قرارات إدارية لم تفلح في إكسابها النضارة المتوخاة .. جماعة الدارالبيضاء «تنهزم» أمام «قتامة» غالبية واجهات بنايات المدينة

تعيش واجهات بنايات الدارالبيضاء حالة من اللاانسجام اللوني، بسبب تعدد الألوان التي يقوم أصحابها بطلائها بها، أو بفعل حالة الاتساخ المزمن التي تعيشها بسبب الإهمال والتهاون، مما زاد من حجم «البشاعة الترابية» التي تعرفها عاصمة «المال والأعمال»؟
وضعية تزداد تمدّدا يوما عن يوم رغم وجود قرارات بلدية وجماعية تؤطر وتنظم هذا الأمر لكي لا تتفشى الفوضى في أحياء المدينة، لكنها تظل معطّلة رغم كل الإعلانات الرسمية التي تصدر عن الجهات المختصة، آخرها الخطوة التي أعلنت عنها رئيسة جماعة الدارالبيضاء متم سنة 2021، التي ظل أثرها محدودا، شأنها في ذلك شأن الالتزامات السابقة بتطبيق مضمون المادتين 54 و55 من القرار البلدي المستمر المؤرخ في 4 يناير 1952، اللتين تدعوان السلطات الإدارية إلى تتبع الأوراش ومنح موافقتها لصباغة الواجهات بلون معين أو المطالبة بتغييره، وكذا العمل على تجديد صباغة الواجهة على الأقل مرة كل ست سنوات كي لا تبقى متسخة.
قراران بلديان يعتبران مرجعا لتنظيم التعامل مع واجهات البنايات، تتم بين الفينة والأخرى الإشارة إليهما تصريحا أو تلميحا، من خلال تعليمات تكون كتابية أو من خلال قرارات، كما هو الشأن بالنسبة للمراسلة التي وجّهها والي الجهة سابقا محمد الظريف، المؤرخة في أبريل 2003 التي تحمل عدد 2495، والتي يحيل مضمونها على المادتين السالف ذكرهما، حيث دعت السلطات المحلية والمجالس المنتخبة، كل طرف من موقعه، للحرص على اتخاذ التدابير الإدارية اللازمة لكي تتم صباغة واجهات البنايات باللون الأبيض»الكريم» و»البيج».
تفاعلات، لم تقف عند هذا الحدّ، ففي عهد رئيس الجماعة الحضرية الأسبق محمد ساجد، تم اعتماد قرار جماعي يحمل رقم 2 / 2014 الذي يتعلّق بواجهات البنايات والبقع الأرضية الفارغة، إذ نصّ على تنظيف وصباغة واجهات العمارات والبناءات والمحلات، وأكد على أن تجديد صباغتها يعتبر أمرا إجباريا بالنسبة للمالكين، سواء بصفة فردية أو مشتركة، وحدّد اللون الأبيض لونا وحيدا لواجهات العمارات والبنايات الصناعية والتجارية والدور السكنية والمحلات، في حين خصص اللون الرمادي الفاتح أو اللون البني المفتوح بالنسبة للأبواب والنوافذ الحديدية والخشبية. وشدّد القرار الجديد على أن تصبغ الأبواب والنوافذ المصنوعة بالألمنيوم باللون الفضي، كما أوضح في فصله الثالث أنه يتعين على المالكين تنفيذ مضمون هذا القرار مرة كل 5 سنوات، مع الإشارة إلى أنه يتعين التدخل دون انتظار كل هذه المدة متى تبين على أن هناك ضررا يطال الواجهة، بالإضافة إلى التأكيد على أنه لا يجوز صباغة الواجهات المكسوة بالحجر أو الرخام أو بأية مادة أخرى ذات خصوصية جمالية، ويمكن الاكتفاء بدلا من الصباغة بعملية تنظيف دورية بواسطة مواد خاصة وملائمة.
التزامات جماعية مكتوبة وأخرى شفوية، لم تفلح في عهد كل الرؤساء السابقين، خاصة منذ انطلاق تجربة وحدة المدينة والعمل بجماعة واحدة في الدارالبيضاء إلى جانب مقاطعاتها الست عشرة، في أن تعيد للمدينة نظارتها وفي أن تكسب بناياتها حلّة تسر القاطنين والزائرين، وتركتها على حالها تحت رحمة الأوساخ والأهواء، وهو ما جعل عددا منها يعيش فوضى إلى جانب كل التشوّهات المجالية والمسخ العمراني المتفشي في تراب المدينة، في تهيئة الطرقات وكيفية تدبير الملك العام، هذا الأخير الذي يتم التعامل معه بانتقائية وباعتماد الموسمية في كثير من الحالات، حتى أن بعض العمارات قد تعرف طلاء أو تجديد صباغة طابق واحد بشكل فردي بين باقي الطوابق «القاتمة» لغياب توافق بين الملاّك والسكان؟
وضعية تؤكد على أن عددا من القرارات لا يكفي إصدارها في الدوائر الرسمية، في غياب مقاربة تشاركية، ودون إيجاد حلول لمعضلات ترابية أخرى، التي ترخي بظلالها على يوميات البيضاويين، الذين يرون بأن الواجبات يتعين أن تكون مشتركة وبأنه على كل طرف أن يقوم بالتزاماته تجاه الآخر، سواء تعلق الأمر بالساكنة أو بالمؤسسات، لكي تكون هناك علاقة تكامل بما يسهم في تنمية الوطن بشكل عام والنهوض به على مختلف الأصعدة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/10/2022