النائبة الاشتراكية خدوج السلاسي:   ضرورة أن يظل الذكاء البشري يقظا لتوجيه الذكاء الاصطناعي نحو الوجهة المطلوبة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان..

ذكرت النائبة خدوج السلاسي في مستهل مداخلاتها، باسم الوفد المغربي ضمن أشغال الدورة 148 لاتحاد البرلمان  الدولي، أن الجميع ليس على نفس الدرجة من المعرفة والإمكانيات خلال الحديث عن الذكاء الاصطناعي، فإذا كان ديكارت في القرن السادس عشر قد أكد «أن العقل هو أعدل قسمة بين الناس»، فإن هذه القسمة العادلة تنتفي اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي.
وسجلت النائبة خدوج السلاسي، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، خلال مداخلتها في لجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان حول موضوع : «الذكاء الاصطناعي والديمقراطية وحقوق الإنسان»، أن الناس  يشعرون اليوم بقلق وتوجس تجاه الذكاء الاصطناعي. متسائلة عن  السر في هذا الخوف؟ هل يتعلق الأمر برد فعل مألوف تجاه كل جديد غير مألوف؟ كما حدث من قبل مع الاكتشافات الكبرى العلمية والتكنولوجية في تاريخ التطور الإنساني مع اديسون وجاليلي ونيتشه وغيرهم.
واسترسلت النائبة السلاسي في تساؤلاتها، هل هو خوف إنساني مبرر من أن يفلت الذكاء الاصطناعي من زمام الذكاء البشري التقليدي، أن يحل محل الوظائف البشرية، أن يهدد الاستقرار الاقتصادي، أن يعمق الفجوة بين الشمال والجنوب، بين الأغنياء والفقراء، بين النساء والرجال، أن يؤدي إلى المزيد من تركيز السلطة في أيدي الشركات التكنولوجية ذات الاختصاص، وإلى إضعاف الهياكل الحكومية وتنظيماتها؟
وبالموازاة مع ذلك، أشارت النائبة الاشتراكية، إلى أنه لا يخشى من الذكاء الاصطناعي ارتباطا بحقوق الإنسان والديمقراطية في مجال التزوير وطمس النتائج، إنما يخشى منه في مجال التصريحات المزيفة والمستفزة والمفبركة المبدعة بتحايل وذكاء كبيرين، بحيث تبدو حقيقية وطبيعية  فتؤدي إلى توجيه الرأي العام وإرباك السلوك الانتخابي وظهور نتائج استحقاقية ضعيفة الصدقية وغير واقعية وغير تمثيلية ديمقراطية.
وأضافت في ذات السياق، وحتى عندما يعمد لتصحيح ما راج من تضليل يكون الوقت قد فات نظرا لسرعة التأثير والانتشار التي يتميز بها الذكاء الاصطناعي، لكن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي مكسب كبير على سلم التطور، والأكيد أيضا أننا لا نستطيع إيقاف التطور إذا بدأ، فهو يمكن من سرعة تحليل البيانات، من الاستباق الدقيق والمفصل للنتائج، من الربح الكبير للوقت، من الوضوح والفهم وتضييق دائرة التأويل. كما أنه يتفوق على الذكاء البشري في بعض الحالات الخاصة كالصوت والصورة واللغة.
واستدركت النائبة السلاسي القول «لكننا لا ننسى في المنطلق أنه منتوج للذكاء البشري المستند إلى القدرات العقلية، القادر على إنتاج الحلول المبدعة، المستثمر للإمكانيات الذاتية والروافد الانفعالية والمستفيد من التفاعلات الاجتماعية».
وخلصت أنه عندما يظل الذكاء البشري يقظا، فإنه يوجه الذكاء الاصطناعي في الوجهة المطلوبة ومواجهة الآثار السلبية المترتبة عن سوء استعماله في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان عندما يتجرد من الأخلاق والقيم الإنسانية.
ودعت  النائبة السلاسي، موازاة مع تطوير الذكاء الاصطناعي والاستفادة من كل مجالات تدخله، إلى ضرورة أن «نشتغل كبرلمانيين على ملء الثغرات القانونية على مستوى التشريع، وأن ندفع بحكوماتنا إلى النهوض بالعلوم الإنسانية في منظومات التربية والتكوين في بلداننا، كعلم النفس وعلم اجتماع قصد تقوية وتحصين الشخصية البشرية، وليظل الإنسان سيد منتوجه، متحكما في تفوقه، تحسبا لكل انحراف قد يؤدي إلى تعميق الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي على المستويات السياسية والحقوقية والديمقراطية».
وفي الأخير شددت عضو الوفد البرلماني المغربي، على أن المغرب يشتغل اليوم، بجدية كبيرة، على هذه المستويات التشريعية والبيداغوجية، كما يفتح المجال أمام الاستفادة من مجموع القوانين الجاهزة وذات الصلة بشكل أو بآخر باستعمالات الذكاء الاصطناعي، كالحق في الوصول إلى المعلومة وحماية المعطيات الخاصة، كما أن المغرب أحدث جامعات رفيعة المستوى للذكاء الاصطناعي وأدرج العلوم الإنسانية في مختلف أنواع ومراتب التكوين الجامعي، حرصا على إعداد الأجيال المؤهلة لمواجهة تحديات التطور والمساهمة فيها.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 04/04/2024