دعوا لأن تكون الصحة فوق كل منطق مادي وتنافس ربحي

دواء «ليفوتيروكس» يختفي مرّة أخرى من الصيدليات ويهدّد المرضى بتداعيات صحية عضويا ونفسيا

 

يواصل دواء «ليفوتيروكس»، الذي يوصف للمرضى المصابين بمرض الغدة الدرقية، خمولا أو إفراطا، الاختفاء عن رفوف الصيدليات متسببا في أزمة كبيرة بالنسبة لهؤلاء المرضى، الذين يعتبر هذا الدواء حيويا لهم، لأن الأمر يتعلق بمرض مزمن يحتاج إلى ضمان نوع من التوازن في أداء الغدة الدرقية حتى لا يختلّ أداء عدد من وظائف الجسم المرتبطة بطبيعة أدائها.
وضعية ترخي بظلالها مرة أخرى على المرضى، الذين وجد عدد كبير منهم أنفسهم يجوبون الصيدليات من جديد، في تكرار لمشاهد وسيناريوهات سابقة عاشوها مرات ومرات بسبب اختفاء هذا الدواء، وهو ما كانت «الاتحاد الاشتراكي» قد نبّهت إليه في شهر شتنبر الفارط، نموذجا، لكن لم يكن هناك أي تدخل لتفادي الخصاص. وتردّد عدد من المرضى على أكثر من صيدلية خلال الأيام الأخيرة بحثا عن الدواء النادر، حتى أصبح طلبهم له بمثابة «الاستجداء»، خوفا من أن يعيشوا وضعية صحية متدهورة خبروا تفاصيلها سابقا، إذ يضطرب أداء الجسم وخلاياه، فيعيش المعنيون حالة من القلق والاكتئاب ويؤدي الأمر إلى تساقط الشعر وغيرها من التفاصيل المرضية الأخرى، التي تتخذ أشكالا عضوية ونفسية على حد سواء.
اختفاء «ليفوتيروكس» الذي تتكرر فصوله، في غياب أي إشعار، بات أمرا يبعث على الإزعاج والقلق، لأن فيه تهديدا للأمن الصحي لفئة ليست بالهيّنة من المرضى، خاصة في ظل عدم توفر أي منتوج جنيس لهذا الدواء، بحكم أن البعض لا يرى فيه منتوجا مدرا للربح، في الوقت الذي تؤكد فيه اللوائح المنظمة لتدبير الأدوية على ضرورة توفر مخزون لتأمين احتياجات السوق الدوائية لمدة 3 أشهر، الأمر الذي يتبين على أنه لا يتم احترامه، إذ تتكرر نفس الأزمة مرات ومرات، التي يجد المرضى أنفسهم تحت رحمتها، فمنهم من يتجه لأقاربه وأصدقائه لجلب الدواء من دولة أخرى، ومنهم من يطرق أبواب صيدليات عدّة، في الوقت الذي لا يجد فيه الصيادلة جوابا يقدمونه للمرضى بخصوص هذا الانقطاع الذي بات قاعدة وليس استثناء.
وناشد عدد من المرضى، في تصريحاتهم لـ «الاتحاد الاشتراكي»، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للتدخل والعمل على التخفيف من محنتهم والحرص على توفير هذا الدواء بشكل مستمر، مشددين على أن زمن تعميم التغطية الصحية وتحقيق السيادة الدوائية وإحداث هيئات صحية مختلفة، لم يعد مقبولا فيه اختفاء دواء معين أو الاستمرار في التعامل مع إنتاج الأدوية بمنطق الربح المادي على حساب صحة وسلامة فئة من المواطنين، مشددين على أن صحة المجتمع يجب أن تكون فوق كل تنافس ربحي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 06/12/2022