عبد الرحيم الراشيدي، رئيس الجمعية المغربية لضباط الصحة العاملين بنقط العبور لـ «الاتحاد الاشتراكي»

ضباط الصحة .. تجنّد دائم لحماية الصحة العامة بنقط العبور

 

تمكنت المصالح الصحية بميناء طنجة المتوسطي قبل أيام من اكتشاف وتسجيل أول حالة مؤكدة للإصابة بالسلالة المتحورة من فيروس كوفيد 19 ببلادنا، دون أن تظهر على المصاب أية أعراض، وذلك بفضل إجراءات المراقبة المتخذة ومساطر اليقظة المتبعة في النقاط والمعابر الحدودية من طرف ضباط الصحة، الذين يقومون بأدوار بالغة الأهمية للحفاظ على الصحة العامة والتقيد بمضامين اللوائح الصحية الدولية، دون أن يكون الكثير من الناس على علم بهذه المهام الجسام والمشرفين عليها.
«الاتحاد الاشتراكي» ومن أجل التعرف أكثر على هذه الفئة من مهنيي الصحة، وبغاية الاطلاع على مهامها ومجالات تدخلاتها، أجرت الحوار التالي مع عبد الرحيم الراشيدي، رئيس الجمعية المغربية لضباط الصحة العاملين بنقط العبور، ورئيس مصلحة المراقبة الصحية بميناء طنجة المتوسطي، ومنسق المراقبة بالحدود بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

 

من هم ضباط الصحة والقانون المؤطر لتدخلاتهم وكم هو عدد النقاط الحدودية التي يشتغلون بها؟

يتوفر المغرب على 13 معبرا بحريا و 10 مطارات جوية إضافة إلى معبرين بريين، هذه النقط الحدودية هي مصنّفة من طرف منظمة الصحة العالمية كنقاط عبور تتوفر على جميع المؤهلات والصلاحيات لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية المطبق في بلادنا بظهير شريف لسنة 2009 ، لبلوغ الأهداف المسطّرة المتمثلة في حماية الأمن الصحي وضمان السلامة الصحية في جميع الدول الموقّعة عليه، وبالتالي المساهمة في حماية السلامة الصحية الدولية في جميع دول العالم.
وعليه فإن أية باخرة أو طائرة أو وسيلة نقل عابرة للحدود قد تشكل خطرا على الصحة العامة أو الصحة الدولية، تجيز للدول الموقّعة على اتفاقية القانون الدولي للصحة اتخاذ كل الإجراءات الصحية اللازمة في هذا الإطار، من أجل الحد من انتشار أي وباء أو كل ما يشكل تهديدا للصحة العامة والدولية، إلى جانب المساهمة في حماية البيئة والوسط البيئي وغيرها من الأهداف المسطّرة في هذا الباب.
هذه اللوائح الصحية الدولية وكما أشرت، معترف بها عالميا، وتطبق في المغرب بناء على ظهير شريف ومراسيم ودورية وزارية، ويقوم بتنفيذ الأمر موظفون وأطر وزارة الصحة بجميع تشكيلاتهم حسب مستوى وحاجيات أية نقطة حدودية، ويتعلق الأمر بضباط الصحة منهم أطباء وممرضون وتقنيو صحة البيئة محلّفون أمام المحاكم الوطنية، ويحملون أثناء مزاولة مهامهم الرسمية زيا مهنيا موحدا، ويمنحهم القانون الحق في تطبيق المقتضيات الوطنية والدولية في هذا الشأن.

 متى تم الشروع في تطبيق هذا القانون على أرض المغرب؟

إن بلادنا تعتز بكونها تتوفر على نظام مؤسساتي في مجال المراقبة الصحية على الحدود، كما تعتبر من أوائل الدول التي عرفت تأسيس المصالح المختصة بهذه العملية على الحدود، وقد كانت البداية من ميناء طنجة المدينة سنة 1842 ثم ميناء الدارالبيضاء حوالي 1912 ثم باقي المعابر الحدودية المختلفة. وقد تطورت هذه المراقبة مع وضع أول لوائح الصحة الدولية من طرف منظمة الصحة العالمية سنة 1951 التي صادق المغرب عليها إلى جانب مصادقته على التعديلات التي طرأت على هذه اللوائح سنتي 1969 و 2005.

