مئات الملايير في البنوك، والبعيوي والناصيري يفشلان في الإجابة عن سؤال: «من أين لك هذا؟»

كيف تحول عبد النبي بعيوي إلى ممول وحيد وفريد للعديد من الجماعات المحلية بجهة الشرق، إلى أن تحول الى مسؤول وطني وجهوي وعضو في اللجنة الوطنية للانتخابات؟
يعد عبد الرحيم بعيوي، شقيق المتهم الرئيس في قضية «إسكوبار الصحراء»، المساعد الرئيسي لشقيقه عبد النبي، حتى أنه أضحى علبته السوداء وأمين سره، حيث تفيد الأبحاث الامنية أنه شارك شقيقه والمواطن المالي، في الفترة الممتدة مابين 2006\2013 ، في تهريب كميات تتراوح مابين 3 و6 أطنان من مخدر الشيرا التي يتم تهريبها عبر منطقة الريش والراشيدية ورأس الخنفرة، حيث يتم نقل المخدرات عبر تمنراست في الجزائر ثم النيجر ثم الأراضي الليبية، كما أن حسابات عبد الرحيم بعيوي البنكية، حسب مصادر مقربة من التحقيق، عرفت حركية تقدر بالملايير التي كانت توضع نقدا في الحسابات الجارية في اكثر من ثماني حسابات بنكية مختلفة التوطين بلغت 7 ملايير و8 ملايير تباعا، كما أن حسابات أخرى ضمت ما يقارب 2،3 مليار سنتيم سنة 2023. وقد برر عبد الرحيم بعيوي هذه المداخل النقدية، حسب التحقيق، بأنها من عائدات استغلال المقاطع والأراضي الفلاحية التي يملكها، إلا أنها، حسب التحقيق دائما، تبقى ادعاءات واهية الغرض منها إخفاء مداخيل المخدرات التي كان يتسلمها نقدا، حتى أنه استطاع، ودون تحفظ، ضخ في مدة لا تتجاوز 20 يوما تقريبا مبلغ 950 مليون سنتيم ادعى أنه من عائدات موسم فلاحي رغم أن عملية الإيداع كانت في شهر فبراير.
وأثبت التحقيق أن عبد الرحيم البعيوي كان يسير مجموعة من الحسابات في اسم والدته يامنة، وأجرى بها عمليات بنكية تمت نقدا فاقت العشر مليارات تحث ذريعة المداخل الفلاحية ومقالع الأحجار، إلا انه كان يصر أن والدته لا علم لها بالقضية وتفاصيل هذه الحسابات. بل إن عدة تحويلات قام بها، حسب المصادر نفسها، فؤاد اليزيدي الذي يعتبر من بين أكبر مساعدي ومبيضي الأموال لفائدة عبد النبي بعيوي إلى حسابات عبد الرحيم والتي فاقت العشر مليارات سنتيم.
وجاء في التحقيق أن عبد الرحيم بعيوي استطاع بسلطته المالية أيضا اكتساح بعض الأجهزة الأخرى، وتمكن من بسط نفوذه اعتبارا لكونه رجل أعمال ورئيس جماعة وشقيق الباطرون عبد النبي بعيوي، ذلك أنه بمجرد أن بدأت أخبار الشاحنات الصينية تنتشر حتى أصدر أوامره إلى مدير شركة بعيوي القابضة وإلى المسؤول عن أقسامها، كل فيما يخصه حول تجديد الشاحنات الخمس، وهي من أصل سبعة التي تم إرسالها إلى المسمى عبد النبي بعيوي سنة 2014 حيث ضبطت واحدة محملة بكمية مهمة من مخدر الشيرا، في حين تعرضت الأخرى إلى حادثة تسببت في تعرضها لأضرار كبيرة.

عبد الرحيم بعيوي يتابع مواقع التواصل الاجتماعي

بينما كان عبد الرحيم بعيوي يتابع أحد التطبيقات الخاصة شاهد شريط فيديو يتحدث فيه صاحبه عن قضية مواطن مالي وعلاقته ببعض الشخصيات المغربية، كما اطلع على أن الشريط يتحدث عن شاحنات صينية، تم بيعها لفائدة الشركة التي يسيرها، كما تضمن الفيديو أسماء بعض أفراد عائلته بطونهم متورطين في هذه القضية، لحظتها أعطى أوامر لتجريد الشاحنات من أجهزة التتبع عن بعد مع استعمال جهاز التسليم لتغيير معالم الأرقام التسلسلي لهذه الشاحنات لكونها غير متوفرة على وثائق إثبات الملكية، ليتأكد أن اعترافات سناء والدخيسي وبنعيادة مؤكدة وأن القيام بهذه الأفعال تم بأمر من عبد الرحيم بعيوي، وذلك أيضا بتكليف العمال بنقل الشاحنات من مقالع عين الصفا إلى إحدى الضيعات لإنجاز المهمة، وقد تمكن أفراد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي تنقلت إلى الضيعة الفلاحية بضواحي وجدة من ضبط خمس شاحنات كانت مازالت بالخدمة وقد بدأت الأشغال من طرف بعض العمال من أجل تحويلها إلى خردة بأوامر من عبد الرحيم بعيوي وشقيقه عبد النبي، حيث تم تغيير معالم أرقامها التسلسلية وبدأت عملية التقطيع، حيث تم حجزها لفائدة البحث ، كما أفاد أحد السواق أن الشاحنة السادسة تعرضت لحادثة بمقلع للأحجار وأصيبت بأضرار بليغة، حيث تم نقلها إلى مخزن للشركة بوجدة، أما السابعة فقد أكد الكثير ممن كان يخضع لبحث المحققين بمجرد مشاهدة صورها أنها فعلا كانت من بين الصفقة التي اقتناها بعيوي من إسكوبار الصحراء وقادها سواقه من مستودع بالرباط إلى وجدة، وهي نفس الشاحنة التي تم حجزها بمدينة الجديدة من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية محملة ب 40 طن من المخدرات، وكانت الشاحنات مازالت تحمل اسم المالي الحاج أحمد بن إبراهيم الذي استوردها من الصين، إلا أنه لم يستطيع الحصول على شهادة المطابقة، وفوتها إلى بعيوي، الذي استعملها في نقل شحنة مت المخدرات، وقد كان لحظتها المالي معتقلا بموريتانيا.

