رشيد منسوم يفتح نوافذ الكتابة

كان بوسع النافذة أن تتجنب فتنة الأفق وتتحاشى سؤال المصير (هل هذه العربات التي تجري في رأسي تحمل الغيوم؟)، وتكف عن كتابة هذا النص إلى نهايته من دون أن تقترح خيارات العودة. لو لم يتحامل القطار على دهشة النافذة، ويقفز من علو شاهق في اتجاه السديم، كان من الممكن أن يلتفت القطار إلى الوراء كي يتأكد من غرابة ما يحدث له
كما يفعل الراسخون في السراب،
كما يفعل الواثقون في الماء
كما يفعل الغرقى العائدون من قمر حزين.
أجمل ما يفعله القطار أنه يتحاشى الالتفات إلى الوراء.
الكتابة أيضا تفعل ذلك.
للكتابة مهمة النوافذ في القطار.
إنها تسند الذاكرة، تحمي الدهشة من الانهيار، وتنسج الكائن نسيانا هناك حيث الحاضر يسرق المستقبل والعابر الأبدي. هناك حيث الأشياء تستعيد رغبتها في الطيران. ففي الكتابة كما في قطار الغرباء كل شيء يستأنف لعبة الركض خلف المصائر، الأشجار
والريح
والغيوم
والجبال.
الكتابة حالة اختطاف العالم
في مهب لحظة تشظيه السحري.
نوافذ القطار أيضا تفعل ذلك.


بتاريخ : 04/10/2021