فنانون وجها لوجه مع الملك 6- لطيفة رأفت: الحسن الثاني نصحني بتسجيل أغنية أش داني ومغيارة و ثناء محمد السادس جعلني أتراجع عن الاعتزال

هناك أحداث كثيرة ومواقف متعددة ،وذكريات تراكمت على مر السنين، منها ما تآكل مع مرور الزمن، ومنها ما استوطن في المنطقة الضبابية من الذاكرة، لكن تبقى هناك ذكريات ومواقف وصور ،عصية على الاندثار والمحو ،لأنها بكا بساطة ،كان لها في حينه ،وقع في النفس البشرية، ليمتد هذا الوقع إلى القادم من الأيام من حياة الإنسان.
في هذه الرحلة، ننبش في ذاكرة كوكبة من الفنانين ،حيث منحتهم إبداعاتهم ، تذكرة الدخول إلى قلوب الناس بدون استئذان، وهي إبداعات فنية ، استحقت كل التقدير والاحترام والتنويه داخل المغرب وخارجه، كما استحق أصحابها الاحتفاء بهم ، ويجدوا أنفسهم وجها لوجه مع ملك البلاد.
هنا نستحضر، ونسترجع بعضا من ذكريات هؤلاء الفنانين المبدعين مع ملوك المغرب ، بعدما صنعوا أسماءهم بالجد والاجتهاد والعطاءات الثرية كما وكيفا، واستطاعوا فرضها في ساحة تعج بالنجوم .

 

الفنانة لطيفة رأفت، فنانة اختارت الأغنية المغربية هوية لها ،دون غيرها، ولم يغرها سحر الشرق، رغم أنها كانت تعرف أن هذه الطريق تضمن لاسمها الانتشار في وقت قياسي، وكسب الثروة أيضآ، حتى وهي مدعوة خارج أرض الوطن، تصر على أداء الأغنية المغربية، لأنها مؤمنة بها ،ومتشبعة بهويتها ، تماما كما تقول في إحدى أغنياتها الجميلة
«مغيارة ويلا قالو مغيارة
و هذا طبعي واش ندير
الغيرة فيها لذة و مرارة
للعاشقين هي أجمل تعذيب
المحبة بلا بها غير خسارة
و انا بعدا عندي علاش نغير
مغيارة و ما عندي علاش نخبي
و بالغيرة تعلمت شروط الحب
الغيرة اختبار لدقات قلبي
و لي ما يغير ما يعرفش يحب»
هذا الاختيار جاء عن قناعة، وعن مبدأ لن تحيد عنه، وكان منذ البداية. حلما لها ،والهدف كما تقول ،هو خدمة الأغنية المغربية لتكون في الأوج، والحمد لله هي كذلك اليوم، كما يتبث الواقع، ويكفي أن فنانين عرب يطمحون إلى أداء الأغنية المغربية، كما أن الحفلات التي تتم خارج أرض الوطن، تحرص فيها لطيفة رأفت على أداء الأغنية المغربية في المقام الأول.
ألقاب عديدة، لقبت بها الفنانة المغربية لطيفة رأفت، فقد لقبت بشحرورة المغرب العربي وأفريقيا وأيضا الوطن العربي والديفا ،كل هذه الألقاب لم تهز قناعة لطيفة المغربية التي أعطت الشيء الكثير للمجال الفني وسافرت بالأغنية المغربية خارج الحدود، وفضلت، رغم كل الإغراءات التي تضمنها الهجرة من الأضواء والمال، أن تبقى وفية للوطن ولهويتها.. حتى الزي المغربي تحرص على ارتدائه في كل الحفلات، وهي تغني لجماهيرها الواسعة، كما تقول بتوصية ونصيحة من الراحل الملك الحسن الثاني.
لطيفة رأفت، كانت مدللة الملك الحسن الثاني ، وهو وصف تفتخر به ، فصوتها جعلها تلج إلى القصر الملكي مرات عديدة، وتقابل بمعية فنانين آخرين ملك البلاد، وفي هذا السياق، تقول الفنانة لطيفة رأفت،
كان الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، فنانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو من جعلني أعتز بمغربيتي، إذ كنت منبهرة بالقصر الملكي، وبالطقوس هناك، سواء من حيث الشكل أو البروتوكول، الذي هو مثار إعجاب حتى خارج المغرب، ومنذ صغري وأنا أعيش هذه الطقوس، سواء في الاحتفالات أو الأعراس أو الأعياد، فالطقوس المغربية هناك على «حقها وطريقها» وتعبر عن التفرد المغربي في هذا المجال. «هاذ التمغربيت كبرت فيا من الصغر وكنت مقدرة لدى جلالته، بحكم حبي لبلادي وأي مواطن هو كذلك».
تتذكر لطيفة رأفت ،وتقول إن جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، نصحني بتسجل أغنية “أش داني “، حينما أديتها لأول مرة أمام جلالته، وكذلك الأمر بالنسبة لأغنية “مغيارة” ،كما نصحني بضرورة تعلم الحركات الإسبانية، وكذلك الأمر بالنسبة للإيقاعات، ولن أنسى نصيحته بالارتداء اللباس المغربي، حيث قال لي : “بغيت نبقى نشوفك باللباس المغربي”،وسأبقى وفية لذلك.
علاقة لطيفة رأفت كفنانة بالملك الراحل الحسن الثاني، امتدت أيضا إلى الملك محمد السادس، وتكشف أن جلالة الملك محمد السادس اتصل بها بعد وفاة أخيها جواد ،رحمة الله عليه، حيث أشاد بمكانة لطيفة ،وهي الفترة التي كانت تمر فيها من أزمة نفسية بسبب هذا الرزء الفادح، حيث كانت تفكر في الاعتزال، الذي يبقى كما تقول من حريتها الشخصية، ويبقى أيضا قرارا شخصيا، لكن جلالة الملك محمد السادس، تقول الفنانة لطيفة رأفت، لا يفرض أي شيء علينا، كما هو الشأن بالنسبة للمرحوم الملك الحسن الثاني، لكن كنصيحة من جلالته، توضح لطيفة رأفت، قال لي إنني مازالت قادرة على إعطاء الكثير للمغرب وللأغنية المغربية.
وتضيف أن جلالة الملك محمد السادس لا يقل خبرة فنية عن والده، ووفي أيضاً للفنانين والرياضيين، وحنون جدا.وأهم شيء لن أنساه أبدا، هو اتصاله بي وأنا مريضة للإطمئنان على صحتي.


الكاتب : إعداد : جلال كندالي

  

بتاريخ : 29/03/2023