بمناسبة تخليد الذكرى 66 لمعركة الدشيرة والذكرى 48 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة

 

ترحم وفد من أسرة المقاومة وجيش التحريـر يتقدمهم مصطفى الكثيري، المندوب السامي، ووالي جهة العيون، بحضور العديد من الشخصيات العسكرية والمدنية والسلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، على أرواح شهداء الاستقلال والوحدة الترابية، في ذكرى معركة الدشيرة وذكرى جلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة بمقبرة الشهداء بجماعة الدشيرة بإقليم العيون صباح أول أمس الأربعاء.
كما تم إعطاء انطلاقة بناء مقر جديد لجماعة الدشيرة، من طرف المندوب السامي وعبد السلام بيكرات والي جهة العيون الساقية الحمراء.
كما نظم بالمناسبة، مهرجان خطابي بقاعة قصر المؤتمرات بولاية العيون، ترأسه المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير، أكد أن الذكرى 66 لمعركة الدشيرة الخالدة جسدت أروع صور الملاحم والبطولات التي خاضت غمارها طلائع جيش التحرير بالجنوب المغربي في مواجهة الاحتلال الأجنبي، والذكرى 48 لجلاء آخر جندي أجنبي عن أقاليمنا الجنوبية المسترجعة غداة المسيرة الخضراء المظفرة، وجسدت مواكبها التلاحم العميق بين العرش والشعب في ملحمة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.
واستحضر مصطفى الكثيري المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير هذين الحدثين الوطنيين البارزين والمحطتين التاريخيتين، وهما الذكرى 65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، اللذين جسدا أسمى صور ومظاهر الكفاح الوطني، الذي خاضه الشعب المغربي من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية.
وقال مصطفى الكثيري :» تعرَّض المغرب نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلى ضغوط اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية استهدفت انتزاع أجزاء ترابية منه، وأفضت في النهاية إلى فرض نظام الحماية عليه في 30 مارس 1912م، واحتلاله كليا في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وتقسيم البلاد إلى خمس مناطق نفوذ منها منطقة تابعة للنفوذ الفرنسي بوسط البلاد، وثلاث مناطق تحت السيطرة الاسبانية بالشمال والجنوب وإقليم سيدي إفني، في حين تم إخضاع منطقة طنجة لنظام حكم دولي، لذلك لم يجد المغاربة بُدًا من التصدي لهذه المخططات الاستعمارية الغاشمة، التي استهدفت طمس معالم الهوية الوطنية والشخصية المغربية وتفتيت النسيج المجتمعي للشعب المغربي وتمزيق وحدته وبث التفرقة والشقاق في صفوف أبنائه».
وأضاف : «كانت ملحمة الكفاح المرير التي قادها بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف منذ اعتلائه عرش أسلافه الغر الميامين بترابط متين مع طلائع الحركة الوطنية، تحظى بكل الدعم والتأييد للشعب المغربي في جميع أنحاء المملكة، وتمثلت ذروة الكفاح التحريري والوحدوي في مناهضة مؤامرة 20 غشت 1953، لما أقدمت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية على الاعتداء على السلطان الشرعي سيدي محمد بن يوسف وإبعاده مع الأسرة الملكية الشريفة إلى المنفى السحيق، فكان أن عمت المظاهرات الحاشدة والانتفاضات العارمة الحواضر والبوادي، وكانت مواقف أبناء الصحراء المغربية، وهي حينئذ تحت الاحتلال الإسباني، ثابتة وفي أوج الوطنية الخالصة والوفاء للمقدسات ولروابط البيعة، فبادروا للانخراط بكل طواعية في صفوف منظمات المقاومة والخلايا الفدائية مساهمين بعزم وإقدام وإصرار في معركة التحرير التي تكللت بالنصر المبين والعودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس، رضوان الله عليه، إلى أرض الوطن حاملا مشعل الحرية والاستقلال وداعيا إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر عازما على تحقيق الوحدة الترابية المقدسة».
