صحراويون من «اولاد تيدرارين»في زيارة جماعية لأبناء عمومتهم في خنيفرة

تم استقبالهم بالكرم الأمازيغي والاحتفال معهم بإطلاق اسم قبيلتهم على زقاق بآيت إسحاق

على خلفية مشاركة 20 فردا من مختلف الأطياف والميادين، من خنيفرة، خلال نونبر العام الماضي 2022، في القافلة التي تم تنظيمها، تحت يافطة «منظمة جمع شمل الصحراويين الملكيين عبر العالم»، من مدينة خنيفرة نحو إقليمي السمارة والعيون، وفي إطار تبادل الزيارات، حل وفد من قبائل «الأنصار اولاد تيدرارين»، يوم السبت 27 ماي 2023، بإقليم خنيفرة، في صلة للرحم مع من أبناء عمومتهم، انطلاقا من بلدة آيت إسحاق التي كرمتهم بإطلاق اسم»الأنصار اولاد تيدرارين» على إحدى أزقتها، وفق ما تمت المصادقة عليه بالجماعة الترابية لهذه البلدة، قبل ضيافة أفراد الوفد في لقاء حميمي تم خلاله تبادل الكلمات على موائد طبعها الكرم الأمازيغي.
وقد عاشت بلدة آيت إسحاق، بعد زوال اليوم المشار إليه، لحظة استثنائية وفريدة من نوعها، في حضور الوفد الزائر وأعضاء من فرع خنيفرة لـ «منظمة جمع شمل الصحراويين الملكيين عبر العالم» ورئيس الجماعة الترابية لآيت إسحاق، وفاعلين محليين من مشارب وأطياف مختلفة، وعدد من الساكنة المحلية، حيث تم تدشين اسم الزقاق في حفل رسمي، اعتبرها المتتبعون مبادرة عكست بجلاء ارتباط المغاربة بقضيتهم الوطنية وتمسكهم المبدئي بوحدتهم الترابية الممتدة من طنجة إلى الكويرة، دون أن يفوت «ضيوف آيت إسحاق» تقديم تشكراتهم لأهالي هذه البلدة، وأكدوا عمق الأواصر التي تجمع قبائل زيان بقبائل الصحراء، كما بين الثقافة الحسانية بالثقافة الأمازيغية.
وكما لآيت إسحاق عمقها التاريخي بشهادة زاويتها الدلائية الشهيرة، والتي ظلت قبلة للعلم والعلماء طيلة قرن من الزمان، والتي يرجح تاريخ  تأسيسها في الثلث الأخير من القرن العاشر الهجري، على يد أبو بكر الدلائي، فقبائل آيت تيدرارين معروفها هي الأخرى بكونها من أقدم القبائل العربية التي استوطنت منطقة «الساقية الحمراء» و»وادي الذهـب»، وخاصة بموقع «الزريبة» ضواحي «المسيد» على بعد حوالي ثمانين كلم شمال «بوجدور»، وينحدر أهاليها من جد واحد يدعى حنين بن سرحان الأنصاري الخزرجي، وقد أقيمت بهـا مراكـز حضـارية وزوايـا دينية، خاصة بمنطقـة الساحل المحاذي للمحيط الأطلسـي الممتد من شمال إفني حتى انخيلةوأماسـين.
ويذكر أن مدينة خنيفرة، فات لها، خلال شهر أبريل من عام 2010، أن استقبلت قافلة تواصلية «جنوب – شمال»،مكونة من 50 فردا من أفراد قبيلة أولاد تيدرارين، بينهم شيوخ تحديد الهوية ووجهاء القبيلة ومنتخبيها، انتقلوا جميعا إلى مرقد الولي أبي يعزة بمنطقة مولاي بوعزة،تحت شعار «زاوية مولاي بوعزة من معالم التواصل التاريخي والثقافي بين شمال المملكة وجنوبها»، حيث لم يفت المشاركين في القافلة حينها إبراز علاقتهم بأبي يعزة، فيما تم التأكيد خلالها على أن تشبث المتصوفة بالصحراء كان من بين ما قاد محكمة لاهاي إلى الوعي بعلاقة البيعة القائمة بين أبناء الصحراء والسلاطين المغاربة.
