كيف قادت شقة بالمحمدية إلى انفراط عقد الفضيحة : الناصيري مكلف باللوجستيك والعلاقات العامة في شبكة «إسكوبار الصحراء» !؟

هل أفضت نتائج الأبحاث، التي قادها فريق من ضباط الشرطة القضائية، إلى اتهام سعيد الناصيري بالاتجار في المخدرات على الصعيد الدولي بعد أن كانت الأبحاث متجهة بداية إلى طريقة استيلائه على العديد من الشقق بالمحمدية والسعيدية وفيلا بشارع مكة بالدار البيضاء، أم أن وضع مجموعة من الهواتف على منصة التنصت قبل سنتين تقريبا بناء على تعليمات كتابية للرئيس الأول لدى استئنافية البيضاء والوكيل العام بها، والتي كانت تخضع للقانون، هي التي أدت إلى سقوط الناصيري والبعيوي في المحظور؟
بداية تم الاستماع إلى سعيد الناصيري على ضوء المكالمات الهاتفية الملتقطة حول تحوزه الشقة التي توجد بالمحمدية، والتي كان قد اقتناها السجين المالي الحاج أحمد بن إبراهيم الذي يقضي عقوبة العشر سنوات سجنا بالسجن المحلي بالجديدة، قبل نقله إلى البيضاء مؤقتا، بمبلغ مالي وصل إلى مليوني درهم، وتوصل الناصيري بهذا المبلغ من خادمة المالي فاطمة التي كانت تؤمن الأشغال المنزلية بفيلا شارع مكة بالبيضاء في أكياس وعلبة كرتونية. غير أن الناصيري، أثناء مواجهته بالاتهام، ظل متشبتا في تصريحاته الأولى بقول إنه صاحب الشقة، ولم يسبق البثة أن فوتها لأي أحد، ودليله في ذلك، حسب أقواله، هو أن ملكيتها توجد في اسمه، ولم يتم تحويلها لأي أحد. إلا أن تصريحات العديد من المستمع إليهم أفادوا أن سعيد الناصيري، ومباشرة بعد اعتقال المالي، استحوذ على جميع ممتلكاته وأمواله، مستغلا الوضع الجديد الذي كان يوجد فيه، محاولا شغل المالي بقضية التدخل لنقله من المغرب إلى مالي لقضاء ما تبقى من العقوبة السجنية، وهي الوعود التي كان يمطره بها الناصيري في مكالماته الهاتفية مؤكدا له أن نقله إلى مالي تبقى مجرد وقت، حسب التهمة التي وجهت إليه، وحسب التسجيل الصوتي الذي لم ينكر أنه صاحبه.

العلاقة المصالحية مابين الناصيري والمالي

لم يعد البحث في العلاقة التي تربط بين المالي وسعيد الناصيري تستدعي المزيد من الأبحاث والتنصت. بل إن أمر العلاقة ثابت منذ 2013 وتحويله لمهرجان التمور الذي شاركت فيه الفنانة المغربية لطيفة رأفت الذي من خلاله تعرفت هي الأخرى على المالي الذي كان عاقدا العزم على ضمها إلى صف حريمه وهو ما حدث فعلا بعد أشهر على مشاركتها في المهرجان، ولماذا موّل المالي هذا المهرجان، وكان يفكر في الآن نفسه في إقامة معمل لتلفيف التمور، وكيف عمل على استقطاب جمهور غفير إلى جانب الناصيري من دعمه في الانتخابات التشريعية. فما هي مخططات المالي آنذاك بعد أن تمكن من كسب أحد الفاعلين في الدار البيضاء وأحد المؤثرين بالزاوية الناصرية الذي كان يبحث على صباغة المالي بلون الزاوية من أجل تسهيل حصوله على الجنسية المغربية، خاصة وأن والدته مغربية الأصل.
وهل هذه العلاقة بين المالي والناصيري ستقود هذا الأخير إلى السقوط في هاوية الاتجار الدولي للمخدرات التي كان قائدها الحاج بن إبراهيم، وانطلق في تشكيلها مع أشخاص آخرين منهم مغاربة وأجانب؟
قضية شقة المحمدية، والتي تؤكد العديد من المصادر التي أخضعتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتمحيص والاستماع والتتبع بشكل لا يدع مجالا للشك، أن الناصيري كان يوحي للمالي بأنه لم يعد في حاجة إلى هذه الشقة بحكم أنه سيتم نقله إلى مالي لقضاء ما تبقى من العقوبة، وبالتالي كان قد اتفق الطرفان على أن يسلم الناصيري له مبلغ 100000 درهم دفعة واحدة، ومبلغ مالي يصل إلى 10000 درهم يسلم كل شهر من أجل أن تضعه الوسيطة فدوى التي كانت بمثابة عشيقة المالي، وكانت تتوفر على مفاتيح الشقة التي تسلمها منها الناصيري.
في 2014، حاول بن إبراهيم التغطية على نشاطه الإجرامي، وذلك بإنشاء شركة لاستيراد السيارات من الصين، إلا ان هذه العملية ستتوقف في بدايتها، خاصة عندما رفضت مصالح وزارة النقل منح شهادة المطابقة لهذا النوع من السيارات التي تنتفي فيها الشروط المعمول بها وطنيا، وبالتالي ظلت هاته السيارات في مستودعات خاصة، إلى أن قرر المالي التخلي عنها، إذ سلم ست منها لسعيد الناصيري الذي قام بنقلها إلى مركب بنجلون التابع للوداد البيضاوي كما أفادت مصادر متطابقة، وظلت هناك لأكثر من سنتين إلى أن تم نقلها في ظروف غامضة إلى أماكن مجهولة. إلا أن الناصيري ظل مسؤولا عنها منذ وضعها إلى تاريخ إخراجها أيضا في ظروف غامضة من مركب الوداد إلى الجهة التي استفادت منها، علما أن أحد السواق أفاد بأن السيارات هو من تكفل بنقلها من فيلا الناصيري إلى مركب أحمد بنجلون رغم رفضه ذلك بحكم أن السيارات كانت لا تحمل اية أرقام، سواء الخاصة بالمصنع أو وزارة النقل، إلا أن الناصيري طمأنه.