وشدد على أن أبناء هذه الربوع الأبية خاضت إلى جانب إخوانهم من المناطق الشمالية معارك بطولية خالدة ضد الاحتلال الأجنبي من أجل نصرة القضية المغربية العادلة، وساهموا بفعالية في تقوية صفوف جيش التحرير بالجنوب وتعزيزها، حيث انضموا إلى مراكزه بالمنطقة بكل من «طاطا» و»كلميم» و»طانطان» و»السمارة» و»الداخلة» و»العيون» وغيرها من المراكز الحربية، وخاضوا ملاحم بطولية عدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: معركة «أم العشار» و»مركالة» و»العوينات» و»الرغيوة» و»وادي الصفا» و»المسيد» ومعركة «الدشيرة» في فبراير 1958، والتي خسرت فيها القوات العسكرية الإسبانية قرابة 600 جندي اسباني وجرح ضعفها وتم تدمير العديد من الآليات العسكرية والسيارات المحملة بالذخيرة، واستشهد 12 من عناصر جيش التحرير في معركة حامية الوطيس، وغنمت قواته 18 بندقية و6 رشاشات من نوع سطار و8 مسدسات من نفس النوع، إضافة إلى جهاز إرسال واستقبال، وتولى قيادة هذه الملحمة قائد المقاطعة التاسعة بتفودارت بالساقية الحمراء، المقاوم السيد صالح بن عسو».
لقد جسدت معركة الدشيرة بحق معلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني، ألحق فيها أبطال جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الاحتلال الأجنبي. وتحقق بفضل هذه المعركة الخالدة وغيرها من المعارك والمواجهات البطولية استرجاع منطقة طرفاية سنة 1958م. وأمام هذا الانتصار المدوي لجأت القوات العسكرية الاسبانية والفرنسية إلى عقد تحالف مشترك ضد قوات جيش التحرير بالجنوب المغربي، هذا التحالف البغيض الذي سمي في الأدبيات الاستعمارية بعملية المكنسة «إيكوفيون».
وتواصلت هذه الملحمة النضالية في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني بكل عزم وإيمان، حيث تم استرجاع مدينة سيدي افني يوم 30 يونيه 1969م، ثم أهلت على الوطن معجزة القرن العشرين، المسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء في 6 نوفمبر 1975م، التي جسدت عبقرية ملك استطاع بأسلوب سلمي، حضاري وإنساني تعبئة الشعب المغربي قاطبة لاسترجاع الأقاليم الجنوبية إلى الوطن الأب وكان النصر المبين الذي وعد الله به عباده المؤمنين الصابرين، ورفرفت راية الوطن خفاقة في سماء عيون الساقية الحمراء في 28 فبراير 1976م، وبفطنة ويقظة جلالته، تم بحمد الله ومنه وكرمه استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979م في سياق تحقيق الوحدة الترابية واستكمال الاستقلال الوطني.
وعلى ذات المنوال وبنفس العزيمة والإصرار، يواصل جلالة الملك محمد السادس نصره لله حمل مشعل ولواء إعلاء صروح المغرب الجديد وارتقائه في مدارج التقدم والرفعة وترسيخ دولة الحق وسيادة القانون وتوطيد دعائم الديموقراطية وتطوير وتأهيل قدرات المغرب الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.
واليوم، ونحن نحتفي بذكرى هذين الحدثين التاريخيين المجيدين، تتواصل مسيرات البناء والتشييد وإرساء أسس دولة الحق والقانون والديموقراطية والحداثة والحماية الاجتماعية في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والانغمار في مسلسل النماء والتقدم وبناء الإنسان وتنمية أقاليمنا الصحراوية لتصبح قاطرة لتنمية استثمارية، شاملة ومستدامة وورشا مفتوحا لمشاريع تنموية واعدة دامجة ومدمجة من شأنها إرساء نموذج جديد للتنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها وفي كافة المجالات وتعزيز ورش الجهوية المتقدمة.

وفي نهاية الحفل الخطابي تم تكريم 10 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة وهم:
1-المقاوم المرحوم أحمد ارصيض؛
2-المقاوم المرحوم محمد بلالي؛
3-المقاوم المرحوم بوجمعة المعناوي؛
4-المقاوم المرحوم حماد البشير؛
5-المقاوم المرحوم محمد فاضل؛
6-المقاوم المرحوم محمد لهبيل؛
7-المقاوم المرحوم أحمد سويدي؛
8-المقاوم المرحوم السالك نزيه؛
9-المقاوم السيد العلال عبدي؛
10-المقاوم السيد محمد الأمين رقيبي؛
وإلى جانب التكريم المعنوي، حرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين وتعدادها 69 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي قدره 138.000.00 درهم.


الكاتب : العيون : مصطفى الإدريسي تصوير: حكيم مغراوي

  

بتاريخ : 01/02/2024