وكانت زيارة القافلة (وقتها) لمنطقة مولاي بوعزة مناسبة شارك فيها الباحث ذ. محمد بلحسن بورقة حول «قبائل الصحراء وقبائل زيان، أية علاقة؟»، مستعرضا فيها «تأثير حركة المقاومة في الصحراء على حركة المقاومة بزيان»، ومركزا بالتالي على «تاريخ علاقة أبا يعزة بأهل الصحراء، مستشهدا بباحث أوروبي أشار إلى اكتشاف أثار مولاي بوعزة بقبائل صحراوية، وكيف عُرفت قبيلة تيدرارين في كتب التاريخ بأسماء متعددة، منها أبناء اعز وهو ابويعزى بن إبراهيم بن حنين أو مولاي بوعزة المغربي»، وفي سياق ورقته توقف المتدخل عند «شخصية المجاهد الشيخ أحمد الهيبة الذي نزل بخنيفرة عام 1909 وهو في طريقه إلى فاس».
وسبق للكاتبة جميلة فعراس أن كتبت مقالا تحدثت فيه عن الوطنية الراسخة لأنصار اولاد تيدرارين، بقولها إنهم «طيلة تحكم الاستعمار في الصحراء المغربية بقي أولاد تيدرارين هم أبعد القبائل منه، فلم يلتمسوا نفعا ماديا منه، ولم يمتهنوا العمل معه، ولما تحكم انزووا في الأرض التي يسكنون فيها واشتغلوا بالفلاحة، ومنعوا أولادهم من الدراسة في المدارس التي فتحها المستعمر، ولم تعرف القبيلة رئاسة مستبدة بالسلطة بل كانوا يحكّمون الأعراف و»اجماعة» في أمورهم»، ولعل الجميع سجل توقف وفد «الأنصار اولاد تيدرارين» بقرية لهري، بعد عودتهم من أيت إسحاق، وأخذوا صورا بالمعلمة التي ترمز للمعركة الشهيرة التي عرفتها هذه القرية ضد القوات الاستعمارية.
وارتباطا بالغنى الطبيعي للمغرب، من جنوب رماله إلى متوسط شماله، تقرر مرافقة وفد «الأنصار اولاد تيدرارين» إلى منتجع»أكلمام أزكزا» و»عيون أم الربيع»، مرورا بمنتجع «أجدير» الذي احتضن خطاب أجدير التاريخي يوم 17 أكتوبر 2001، واعتبرفيه الملك محمد السادس الأمازيغية «مكونا أساسيا من مكونات الثقافة المغربية»، مع إعلانه عن إحداث «المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية»، وذلك لاطلاع الوفد على ما يزخر به الإقليم من مؤهلات طبيعية وغابوية ومائية وتنوع بيولوجي، ما وضعه ضمن الوجهات السياحية المفضلة بالمملكة، ذلك كرد الجميل لما قام به أهل الصحراء من حسن الضيافة والتجوال على شرف القافلة التي زارتهم من خنيفرة.
وتميزت المناسبة بإنجاح عملية صلح بين بعض أبناء القبيلة الواحدة، وعلى هامش مأدبة غذاء أقيمت على شرف الحاضرين بـ «المأوى السياحي اسراطي» جرى تسليم شهادتي شكر وعرفان إلى رئيس فرع خنيفرة لـ «منظمة جمع شمل الصحراويين الملكيين عبر العالم»، ونائبه، بعث بهما أعضاء «رابطة أولاد سليمان الأنصار للتنمية والتواصل» و»جمعية حنين بن سرحان للتنمية والثقافة والبيئة بالعيون» كعربون محبة من هاتين الجمعيتين، وفي مقابل ذلك سلمت «منظمة جمع شمل الصحراويين الملكيين عبر العالم» شهادات تقديرية لضيوفهم وأبناء عمومتهم، قبل لحظة الوداع المتوجة بوعود أسست لمواصلة التواصل وتبادل الزيارات.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 05/06/2023