في ذكرى يوم الوفاء للشهداء مكناس تؤبن الفقيد الجابري وتحيي ذكرى اغتيال الشهيد بنبركة

قال جواد شفيق، عضو المكتب السياسي للحزب في كلمة ألقاها نيابة عن الكاتب الأول إدريس لشكر في الحفل التأبيني للأخ محمد الجابري، إن الاتحاد لا يطلب محاكمة ولا متابعة من اختطف واغتال الشهيد المهدي بنبركة بل يطلب فقط الحقيقة ورفاته وقبره حتى نتمكن جميعا من الترحم عليه».
جاء ذلك خلال الحفل التأبيني المؤجل في حق الفقيد محمد الجابري، الكاتب الإقليمي وعضو اللجنة المركزية السابق للحزب والمحامي بهيئة مكناس والبرلماني عنها قبلا، والذي نظمته الكتابة الإقليمية للحزب بمكناس إحياء للذكرى 58 لاختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة، وتخليدا لذكرى يوم الوفاء للشهداء، واستحضارا لروح الذين فقدهم الحزب بمكناس خلال السنين الأخيرة.
وعلاقة بموضوع الاختطاف والاغتيال قال جواد شفيق « إن الحزب استوعب أن جريمة الاغتيال تنتمي إلى الماضي أي إلى ما قبل هذا العهد، واستقبل في الذكرى الخمسينية التي أحياها الراحل المجاهد عبدالرحمان اليوسفي الرسالة الملكية بصدر رحب معتبرا إياها بداية عهد جديد انطلاقا من تجربتنا المغربية في الإنصاف والمصالحة التي لن تكتمل سوى بإنهاء بالكشف عن الحقيقة في ملف الاختفاء القسري للمانوزي وآخرين لطي هذا الملف بشكل مطلق ونسيان سنوات الرصاص».
وأضاف عضو المكتب السياسي أن دولة المغرب الحديث ليست لها أي مسؤولية في هذه الجريمة، وأن الحزب يحتفي في هذا اليوم ليس بالمهدي بنبركة وحده ولكن أيضا بكل من فقدهم المغرب من شهداء الوحدة، وشهداء الديمقراطية وشهداء التحرير وشهداء حقوق الإنسان، لأن الشعوب التي لا تحفظ ذاكرتها ولا تحترم الذين ضحوا من أجلها لا يمكن أن تبني حاضرها ومستقبلها.
الكل يعرف آلاف الملفات التي عرضت على هيئة الإنصاف والمصالحة لمناضلين سياسيين وحقوقيين وجمعويين ومقاومين بل هناك مناطق بكاملها تعرضت للعقاب الجماعي كما هو الشأن بمدينة فجيج، مسقط رأس الفقيد الجابري ومنطقة الراحل إدريس بنزكري، التي تعرضت للعقاب بحكم أنها أنجبت مقاومين ومناضلين أشاوس ورجالا آمنوا، منذ فجر الاستقلال، بحق المغاربة في الديمقراطية الحقة، وفي حقوق الإنسان، وفي الحرية وفي العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وفي التوزيع العادل للسلطة.
الوفاء لهؤلاء، يقول عضو المكتب السياسي، ليس الغاية منه فتح الجراح لأن الاتحاد يؤمن بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، ومغرب الغد لن يكون مغرب اليوم لأن المغرب قطع أشواطا ويراكم الآن تجربة ديمقراطية قصيرة العمر ويجب أن يعمل الجميع على تحصينها.
إن الاتحاد يريد من خلال إحياء ذكرى الوفاء تثبيت القيم بتذكير هذا الجيل بالتضحيات الجسام التي قدمها شهداء هذا الوطن، وأن المغاربة لم يصدق عليهم أحد الديمقراطية ولكنهم قدموا من أجلها قوافل من الشهداء ومن المعتقلين.
ولم يفوت جواد شفيق الفرصة دون أن يذكر بما تعيشه غزة من جرائم يومية وإبادة جماعية للكيان الإسرائيلي أمام صمت المنتظم الدولي بل وبمباركة القوى العظمى، في تناقض صارخ مع ما فعلته في الحرب الروسية الأوكرانية، مشددا على أن الإنسانية لا تتجزأ وأن الاتحاد الاشتراكي يدافع عن القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني وليس على فصيل أو تنظيم.
