أبناء حاضرة السمارة وقفوا وقفة شجاعة وتحد في وجه الاحتلال الأجنبي

في مهرجان خطابي بمناسبة ذكرى جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية

 

احتضنت مدينة السمارة تجمعا خطابيا، بمناسبة تخليد الذكرى 48 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية، صباح أول أمس الخميس، ترأسه مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بحضور عامل إقليم السمارة والعديد من الشخصيات العسكرية والمدنية والمجتمع المدني .
وسجل المندوب السامي في كلمته بالمناسبة على أن أبناء الأقاليم الجنوبية المسترجعة على وجه عام وساكنة حاضرة السمارة على وجه خاص وقفوا وقفة بسالة وشجاعة وتحدٍّ وصمود في وجه التحرشات الدبلوماسية والاقتصادية والتدخلات العسكرية الأجنبية منذ احتلال الجزائر سنة 1830م ومرورا بمراحل السيطرة على سواحل إقليمي وادي الذهب والساقية الحمراء ابتداء من سنة 1884م وإلى غاية سنة 1934م.
وتأسست رباطات للجهاد والمقاومة بهذه الربوع الأبية والشامخة يقول الكثيري، حتى استنفد المجاهدون قوتهم الحربية كاملة في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل النضال والكفاح الوطني، إنها مرحلة النضال السياسي بعد نشأة الحركة الوطنية وتحالفها مع القيادة الحكيمة لجلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف طيب الله ثراه من أجل إعداد وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944.
وبعد إقدام سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب على نفي رمز الأمة والسيادة الوطنية، السلطان الشرعي للبلاد، جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف أكرم الله مثواه، وإبعاده عن عرشه وشعبه ووطنه في 20 غشت 1953م، اعتقادا منها بأن فعلتها النكراء تلك ستخمد شعلة الكفاح الوطني وتفصم عرى الترابط المتين بين عرش أبي وشعب وفي، اندلعت الانتفاضات العارمة والمظاهرات الحاشدة والعمليات الفدائية التي اجتاحت سائر ربوع الوطن وتعززت هذه العمليات البطولية التي اتسع مجالها وتقوى إيقاعها وتأثيرها بانطلاق عمليات جيش التحرير ليلة فاتح وثاني أكتوبر من سنة 1955م بشمال المملكة وبالجهة الشرقية من الوطن.
وتكللت ملحمة ثورة الملك والشعب المباركة بعودة بطل التحرير والاستقلال والوحدة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955م، لتليها ملحمة الجهاد الأكبر في أفق بناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال والوجود الأجنبي.
وفي هذا الصدد يقول المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير: « كانت الانطلاقة المباركة لعمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة 1956م لاستكمال تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، حيث خاضت فرقه العسكرية معارك ومواجهات ضارية ضد قوات المستعمر الغاشم المدججة بأحدث الأسلحة المتطورة والفتاكة والمعززة بسلاح الطيران والمدافع الثقيلة، لكن هذا الجيش الجرار بمعداته المتطورة، لم ينل من العزيمة الراسخة والإرادة الصلبة لرجال ونساء وهبوا أنفسهم وأموالهم في سبيل عزة الوطن وكرامته. فكان النصر حليفهم في مواطن ومواقع كثيرة، كمعركة «أم العشار» و»مركالة» و»السويحات» سنة 1956 و»الروضة» و»الرغيوة» و»وادي الصفا» و»السمارة» سنة 1957م، ومعركة «سيدي أحمد العروسي» سنة 1958م، ومعركة «الدشيرة» في مستهل سنة 1958م، والتي نحتفي بذكراها اليوم، والتي وقعت بعد أيام قلائل من زيارة الوحدة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان في 25 فبراير 1958م، والتي أكد جلالته في خطابه التاريخي بها على حق المغرب في كل شبر من أراضيه بحكم المشروعية والروابط التاريخية التي تجمع ملوك الدوحة العلوية برعاياهم في الأقاليم الجنوبية الصحراوية. وبفضل الإرادة الصلبة لجلالته وبطولات جيش التحرير بالجنوب المغربي، تمكن المغرب من استرجاع منطقة طرفاية إلى حضن الوطن في 15 أبريل 1958م، واستعادة مدينة سيدي ايفني في 30 يونيو 1969م بدبلوماسية متبصرة ومتزنة من العاهل المغربي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه.
وأضاف : « تكللت هذه الملاحم البطولية التي سطر من خلالها أبناء السمارة والتخوم والأقاليم الجنوبية وأبناء الوطن الواحد الموحد من طنجة إلى الكويرة أروع صور المقاومة والنضال وأسطع منارات المجد والخلود بتحرير باقي الأجزاء المغتصبة من الصحراء المغربية بفضل التحام العرش والشعب وحنكة وحكمة مبدع المسيرة الخضراء المظفرة جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليه، تلكم المسيرة الغراء التي مثلت نهجا حكيما وأسلوبا فريدا في النضال السلمي لاسترجاع الحق المسلوب، وحققت المنشود منها بإجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية في 28 فبراير 1976م، وهو الحدث التاريخي الكبير الذي نخلده اليوم بكل إكبار وإجلال مستحضرين من خلاله بطولات وأمجاد قلعة السمارة العريقة، ثم التحاق إقليم وادي الذهب بحاضرة الوطن في 14 غشت 1979م، وهي محطات عظيمة تنطق بعظمة الكفاح الوطني والتضحيات الجسام لعرش أبي وشعب وفي في سبيل استرداد الحق المغتصب مهما كانت الصعاب ومهما كثرت مناورات الخصوم ومؤامراتهم، التي لن تنال من وحدة راسخة وصلبة ستبقى إلى الأبد عنوان عزة عرش وشعب في ملحمة من ملاحم المجد والسؤدد تفخر بها الأجيال على مر العصور».
وفي آخر المهرجان الخطابي، تم تكريم 06 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، وهم:
1-المقاوم المرحوم محمد امبارك خيجة؛
2-المقاوم المرحوم عمار بركة؛
3-المقاوم المرحوم الحافظ فضيل؛
4-المقاوم المرحوم حي الله هلو؛
5-المقاوم المرحوم ماء العينين بن علي سالم؛
6-المقاوم المرحوم محمد الشكوطي؛
وخصصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة ، 40 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي قدره 80.000.00 درهم.


الكاتب : السمارة: مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 02/03/2024