الملايير في حسابات
بعيوي الأكبر

وأكد التحقيق أن حسابات بعيوي عبد النبي الثماني المعروفة لم تخل من ضخ الملايير، إذ عرفت العديد من العمليات النقدية التي بلغت اكثر من ثمانين مليار سنتيم مابين 2006 و2021 علما أن بعض السنوات لم تعرف إيداع اي مبلغ نقدي في حساباته المفتوحة في العديد من الوكالات البنكية في وجدة، إضافة إلى أزيد من أربع مليارات موضوعة في حساب آخر، وقد كانت جل التحويلات النقدية التي يعرفها حسابه تتم عن طريق قيمة سند الصندوق، وهي القيمة المجهولة الاسم التي أصبحت اليوم ممنوعة بحكم ان اموالها تكون دائما متعلقة بغسيل الأموال والأموال المتحصلة من المخدرات، كما أن احدى حسابات شركات بعيوي عرفت تحويلا ماليا بلغ 2500000درهم سنة 2017 لفائدة إحدى قريبات «إسكوبار الصحراء» المسماة فدوى، وهو ما أثبتته المديرة التجارية لبعيوي.
ولم يستطع عبد النبي بعيوي أمام قوة أسئلة المحققين تبرير المبالغ النقدية التي تم ضخها في حساباته المختلفة، في حين اعتبرها المحققون من عائدات الاتجار الدولي في المخدرات بحكم علاقته بالشاحنة المحملة بأربعين طنا من المخدرات وعلاقته الغير المتقطعة مع اسكوبار الصحراء.

الناصيري يخلط حساباته البنكية الشخصية وحسابات الوداد والعائلة

مكنت الأبحاث المالية التي أجرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء بالنسبة للحالة المالية لسعيد الناصيري شبهات في الأموال المتحصل عليها وطرق تدبيرها من 2014 إلى 2024 ما يناهز العشر مليارات في الحساب البنكي الأول. أما الحساب الثاني، فقد عرف إيداعات نقدية بلغت أكثر من نصف مليار في ظرف ثلاث سنوات.
الحساب البنكي الثالث بلغت الإيداعات النقدية مابين 2014 و 2023 أيضا أربع مليارات ونصف المليار. والغريب في أمر هذا الحساب أنه عرف إيداع نقدي بلغ مليار ونصف في ظرف 28 يوما. فيما الحساب الرابع المفتوح باسم احدى شريكاته، فقد ضخ فيه ما يقارب المليار نقدا في ظرف ثلاث سنوات 20\23. كما عرفت حساباته العديد من التحويلات من شركة بعيوي المتخصصة في العقارات، ومن أطره، وكذلك من أحد شركائه الذي يحمل الجنسية الألمانية المعتقل على ذمة الاتجار الدولي في المخدرات.
وقد حاول الناصيري، حسب التحقيق، تبرير هذه الإيداعات النقدية بسلفات من معارفه وأصدقائه ومداخيل بعض المباريات وأموال دعم الوداد البيضاوي، وعن إيداعه لمبلغ مليار ونصف خلال فترة وجيزة في حساب مفتوح باسم ابنه، يقوم الأب بتسييره، أفاد أنه دعم للوداد وأدلى بإشهادات موقعة في تاريخ واحد سنة 2023 مباشرة بعد فتم بحث من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وقد عمد المحققون إلى إجراء العديد من العمليات المحاسباتية، إلا أن نتائجها كانت دائما تصطدم بأرقام مالية تم ضخها نقدا في حسابات الناصيري وابنه وشركته والوداد البيضاوي، والتي تفوق الثلاثين مليار غير مبررة لا في التجارة، ولا في الاقتراض من المعارف، ولا مداخيل الوداد البيضاوي. ذلك أن حسابا واحدا بلغ في ظرف سبع سنوات أكثر من عشر مليارات أودعت نقدا كما أن حساب بنكي آخر كان يضم أكثر من ثماني مليارات فيما بلغت الإيداعات نقدا في حساب آخر ما يناهز الخمس مليارات، ذلك ان المبالغ المالية التي تم ايداعها بالحسابات البنكية المختلفة للناصيري فاقت الخمسين مليارا في ظرف ثماني سنوات، وهي المبالغ التي تم ضخها نقدا، ولم يستطيع تبريرها رغم إدلائه بإشهادات موقعة بشكل متقارب من طرف بعض أقربائه ومدعميه، والذين لم يستطيعوا الأداء للمحققين بما يفيد أن هذه المبالغ منهم.


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 30/01/2024