الكلمات والشهادات التي ألقيت في هذا الحفل التأبيني أجمعت على أن فقدان الجابري خسارة لحزبه ووطنه ولعاصمة المولى إسماعيل التي سخر كل أوقات حياته للنهوض بها، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحقوقيا، ما عرضه للطرد من وظيفته كأستاذ، والسجن خلال الإضرابات الشهيرة التي عرفها المغرب خلال سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي.
كلمات وشهادات معبرة استهلها الكاتب الإقليمي للحزب يوسف بلحوجي، رحب فيها بضيوف الحزب وعائلات المكرمين، كلمة عدد فيها مناقب الفقيد الجابري وما أسداه من خدمات جليلة لحزبه ووطنه بصدق وأمانة، تلتها شهادة المناضل محمد بوخريص، الذي عايش الفقيد منذ طفولته بفكيك إلى أن استقر بهما المقام للعمل بمكناس خلال ستينيات القرن الماضي، شهادة استحضر فيها مساره الدراسي والتربوي والسياسي والنقابي والحقوقي، وهي الشهادة التي ألقاها نيابة عنه عبد الصمد البغليتي،عضو المجلس الوطني والكتابة الإقليمية بمكناس، في ما أكدت شهادة علال خصال، مفتش حزب الاستقلال وعضو المجلس البلدي لمكناس (1983-1992) خلال فترة تسيير وتدبير شؤونه من لدن الاتحاد الاشتراكي، أن الجابري ساهم بشكل كبير في تشكيل أغلبية المجلس البلدي المسير بين الاتحاد والاستقلال، كما كان له دور متميز في المنجزات التي حققها المجلس باعتباره برلمانيا عن مكناس سواء في عهد الرئيس الاتحادي الراحل محمد الحوتي أو خلفه المختار المصمودي.
وبتأثر كبير ألقى محمد إنفي، عضو المكتب السياسي، شهادته في حق رفيق دربه في النضال الفقيد محمد الجابري، الذي عايشه عن قرب إن على مستوى الكتابة الإقليمية أو في المركزية النقابية ك.دش، التي شغل فيها إنفي كاتبا لاتحادها المحلي بمكناس، مثنيا في شهادته على الفقيد وخصاله النبيلة المتسمة بالإخلاص والوفاء والمسؤولية والالتزام والشجاعة والكرم.
فعن الكرم، قال ذات المتحدث، إن الراحل كان دائما أول المساهمين ماديا في الحزب، ولم يبخل يوما عن ذلك، بل كانت مساهمته مرتفعة مقارنة مع باقي المناضلين كلما طلب منه ذلك، أما عن الشجاعة فقد توجه الفقيد الجابري رفقة زركان الخمار إلى» الكوميسارية» وصرح في محضر رسمي أنه ورفيقه المسؤولان الوحيدان عن طبع وتوزيع منشور ك.د.ش الداعي لإضراب 20 يونيو 1981 حتى تتوقف سلسلة الاعتقالات التي انطلقت ليلة الإضراب وطالت مناضلي الحزب والنقابة.
يشار إلى أن أمسية التأبين كانت استثنائية بكل المقاييس لا من حيث الحضور النوعي والكمي الذي لم تتسع قاعة المعهد البلدي للموسيقى لاحتضانه، ولا من حيث استحضار مسار الفقيد الزاخر، بنضالاته السياسية والنقابية والحقوقية، ولا من حيث لحظة تكريم عائلات المناضلين الذين افتقدهم الحزب خلال السنين الأخيرة من خلال تسليمهم تذكارات وشواهد تقديرية اعترافا وتقديرا لما أسدوه من خدمات جليلة لحزبهم ووطنهم، والذين أعربوا أن الاتحاد لا ينسى أبناءه مهما تراضوا أو اختلفوا.


الكاتب : مكتب مكناس

  

بتاريخ : 30/10/2023