شارات البرلمان في سيارات الحاج بن إبراهيم

المالي بن إبراهيم وأثناء إقامته بالمغرب كان لا يستعمل إلا السيارات الفارهة، ومن بينها سيارات كان قد اشتراها من الناصيري والبعيوي، وهي سياراتة ذات علامة ميرسيديس من النوع الممتاز، والتي كانت جميعها تحمل شارة البرلمان المغربي، خاصة في الفترة التي كان قد انتخبا فيها كل من البعيوي والناصيري عضوين في البرلمان، وهو ما أفادت به مصادر مختلفة للمحققين، مما يؤكد أن المالي انتحل غير ما مرة صفة برلماني بحكم أن سيارته كانت تحمل شارة البرلمان، ولن يكن بائعها سوى بعيوي أو الناصيري. فكيف كان كل منهما يحصل على الشارات البرلمانية الخاصة بالسيارات رغم أن البرلمان لا يمنح إلا شارة واحدة لكل عضو عن كل ولاية؟

الشقة التي قادت إلى الكشف عن مسارات الناصيري ضمن الشبكة الدولية للمخدرات

نباهة محققي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قادت إلى اكتشاف الكثير من الأشخاص، منهم معتقلون سابقون بالسجن المحلي بالجديدة والسجن الفلاحي العدير كانوا يقومون بالسخرة لفائدة المالي الذي كان يمنحهم الأرقام الهاتفية للناصيري للحصول على مبالغ مالية متفاوتة والتي تتراوح مابين 500000 و200000 درهم. وكان الناصيري يمنحهم بين الفينة والأخرى مبالغ تتراوح مابين 20000 و 100000 توضع على دفعات في حساب السجين لاقتناء مستلزماته بالسجن، وهو ما يؤكد أن الأمر مابين الناصيري والمالي لم يكن مجرد معاملات تجارية، بل يتعداه إلى انخراط شامل في مسار متسخ يتعلق بالاتجار الدولي للمخدرات، وهو ما يصدق على تصريحات المالي الذي ظل يردد أن الناصيري كان مكلفا باللوجستيك وتأمين مسالك نقل المخدرات والعلاقات العامة.
وفي الوقت الذي يدعي فيه الناصيري أن الحاج بن إبراهيم لم يكن يتوفر حتى على ما يؤدي به مبلغ أداء ثمن سيارة المرسيدس التي اقتناها منه، حيث سلمه شقتين بالسعيدية، وهو ما يتناقض مع ما جاء في تصريحات العديد من المصرحين، ومن بينهم الفنانة لطيفة رأفت طليقة المالي الحاج أحمد بن إبراهيم وموردي السيارات ومستخدمي الوداد وغيرهم ممن التقطتهم نباهة ضباط الشرطة القضائية بالبيضاء.
غدا تفاصيل أخرى


الكاتب : مصطفى الناسي / العربي رياض

  

بتاريخ : 16/01/2024