سفاحون في مواجهة جرائم استثنائية (1) .. شريط سينمائي يقود مصطفى متشوق الى احتراف اختطاف الاطفال

 

سيبحر معنا القارئ من خلال هاته الحلقات في ملفات تتسم بالرعب جراء أفعال إجرامية قام بها متهمون أدانهم القضاء نهائيا بأحكام تتراوح مابين الإعدام والسجن المؤبد حيث ارتبطت أسماؤهم بملفات كبيرة مرتبطة أساسا بعالم الجريمة وتفننوا في ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة بوعي منهم أو بدون وعي إلى أن تحولوا إلى كوابيس مزعجة بالنسبة للمواطنين ورجال الأمن.منهم من ظل لسنوات بعيدا عن أعين الامن التي كانت تترصده فيما آخرون وقعوا كما تقع الطيور على أشكالها مباشرة بعد ارتكابهم لفعلهم الجرمي أو في مسرح الجريمة
الاتحاد الاشتراكي تفتح اليوم تفاصيل هذه الجرائم فإنها تبقى مجرد قضايا من مجموعة ملفات عرفتها المحاكم المغربية منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.. فيما تاريخ العدالة المغربية مليء بالقضايا المشابهة وبأعداد كبيرة، إلا أن القضايا التي أخترناه اليوم تعتبر مثيرة شدت إليها انتباه الرأي العام الوطني، كما عرفت نقاشا وجدالا واسعا من طرف الإخصائيين وعلماء الاجتماع وعلماء الجريمة.. فيما ظلت تفاصيلها راسخة في عقول العديد من الضحايا وعائلاتهم..
لم يكن مصطفى متشوق أو بداوي كما اختار من الأسماء مباشرة بعد مغادرته السجن الفلاحي العدير بعد أن قضى ثلاثة سنوات سجنا نافذا من أجل السرقة.
طفل شقي انحرف مباشرة بعد وفاة والده وغادر فصول المدرسة ليحترف السرقات الصغرى التي ستقوده إلى احتراف اختطاف الأطفال وقتلهم قبل المطالبة بالفدية والتي ستقوده إلى كتيبة الإعدام. فخلال النصف الثاني من السبعينيات، خيم شبح مصطفى متشوق على البيضاء  أرهبها وجعل الرعب رفيقا دائما منغرسا في قلوب الأمهات والآباء والأطفال.
ملفه حول المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء، أثناء عرضه على غرفة الجنايات بها، خلال شهر فبراير من سنة 1978، إلى محج للجموع الغفيرة التي لم يسبق لها مثيل في أي محاكمة جنائية، مساء يوم الجمعة 24 فبراير 1978، حيث أصدرت هيئة غرفة الجنايات حكمها في ملف متشوق وزيناني المتابعين بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، وتكوين عصابة مجرمين لاختطاف الأطفال، مع نيل فديات مالية من ذويهم قبل قتلهم، ومحاولة قتل رجل شرطة وأحد أفراد القوات المساعدة. لم تتردد الهيئة التي كان يرأسها القاضي حمو مستور، بعد المداولة، في الحكم بالإعدام على سفاح الأطفال وشريكه مع رفض ظروف التخفيف.
بعد مشاهدتهما لفيلم في أوائل سنة 1977، كانت أحداثه تتناول اختطاف ابن ضابط شرطة من طرف عصابة مختصة في تهريب المخدرات، لإرغامه على إطلاق سراح زملائهم المعتقلين، راودت فكرة اختطاف الأطفال وقتلهم ومطالبة عائلتهم بفدية متشوق، حيث تكلف بعملية الاختطاف عن طريق الاستدراج، ثم التفاوض مع أهل المختطف والحصول على الفدية، بينما تولى زيناني مساعدته في عملية القتل، وإلقاء الجثة في البئر.
هكذا، وبعد حوالي عشرين يوما من تتبع الأطفال بحي الأندلس، استقر اختيار متشوق على الطفل صابر عبد الرحيم، بعدما حصل على بعض المعلومات من طفل آخر حول مهنة وممتلكات أبيه كسب ثقته وانصرف، أخبر متشوق مشاركه بنجاح الخطوة الأولى، وفي الغد، أي يوم 17 مارس 1977، توجها لاختطاف الطفل وذهب متشوق لانتظاره بباب منزله، وترك رفيقه زيناني في انتظاره بالقرب من جامع عين الشق. شاهدت فتيحة، ابنة عم عبد الرحيم، الطفل صحبة الرجل الذي وصفته بكونه «أسمر اللون ويرتدي بلوزة زرقاء»، اندهشت، لكن الصغير، ببراءة ، بدد شكوك ابنة عمه، إذ قال لها إنه يعرف الرجل وأنه سيدله على متجر الأب.
وبعدما تناولا الخمر وحلت الساعة العاشرة ليلا أخذاه إلى البئر، نزعا ثيابه وألقيا به على بطنه أرضا، عصبا عينيه ووضعا ربطة العنق حول عنقه، وسحب كل منهما إلى جهته طرفي الربطة، إلى أن لفظ عبد الرحيم أنفاسه، فألقيا به في البئر عاريا بعدما نزعا الربطة من عنقه.
في اليوم التالي، شرع متشوق في الاتصال بأهله، فأرسل لأب الضحية رسالة أولى يخبره فيها بأن الطفل مختطف، ثم اتصل به هاتفيا ليؤكد له ذلك قبل أن يوجه إليه رسالتين، الأولى من الرباط والثانية من الدار البيضاء، أوضح في هذه الأخيرة قدر الفدية المحددة في عشرة ألاف درهم، ومكان تسليمها الذي كان بالقرب من محل لبيع العقاقير، وتاريخ التسليم، وأوصاف الشخص الذي سيتولى تسلم الفدية. وقبل ذلك هيأ متشوق الطفل مبارك، الذي كان في الخامسة عشرة من عمره، كي ينجز مهمة أخذ الفدية من والد صابر، وتسليمها له٠


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 16/07/2020