كم يبلغ عدد ضباط الصحة في بلادنا وما هي بعض صور المهام التي يضطلعون بها؟

يقوم ما يفوق 120 ضابطا للصحة قارين، وموزعين على النقاط الحدودية المختلفة للمملكة الجوية منها والبحرية وكذا البرية بكل من بني أنصار والكركرات بمهامهم بكل تفانٍ على مدار الساعة، للحيلولة دون نقل الأمراض، وخاصة الأوبئة في ظرف زمني وجيز، في ظل المتغيرات العالمية التي تتميز بالسرعة وهو ما يستوجب مواكبة ذلك ومراقبة تحرك المسافرين ووسائل النقل وتطبيق القوانين الوطنية المؤطرة إلى جانب القانون الدولي للصحة لحماية الحدود والصحة العامة.
وتتعدد صور التدخلات والمهام التي يتم القيام بها، كما هو الحال بالنسبة للتعامل مع المركبات المختلفة والسفن والطائرات، حيث يقوم ربان الباخرة خلال هذه الجائحة الوبائية نموذجا، بإرسال جميع الوثائق الصحية والبيانات التي تخص الركاب والمسافرين والطاقم قبل رسو السفينة في الميناء، من جوازات وتعريف بالدولة وتأكيد للحالة الصحية على متنها، ونتائج اختبارات الكشف بتقنية RT-PCR، وما إلى ذلك عبر البريد الإلكتروني، ويقوم ضابط الصحة بالتنسيق مع قبطانية الميناء بالتأكد مع طبيب السفينة وقبطانها من كافة المعطيات قبل منحها الإذن الدولي بالرسو وإنزال العلم الأصفر بعد التأكد من خلو السفينة من كل ما قد يهدد الصحة العامة.
وتقوم مصالحنا إلى جانب ذلك بمراقبة مباشرة على متن السفينة من خلال معاينة مشفى الباخرة، والأدوية المتوفرة فيه والمستلزمات الطبية وكل ما يخص التدخل الاستعجالي للوقوف على توفره من عدمه، والاطلاع على الكتاب الطبي، وعدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم وطبيعة الأعراض التي كانوا يعانون منها.
ويشمل التفتيش مطبخ الباخرة ومخزن المواد الغذائية وطريقة تخزينها وحفظها وتجميدها، ومستوى التعقيم وظروف وشروط العمل بها، إلى جانب غرف النوم، والتهوية، وطريقة التنظيف، ومكان جلوس المسافرين بالباحات ومدى استجابتها للمعايير المعمول بها، وغيرها من مجالات التدخل التي يقوم بها ضباط الصحة في هذا الإطار.

 تتبع الرأي العام الوطني كيف قمتم باكتشاف أول حالة للإصابة بالسلالة المتحورة لكوفيد 19، فكيف تأتّى لكم ذلك خاصة وأن المعني بالأمر لم تكن تظهر عليه أية أعراض؟

إن ضباط الصحة هم أطر طبية وشبه طبية، مع تكوين إضافي في مجال المراقبة الصحية والتفتيش وتنفيذ القانون الدولي للصحة، والتكوين الذي يتلقونه يسمح لهم بالتحلي بالحدس وسرعة البديهة للتعامل مع الحالات الاستعجالية وتدبير الأزمة، وفي هذا الإطار، وعلى سبيل المقال، فقد تمت المصادقة خلال السنة الفارطة على البرامج الصحية الاستعجالية بكل نقط العبور الدولية في ارتباط بباقي المصالح الأخرى المختصة والمعنية بنفس الهدف.
وبخصوص الحالة المكتشفة، فإن عملية المراقبة والتتبع تتم بكل مسؤولية وجدية كما هو الحال دائما، وخاصة مع ظهور أي طارئ من طوارئ الصحة العمومية التي قد تمثل قلقا دوليا كما هو الحال بالنسبة لجائحة كوفيد-19، وكذا خلال الآونة الأخيرة بعد ظهور السلالة المتحورة ببريطانيا وعدد من الدول الأخرى، حيث يتم الحرص على التأكد من الوضعية الصحية للبواخر القادمة من هذه الوجهات، علما بأن تلك القادمة من ميناء سيت ومارسيليا الفرنسيين وجنوة الإيطالي، تتوفر على مختبرات متطورة ومجهزة من طرف وزارة الصحة، ومتى كانت هناك حالة مشتبه بها يتعين إخضاعها لاختبار الكشف بـ RT-PCR، والمرور إلى تطبيق اللوائح الصحية الدولية والبروتوكول الوطني في هذا الشأن مع إخضاع جميع المتواجدين على السفينة للاختبارات بتنسيق مع النقطة المحورية لوزارة الصحة.
خطوات تم القيام بها بالنسبة للحالة المكتشفة، إذ كان من المفروض رسوّ السفينة بالميناء في الساعة السابعة صباحا، لكن مصلحتنا طلبت التريث إلى حين إخضاع جميع من على متنها للاختبارات، وهو ما تم القيام به ولم يتم السماح بذلك إلا في الرابعة بعد الزوال، حيث تم عزل المريض الذي تم نقله لاحقا على متن سيارة إسعاف خاصة ومجهزة في إطار التعامل مع مثل هذه الحالات.

