في حاجة إلى ارتقاء أكبر بوضعيتهم المادية والمعنوية : حوالي 15 ألف كاتب ضبط في محاكم المغرب .. مهام جسيمة وانتظارات كبيرة

 

لا أحد يمكنه أن ينكر أن كتابة الضبط هي العمود الفقري الذي تقف عليه وزارة العدل على اختلاف درجات المحاكم، بل هناك اعترافا دوليا بذلك، إذ خصصت القوانين المسطرية ­ مدنية وجنائية ­ هذه المكانة بجعل حجية نسخة الحكم تحمل إلى جانب توقيع القاضي المقرر، أو أسماء الهيئة القضائية، إلى جانب اسم كاتب ( ة ) الضبط، كما هو الحال في الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية ­ بالمغرب ­، لكن رغم هذه المهمة والمسؤولية يبقى كاتب الضبط مهمشا.
هذا التهميش كان يمكن أن يستساغ خلال الخمس أو العشر سنوات الأولى، من انتهاء الحماية وطرد المستعمر، لكنه اليوم، غير مقبول تماما، وذلك لعدة أسباب قانونية، سياسية، وواقعية، ولن أذكرها كلها وبتفصيل، لأن ذلك يتطلب وقتا مهما، ولكن سأكتفي في هذه الورقة على ما يلي:
إنه لا يعقل، كيف أن المغرب الذي حصل شعبه على دستوره الأخير، الذي لا يوجد في أية دولة من مستواه ­ عربيا، إفريقيا، ودوليا، ­ دستور جاء بعده رفع مكانة القضاء، والنيابة العامة، وتم تعيين قاض، ووكيل للملك مرورا بكل المراحل، على مستوى السلطة القضائية، والنيابة العامة، وبقيت هيئة كتابة الضبط تابعة للوزير، في حين أن الوزير يعين دائما من الأحزاب!؟ إلا في استثناءات قليلة جدا.
إن كتابة الضبط أصبحت في العشرين سنة الأخيرة، تضم كفاءات عالية – إناثا وذكورا -، ليس فقط على مستوى التحصيل الجامعي، حيث هناك حملة الماستر، بل وحتى الدكتوراه في القانون، وفي اللغات الأجنبية، الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، وشهادات عليا متخصصة في الإعلاميات والرقمنة، بل ومنهم من كان المشرف ­ ولازال على الربط الإلكتروني للمحاكمات عن بعد، خلال فترة كوفيد، وحتى اليوم، ولقد عاينا في عدة محاكم، معاناتهم عند حدوث انقطاعات التواصل، والخلل والارتباك الذي يحدث في الجلسات، زيادة على غضب بعض المحامين والعموم، من ذوي المعتقلين، بل وحتي بعض أعضاء هيئة المحكمة، حيث يتم إما رفع الجلسة، أو إحضار متهمين جدد إن كانت النيابة العامة قد استنطقتهم ذلك الصباح ولازالوا بالمحكمة.
إني كلما زرت إحدى المحاكم بالمملكة، أكتشف أن بعض من كان عونا أصبح كاتبا للضبط أو مكلفا بالأرشيف – وهي مهمة ليست بسهلة – تمت ترقيتهم بعد حصولهم علي تكوين، مع اجتهادهم ورغبتهم في تحسين ورفع أجرهم، لكنني في نفس الوقت كلما قمت بجولة في ابتدائية سطات، وصافحت كاتب الضبط الوحيد الذي اشتغل أكثر من غيره، على الصعيد الوطني – رشيد غيات – حيث يرجع له الفضل ليس فقط في رقمنة عشرات الآلاف من الأحكام لوحده، وكان دائما محطّ تقدير من طرف كل رؤساء المحكمة ووكلاء الملك الذين مروا بها، وعرفوا مجهوداته كذلك في تكوين مجموعة من زملائه، القدامى منهم والجدد، بقيت وضعيته الإدارية جامدة، والحال أن لكل قاعدة استثناء؟
وضعية، جعلتني أتساءل، هل يمكن أن تجد وزارة العدل حلاّ لهذا الجندي حتى لا يظل مجهودا في زمن الإنصاف، الذي جعل المغرب يضرب به المثل عالميا، وحتى يتم إنصاف كذلك حوالي 15 ألف كاتب وكاتبة الضبط، بتعيين وزير للعدل ينتخبونهم ويقترحونه على جلالة الملك؟


الكاتب : هادن الصغير

  

بتاريخ : 08/01/2024