الانتقال من «راميد» إلى «أمو» يفرز «حالات خاصة» تعذّر عليها الولوج للصحة

مصابون بالسرطانات وبأمراض مزمنة مكلفة كانت لديهم مواعيد انتظروها بفارغ الصبر

 

وجد عدد من المرضى أنفسهم غير قادرين على الولوج إلى خدمات صحية مختلفة بعد دخول قرار تعميم التغطية الصحية، في فاتح دجنبر من سنة 2022، حيّز التنفيذ، بسبب تأخر معالجة الملفات الخاصة بهم، لأن عملية الانتقال من نظام المساعدة الطبية «راميد» إلى نظام التأمين الأساسي الإجباري عن المرض «أمو» لم تتم بكيفية تلقائية.
وتعذّر على أسر كثيرة ولوج أحد أفرادها خلال الأسابيع الأخيرة للصحة بشكل عام، وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي»، سواء تعلق الأمر بالآباء أو الأمهات أو الأبناء، خاصة من كانت لديهم مواعيد مبرمجة قبل أشهر، إما للاستفادة من فحوصات بالأشعة السينية أو بجهاز «السكانير» أو الرنين المغناطيسي أو بـ «البيتسكان» أو من أجل إجراء عمليات جراحية، لأنهم وجدوا أنفسهم بدون «حماية اجتماعية» بعد انتهاء العمل بنظام «راميد»، الذي لم تعد بطاقته تسعفهم في شيء، ولأن المعلومات الخاصة بهم لم تظهر لمقدمي العلاجات معلوماتيا على النظام الجديد للتغطية الصحية.
وعاشت العديد من الأسر صدمة كبيرة وهي تتجه صوب مستشفيات على امتداد تراب المملكة مصطحبة أطفالا مصابين بالسرطان أو بأمراض مزمنة أخرى مكلّفة، الذين كانوا على مواعيد انتظروها لمدة ليست بالهيّنة وظلوا يمنّون النفس ببلوغ أجلها، للاستفادة من فحوصات طبية ضرورية بهدف تشخيص وضعياتهم الصحية بمنتهى الدقة حتى يتسنّى الشروع في العلاج، أو من أجل الخضوع لتدخلات جراحية مختلفة، فوجدوا الأجوبة الصادمة التي لم يكونوا ينتظرونها أمامهم بسبب هذه الوضعية الاستثنائية التي حرمتهم مما كانوا يمنّون النفس به وأدخلتهم دوامة جديدة من التيه والانتظار.
وضعية تعتبر القاسم المشترك بين العديد من المواطنين، إذ أرخت بظلالها كذلك على مرضى آخرين من مختلف الفئات العمرية، سواء تعلق الأمر بمن يعانون من قصور كلوي أو أمراض على مستوى القلب والشرايين أو علل أخرى مختلفة يتعين علاجها بشكل سريع، لكن السبل الممكّنة من ذلك لم تكن معبّدة أمامهم، فرجعوا بخفي حنين. وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن أرباب أسر طلب منهم ضرورة التسجيل في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي، وهو الأمر الذي قام به العديد منهم، الذين أكدوا بأنهم قاموا بكل الخطوات الإدارية الضرورية لكي يستفيدوا من التغطية الصحية لكن معالجة ملفاتهم عرفت تعثرا مما حرمهم من المواعيد الطبية التي كانت مبرمجة وزادت في تأخير ولوجهم هم أو أحد أفراد أسرهم إلى العلاج، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع هامش الخطر واتساع رقعة انتشار الأمراض، لاسيما بالنسبة لأمراض السرطانات التي يعتبر عامل الوقت مهما في التشخيص والتكفل من أجل علاج ممكن.
مساطر إدارية إذا كانت تعتبر أساسية من أجل حصر لوائح المستفيدين من التغطية الصحية في شكلها الجديد التي جاء بها الورش الملكي للحماية الاجتماعية، وبهدف ضبط مسارات ولوج المواطنين إلى الخدمات الصحية المختلفة، فقد يعتريها البطء وقد يطبع الأداء الخاص بها التعثر، خاصة وأنها تظل مساطر جافة تمر من مسلك رقمي لا تستطيع أن تحسّ بما هو إنساني وأن تستحضر معاناة مرضى في وضعيات صحية متقدمة، وهو ما يتطلب إعمال الليونة في حالات من هذا القبيل من طرف مسؤولي المؤسسات الصحية في علاقة بالأطراف المعنية بتطبيق وتنظيم عملية الاستفادة من التغطية الصحية، لضمان عدم حرمان مرضى في وضعيات صحية صعبة من الولوج إلى العلاج، وتفادي تعميق حدة معاناتهم، وتقديم المساعدة لهم باعتبارهم أشخاصا في حالة خطر يحتاجون إلى من يمدّ لهم يد العون لا من يوصد الأبواب في وجوههم.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/01/2023