 تترأسون جمعية ضباط الصحة العاملين بنقط العبور، فمتى تأسست وما هي أهدافها؟

لقد تأسست الجمعية المغربية لضباط الصحة العاملين بنقط العبور سنة 2018 من طرف المهنيين في هذا الميدان تماشيا مع القوانين المغربية المنظمة للجمعيات. وبهذه المناسبة فإني أريد أن أنتهز هذه الفرصة لكي أشكر المدير السابق لمديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض البروفيسور عبد الرحمان المعروفي وكذا الأخ عبد العزيز برقية، مسؤول سابق للمراقبة الصحية بنقط العبور على الصعيد الوطني اللذين ساهما مساهمة فعالة في إنشاء جمعيتنا التي تتلخص أهدافها في دعم المصالح المهنية لضباط الصحة العاملين بالقطاع العمومي، والمساهمة في التحسيس والتكوين المستمر للمنخرطين وفي تحسين جودة الأنشطة المهنية، إضافة إلى تنمية وتطوير علوم وتقنيات المراقبة الصحية على الحدود للرقي بالمراقبة الصحية، فضلا عن المساهمة في الأنشطة الوطنية والدولية المتعلقة بالمراقبة الصحية على الحدود والمحافظة على صحة البيئة والتنسيق والتعاون في هذا الإطار مع الوزارة الوصية والقطاعات الحكومية وغير الحكومية وكذا المنظمات الوطنية و الدولية ذات الاهتمام المشترك.
وبما أن الهدف الأساسي لجمعيتنا هو تطوير قدرات العمل وكذا مهارات ضباط الصحة، فتجدر الإشارة إلى أنه سبق أن نظمنا الكثير من الأنشطة، من أهمها المشاركة مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية في بلورة ورشة تكوينية حول طريقة تفتيش السفن وإصدار شهادات مراقبتها والإصحاح لها التي نظمت بداية أكتوبر 2019 بميناء طنجة المتوسطي، كما أنه ومنذ ظهور جائحة كوفيد 19، راجعنا برنامج الجمعية حتى نخصص أنشطتنا للمساهمة الفعلية في مواجهتها، علما بأننا سننظم المناظرة الوطنية الأولى للمراقبة الصحية على الحدود قريبا إن شاء الله.

 ختاما، ما هي الرسالة التي ترغبون في توجيهها إلى القراء؟

أؤكد على ضرورة الاعتزاز بالمجهودات والعمل الجبار الذي يقوم به ضباط الصحة أينما تواجدوا، هذا العمل الذي سيتواصل بكل مسؤولية والتزام للقيام بالواجب الوطني والمهني على أكمل وجه، وبما أننا نتحدث في زمن الجائحة، وتزامنا مع بداية الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كوفيد 19 التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، فإنني أدعو جميع المواطنات والمواطنين إلى تلقيح أنفسهم لأن اللقاح هو السبيل الأنجع للخروج من الجائحة، فهو ينقذ فعلا حياة الملايين من الأشخاص ويمكّن من تحقيق المناعة الجماعية المطلوبة. كما أدعو المواطنين لمتابعة التقيد الفعلي بالتدابير الوقائية والإجراءات الحاجزية لاسيما نظافة اليدين ووضع الكمامة والتباعد الجسدي.

 

 


الكاتب : حاوره: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 01/02/2021

أخبار مرتبطة

      الكاتب الاول للحزب إدريس لشكر : الحكومة لها خلط مابين اهداف الحوار الاجتماعي والمقايضة بملفات اجتماعية مصيرية

السفير الفلسطيني: ندعو إلى دعم السلطة الفلسطينية وإلى مزيد من التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يقاوم بصمود منقطع النظير نعيمة

إن ما تحفل به هذه القاعدة الحاشدة من حضور شبابي تتمتع ملامحه بالثقة والأمل في مستقبل زاهر للبلاد والعباد، وتفرز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *