مؤلف سيغني الخزانة القانونية المغربية : «التنظيم الإداري المغربي بين النظرية والتطبيق» .. إصدار جديد للدكتور محمد المودن

تعززت الخزانة القانونية بإصدار جديد لمؤلفه الدكتور محمد المودن، أستاذ القانون العام بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء الذي يحمل عنوان «التنظيم الإداري المغربي بين النظرية والتطبيق»، والذي جاء في 224 صفحة، ليعبّد الطريق أمام الباحثين، ويساهم في توضيح الأسس النظرية للتنظيم الإداري في قسم أول، والنبش في التطبيقات العملية للتنظيم الإداري بالمغرب بشقيه المركزي واللامركزي في قسم ثانٍ.
ويؤكد الدكتور المودن في تقديم مؤلفه، الذي سيغني بدون شك المكتبة الإدارية خاصة والقانونية عامة، والذي ستتلوه أعمال أخرى، على أن إنجاز المهام الإدارية المتعددة التي تقع على عاتق الدولة يتطلب توفر جهاز إداري مزود بالعنصر البشري والمادي، مشيرا إلى أنه إذا كانت الإدارة تظهر في علاقتها بالمواطن في ظاهر الحال من خلال موظفيها وهيئاتها، فإن الواقع يبيّن على أن تصرفات هؤلاء الموظفين تنسب إلى واحد من مجموع الأشخاص المعنوية العامة التي تشكّل في مجملها الأشخاص المكونة للتنظيم الإداري داخل الدولة، مشددا على أن هذا التنظيم يهدف لنهوض الإدارة بوظائفها والاضطلاع باختصاصاتها وتحقيق أهدافها على أحسن وجه.
ويشدد الدكتور المودن على أن التنظيم الإداري للدولة يتضمن العديد من الأجهزة الإدارية، إلا أن هذا التعدد لا يعني بالضرورة تعدد الأشخاص المعنوية العامة بل يختلف الأمر باختلاف الأسلوب المتبع في ذلك التنظيم الإداري، مبرزا أن الفقه الإداري يجمع على أن الدولة تمارس نشاطها الإداري وتعمل على تدبير الخدمات العامة باتباع أحد أسلوبي التنظيم الإداري المتمثلين في التنظيم الإداري المركزي أو ما يعرف بنظام المركزية الإدارية، والتنظيم الإداري اللامركزي أو ما يعرف بنظام اللامركزية الإدارية. ويذهب الأستاذ الباحث إلى أنه لا ينبغي أن يُفهم من خلال الأسلوبين أن الدولة في وقتنا الحالي تأخذ في القيام بأنشطتها بأسلوب دون الآخر، مؤكدا على أنه لا توجد دولة تأخذ في العصر الحديث في ممارسة نشاطها بشكل مركزي فقط أو بشكل لا مركزي فحسب، بل هي تأخذ بكلا الأسلوبين معا، لكونها تعمل بنظام المركزية الإدارية في جزء من نشاطها، وبنظام اللامركزية الإدارية في جزء آخر من وظائفها، مضيفا بأن تغليب الأخذ بالمركزية أو اللامركزية الإداريتين يعد مسألة نسبية، ويختلف من دولة إلى أخرى، بل إن هذا الاختلاف يكون قائما داخل الدولة الواحدة من زمن لآخر.
المؤلف الجديد الذي يعتبر قيّما، بالنظر لحمولته الفكرية والقانونية، وفقا لقراءات عدد من المختصين، يؤكد صاحبه من خلاله، على أن المغرب لم يكن منعزلا عن التغيرات والتعديلات الإدارية التي عرفتها مختلف التنظيمات الإدارية للدول، إذ سعت مختلف الدساتير، منذ دستور 1962 إلى دستور 2011، إلى رسم معالم التنظيم الإداري المغربي وتغيير بنياته وما استتبع ذلك من توضيح لاختصاصات السلطات الإدارية والانتقال بالأجهزة الإدارية من الشكل التقليدي إلى شكل أكثر حداثة، سواء من حيث التنظيم أو التدبير أو الموارد، لاسيما عن طريق إدخال إصلاحات تشريعية وتنظيمية، همّت مؤخرا مراجعة توزيع السلطات بين الإدارة المركزية والوحدات الترابية في دستور 2011، وهو ما عملت على تكريسه القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، من خلال تعزيز استقلاليتها وصلاحياتها، مع نقل مجموعة من اختصاصات الإدارة المركزية إلى المصالح اللامتمركزة التابعة لها على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم.
الكتاب الجديد للدكتور المودن، هو عصارة تجربة أكاديمية غنية، ومنتوج فكري ساهمت في إخراجه إلى حيز الوجود كذلك مضامين مراجع متميزة باللغتين العربية والفرنسية، سيجد الباحث في المجال ضالته فيه بدون شكل، بالنظر لحمولته القانونية المتميزة، مما يجعل منه «وثيقة» ستنير درب الطالب والمهتم على حدّ سواء أثناء السير في مسالك التنظيم الإداري المغربي لسبر أغوار تشعباته، وفهم أكبر لما تختزنه تفاصيله وثناياه.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/11/2021