في تقرير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. . العنف اللفظي والجسدي يؤثث مؤسساتنا التعليمية وتلاميذ يغادرون الدراسة بسببه

 

كشف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عن تقرير بعنوان” البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات لتلاميذ السنة السادسة ابتدائي والسنة الثالثة ثانوي إعدادي” الذي أجري ميدانيا نهاية ماي 2019والذي يتزامن مع اعتماد القانون الاطار51-17, هو برنامج يستهدف تقييم المكتسبات لتلامذة السنة السادسة ابتدائي وأولئك الذين يتابعون دراستهم بالسنة الثالثة من الثانوي الإعدادي. ففيما يخص السنة السادسة ابتدائي، تم تقييم مكتسبات التلامذة في كل من اللغتين العربية والفرنسية وفي الرياضيات والنشاط العلمي. أما بالنسبة لتلامذة السنة الثالثة إعدادي فتم تقييم مكتسباتهم في اللغتين العربية والفرنسية وفي الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض.
اختيار هذين المستويين يرجع إلى كونهما يمثلان مرحلتين حاسمتين من الدراسة، وهما نهاية التعليم الابتدائي، ونهاية التعليم الإجباري. أضف إلى ذلك أن إنجاز البرنامج يتزامن مع مرور أربع سنوات من تفعيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، مما يسمح بتقدير الجهود المبذولة للوصول إلى الأهداف التي تم تحديدها لإصلاح منظومة التربية والتكوين.
هذه الدراسة أفردت حيزا مهما لظاهرة الغش في الامتحانات حيث صرح 16 في المئة من تلاميذ السنة السادسة ابتدائي و21 في المئة من تلامذة الثالثة إعدادي انهم يغشون أثناء إنجاز الفروض
والامتحانات المدرسية، وانطلاقا من ذلك أكدت الدراسة ان الغش يقلص من قيمة الاستحقاق التي ينبغي أن تسود داخل المنظومة التربوية وهويساهم بالتالي في إفقاد الشواهد المدرسية قيمتها العلمية و الأكاديمية بما في ذلك شهادة التعليم الابتدائي وشهادة الدروس الثانوية الإعدادية، التي تشهد على اكتساب التلامذة المهارات والكفايات الدراسية الضرورية لمتابعة الدراسة في سلك التعليم الأعلى، أي التعليم الثانوي الإعدادي بالنسبة لشهادة التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي بالنسبة لشهادة الدروس الثانوية الإعدادية أو التوجه للتكوين المهني. وخلص التقرير إلى أن المنظومة التربوية ببلادنا تعاني من التطبيع مع الغش متهمة بعض الأسر بتشجيع هذه الظاهرة لكونها تهتم فقط بالنتائج المدرسية باعتراف التلاميذ المستجوبين أنفسهم، أما الأساتذة فهم إما يواجهونه أو يتحملونه أو يتجاهلونه خوفا من ردود فعل التلاميذ العنيفة تجاههم.
وبخصوص العنف المادي واللفظي بالوسط المدرسي فأكد تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ان العنف يعبر عن طاقة لم يتم تصريفها والسمو بها لنقص التأطير والوسائل والمجالات الخاصة بذلك كالملاعب الرياضية حتى يتمكن التلميذ من صرف طاقته، ويؤكد حجم الظاهرة ووتيرتها مظهران من مظاهر الاختلال البيداغوجي للمؤسسة المدرسية يتمثل الأول في اللجوء إلى العنف المادي للتعويض عن النقص الحاصل في التواصل والثاني هو اللجوء إلى العنف اللفظي والرمزي لإذلال الغير وإهانته. وخلص التقرير إلى أن العنف يؤثر بشكبل سلبي على مردودية التلاميذ الدراسية سواء أكانوا يدرسون بمدرسة أو ثانوية اعدادية.
بالإضافة الى تأثيره السلبي والكاسح على الصحة النفسية فإن العنف المادي واللفظي يؤثر بشكل سلبي وبقوة على جودة التعلمات و قد أظهرت نتائج تلامذة السنة السادسة ابتدائي الذين كانوا ضحية العنف المادي أو المعنوي بشكل مسترسل أنها ادنى مقارنة بنتائج التلامذة الذين عانوا منه بشكل اقل ويراوح الفارق في النتائج بين 12 و17 نقطة حسب المواد الدراسية لكن المفعول السلبي للعنف المادي والرمزي يزداد، حسب التقرير، لدى التلاميذ في السلك الثانوي الإعدادي، حيث يراوح الفارق بين التلامذة ضحية العنف والتلامذة الذين ليسوا ضحايا له ما بين 18 نقطة و 27 نقطة حسب المواد .
وبهذا الخصوص صرح 28 في المئة من تلامذة السنة السادسة ابتدائي و 39 في المئة من تلامذة السنة الثالثة إعدادي أنهم كانوا ضحية السب والقذف من طرف زملائهم، وهي أرقام تظهر حجم العنف اللفظي، الذي يسم المعيس العلائقي بين التلاميذ سواء في المدارس أو في الاعداديات، وحسب التقرير، فإن العنف داخل المدارس لا يسائل فقط التأطير البيداغوجي بل أيضا التربية داخل الأسرة والتنشئة الاجتماعية.
أما بالنسبة للعنف الجسدي فأبرز التقرير أن ربع تلامذة الإعدادي والابتدائي كانوا ضحية له، كما أن مدرسي 12 في المئة من تلامذة الإعدادي و 19 في المئة من تلامذة الإعدادي يلجؤون للعقاب البدني. كما أكد التقرير أن العنف اللفظي من الممكن أن يؤدي للعنف المادي حيث يترابط العنفان، لذا فإن العنف المادي، يؤكد التقرير، هو واقع فعلي بالنسبة ل24 في المئة من تلامذة الابتدائي و 25 في المئة من تلامذة الإعدادي، الذين صرحوا بأنهم تعرضوا لعنف جسدي من طرف زملائهم، وبالنسبة لتفسير أسباب العنف الجسدي فيعود في جانب منه لكون المدرسين وأطر الإدارة التربوية لم يتدخلوا لسبب من الأسباب للحد من هذه السلوكات المتكررة وتم ترك التلاميذ لانفسهم.
من جهة أخرى، غالبا ما يأخذ العنف المادي الذي يقع على التلامذة من طرف مدرسيهم أو أطر الإدارة التربوية صيغة عقاب جسدي، وهكذا، فإن هذا العقاب مورس على 12 في المئة من التلاميذ من طرف المدرسين و 11 في المئة من طرف اطر الادارة التربوية، غير أن هذه النسبة ترتفع، حسب ما جاء في تقرير المجلس الاعلى للتربية و التكوين، في التعليم الثانوي الإعدادي وتبلغ على التوالي: 19 في المئة و 17 في المئة.
هذه الممارسات تكون لها، بطبيعة الحال، عواقب وخيمة على التلاميذ وعلى مسارهم الدراسي وقد رصد التقرير بعضها من قبيل الهدر المدرسي،
والانقطاع عن الدراسة، وعلى نموهم النفسي كالجنح، الصدمات لجوء الآباء إلى القضاء.
العنف اللفظي أو الجسدي يسائل دور الأسرة في تأطير أبنائها وتنشئتهم، ولاحظ التقرير أن الآباء لا يقومون سوى بالزيادة في حجم التوترمادام أن% 13 من تلامذة الابتدائي و % 15 من تلامذة الإعدادي صرحوا بأنهم تعرضوا لاعتداء من طرف أحد آباء زملائهم.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 10/12/2021