جفاف خطير يضرب معظم سدود المغرب ويحول بحيراتها الزرقاء إلى أراض قاحلة

المسيرة
الذي كان يروي حقول دكالة ويزود البيضاء والجديدة وآسفي واليوسفية وبرشيد وسطات ومراكش..
«خارج الخدمة»

تسبب الانخفاض الواضح في التساقطات المطرية، خلال العام الجاري، في تراجع خطير لمخزون السدود الرئيسية بالمملكة والتي لم تعد نسبة ملئها تتعدى 25 %، معرضة هي الأخرى لمزيد من التناقص نتيجة موجات الحرارة التي مازالت متواصلة في عز الخريف.
وإلى حدود أول أمس الأربعاء 2 نونبر 2022، هبطت نسبة الملء في سدود المملكة من 36 % خلال نونبر من العام الماضي إلى 24.8 % حاليا، ويعزى هذا التراجع في مستوى مياه السدود إلى الانخفاض الكبير في حجم التساقطات المطرية هذا العام، حيث تأخرت الأمطار للعام الثاني على التوالي ما جعل المخزون المائي للبلاد يهبط إلى مستويات قياسية .
وتفيد آخر إحصائيات قطاع الماء بوزارة التجهيز حول وضعية السدود يوم 2 نونبر 2022، أن سدود المملكة التي تفوق سعتها الإجمالية 16 مليار متر مكعب سجلت حتى الآن حقينة تناهز 4 مليار متر مكعب، عوض 5.7 ملايير متر مكعب المسجلة خلال نفس التاريخ من السنة الماضية.
ويتوفر المغرب حاليا على حوالي 145 سدا كبيرا، و250 سدا صغيرا، وتتفاوت نسبة الملء داخل هذه السدود حسب موقعها الجغرافي، فبينما تعرف بضعة سدود واقعة على الأنهار الكبرى وفي المناطق المطيرة نسبة ملء أقل من المتوسطة، كما هو الحال بسد وادي المخازن بالقصر الكبير، والذي تراجعت نسبة ملئه لتصل إلى 44 في المائة، عوض 68 % خلال نفس الفترة من العام الماضي، وسد الوحدة بتاونات، وهو أكبر سد في المغرب، والذي وصلت حقينته إلى حدود أمس لنحو 41.6 %، عوض 60 %في هذه الفترة من العام الماضي، وسد النخلة بتطوان 47 %، وسد شفشاون 87 %.. تعاني السدود الواقعة في وسط وجنوب المملكة من تراجع خطير في مخزونها المائي كما هو الحال بالنسبة لسد بين الويدان بإقليم أزيلال، الذي نزلت حقينته إلى 8 % علما بأن هذا السد كان يتوفر على بحيرة عملاقة يصل عمقها في بعض النقط إلى 120 مترا، ونفس التدهور عرفه مخزون سد المسيرة، وهو ثاني أكبر سد بالمغرب، الواقع في إقليم سطات حيث هبط معدل ملئه إلى 7.1 %، علما أن هذا السد يؤمن المياه لساكنة تبلغ حاجياتها 235 مليون متر مكعب والتي تقطن بالدار البيضاء الجنوبية والجديدة وآسفي وسيدي بنور واليوسفية وبرشيد وسطات ومراكش وبن جرير.
أما سد ابن بطوطة الذي يؤمن حاجيات ساكنة طنجة ونواحيها فلم يعد يضم سوى 6.5 في المائة من قدرته التخزينية، ونفس الأمر ينطبق على سد الحاشف المسمى (9 أبريل 1947) والذي تتم الاستعانة بمياهه لتزويد طنجة والنواحي، حيث لم تعد حقينته تتعدى%12 ،
وفي ميدلت، أصبح الجفاف يخيم على سد الحسن الثاني الواقع على نهر ملوية، إذ لم يعد مخزونه يتعدى 10 % من طاقته الفعلية. ولم يعد سكان مدينتي وجدة وتاوريرت في مأمن من عواقب نضوب مياه سد محمد الخامس الذي تدهورت حقينته إلى أقل من 26 في المائة%. ونفس الواقع ينسحب على سد تمالوت بجماعة تونفيت (إقليم ميدلت) والذي نزلت نسبة ملئه إلى 16 % وبإقليم تاونات، هبطت نسبة الملء في سد إدريس الأول الواقع على أحد فروع نهر سبو، إلى 21.8 % عوض 45 % مثل هذا اليوم من العام الماضي. وعلى نفس إيقاع التنازل، هبطت نسبة ملء سد القنصرة بالخميسات ( وهو أقدم سد بني في المغرب 1927) إلى مستوى تاريخي مسجلة 28 في المائة.
وفي دمنات هبط مخزون سد الحسن الأول إلى 12.5 %، ما بات يهدد مستقبل عشرات الآلاف من المزارعين الذين طالما اعتمدوا على مياهه التي كانت تروي 40 ألف هكتار ضمنها 99 ألف فدان من الأراضي الزراعية. وبزاوية الشيخ يعاني سد احمد الحنصالي، الذي يعد من أهم السدود الواقعة على نهر أم الربيع، من جفاف حقيقي قلص مخزونه إلى 10 % من طاقته، وهي تقريبا نفس نسبة الملء المسجلة بحقينة سد مولاي يوسف الواقع على مجرى وادي تساوت بإقليم الحوز، (11 %).
وبينما شكلت السدود، عبر عقود، صمام أمان للمغرب الذي يعتمد اقتصاده على الموارد المائية بشكل كبير، أصبحت هذه الأخيرة تتناقص عاما بعد عام، بفعل التقلبات المناخية، حتى أصبحت المملكة اليوم في وضعية حرجة دقت ناقوس الخطر بشأنها العديد من المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية.
ولمواجهة هذه الأزمة المائية، بادر المغرب إلى وضع برنامج الأولويات الوطنية لتوفير مياه الشرب والري 2020-2027. والذي يغطي كافة مناطق المملكة. ويتعلق الأمر بتحسين إمدادات المياه، ولاسيما من خلال بناء السدود وإدارة الطلب على المياه، وخاصة في القطاع الزراعي، وتعزيز إمدادات مياه الشرب في المناطق القروية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في ري المساحات الخضراء والتواصل والتوعية بهدف تعزيز الوعي المرتبط بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها. وقد أعطى الملك تعليماته السامية لتنفيذ هذا البرنامج الذي ستبلغ كلفته الإجمالية 115 مليار درهم. وبشكل ملموس، يهدف البرنامج إلى تعزيز الإمكانات الوطنية من خلال بناء 20 سدا كبيرا بسعة 5.38 مليار متر مكعب. بالإضافة إلى السدود الصغيرة والسدود التلية، نظرا لما لها من أهمية خصوصا بالنسبة لسكان المناطق الجبلية والقروية البعيدة ودورها في تعبئة المياه المحلية الناتجة عن الأمطار الغزيرة المؤقتة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 03/11/2022