك الظواهر الجديدة المرتبطة بالتقنيات الجديدة، منها البث المباشر وكيفية تأطيره،و المحتويات الممولة، وكيفية تصحيح الأخطاء في المحتويات المنشورة.
حنان رحاب نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، شددت في تعقيبها على العديد من النقاط، منها مسؤولية الصحفي والناشر، ولماذا يطلب من الصحفي الانضباط لما يقرره الناشر ،موضحة أن ضرب الأخلاقيات مسؤول عنه الناشر بالدرجة الأولى، داعية إلى الكف عن جلد الصحفي، في الوقت الذي نجده مهضوم الحقوق، مذكرة في نفس الآن ببعض السلوكيات التي تضرب في الصميم حقوق الإنسان، وعلى رأسها حقوق المرأة، وخرق الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية بل خرق الدستور نفسه.
ودعت حنان رحاب، إلى إعادة النظر في العقوبات ضد الصحفيين، مشددة على أنه من يجب متابعته هم الناشرون على اعتبار أنهم المسؤولون عن الخط التحريري وعن كل مايتم نشره وليس الصحفي.


الكاتب : جلال كندالي  / التازي أنوار  ت. هيثم راغب

  

بتاريخ : 14/02/2024