المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -67-

ثروات المغاربة في خدمة تطوير العمران الحضري في القاهرة

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

قامت العائلات المغربية يقول الدكتور حسام محمد عبد المعطي،  بتشييد العديد من المساجد ربما بهدف رفع اسمها وتخليدها،  ولكنها بذلك أسهمت إسهامات جد مهمة في التطورات العمرانية التي حدثت في العديد من المدن المصرية. ‎
‏بالنسبة للأحياءالجديدة،فقد ‏لعبت العائلات الفاسية دورا مهما في عملية العمران الحضري في المدن المصرية بصفة عامة؛ حيث قام عدد كبير منهم نتيجة لامتلاكهم ثروات ضخمة بإنشاء مبان ومنشآت جديدة أسهمت في تغيير معالم المدن الحضارية؛ حيث أقدم عدد من كبار التجار المغاربة يقول المؤلف، أمثال الخواجا أحمد الرويعي والخواجا قاسم الشرايبي على حركة بناء منشآت ذات طبيعة تجارية وخدمية وحتى صناعية ساعدت عل إعمار مناطق توسعية جديدة في هذه المدن.
وقد تمثل دور هؤلاء التجار في استحداث الإقامة في منطقة أو أخرى وهو ما اقتدى به أحيانا المحيطون بهم  ما أدى إلى خلق قلب مركز حضري جديد. علما بأن هذا النوع من التطور العمراني ما كان يمكن أن يشمل بالطبع سوى من توفر لديهم إمكانيات مادية ضخمة بما فيه الكفاية،وكذلك إقامة المرافق اللازمة بتوفير مختلف الخدمات الدينية والاقتصادية والسكنية،مما يتيح الفرصة لأشخاص آخرين ذوي إمكانيات محدودة للإقامة دون أن تعوزهم المرافق الضرورية لحياتهم اليومية،فكان المستفيدون من هؤلاء السكان الجدد لهذه الأحياء في حاجة إلى أدوات حياتهم مثل الحوانيت التي تلبي احتياجاتهم والطواحين والأفران  والمساجد وغير ذلك مما كانت تتطلبه أدوات حياتهم، وقد حرص كبار التجار المغاربة عل إنشاء واستثمار أموالهم في مثل هذه المشروعات الحياتية التي كانت تؤدي إلى تطوير العمران الحضري في القاهرة.
فقد أسهم التجار الفاسيون في زيادة الحركة العمرانية ونمو القاهرة في المنطقة الواقعة غرب الخليج المعروف ببركة الأزبكية؛ فكان للخواجا أحمد الرويعي دور مهم في إنشاء هذه  المناطق الحضارية الضخمة في هذا الحي؛ حيث قام  بإنشاء مسجد  وطاحونة وفرن وعدد كبير من الحوانيت وقهوة وعدد كبير من ورش الحياكة  وكتاب لتعليم الأطفال، وقد أسهمت منشآت الخواجا أحمد الرويعي هذه في التنمية العمرانية للمنطقة كلها. كما أسهمت منشآته في تنمية إنتاج المنسوجات في هذا الحي.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 17/07/2021