من أجل استعادة الأدوارالثقافية لتطوان مثقفون ومنتخبون يلتئمون  في ندوة فكرية

 

أكد أنس اليملاحي، نائب رئيس جماعة تطوان، أن الجماعة  ستحرص على الحفاظ ومساندة كل التظاهرات الثقافية، قصد  تكريس تقليد ثقافي يؤمن الجميع  بإيجابيته وضروريته، والذي قد يمكن من استعادة  الدور الريادي الذي كانت تلعبه  مدينة  تطوان على جميع المستويات والأصعدة.
وأضاف اليملاحي أثناء مشاركته  في ندوة فكرية  نظمتها جماعة تطوان مساء يوم السبت المنصرم ، بمشاركة ثلة من المثقفين والباحثين  حول «استعادة الأدوار الثقافية لتطوان»  أن عدة مهرجانات ثقافية وفنية تراجعت مردوديتها  أمام قلة الدعم أو حجبها بصفة نهائية بدواع واهية، واعتبار أن الفعل الثقافي لا أهمية  له ويشيع قيما بعيدة عن الهوية  الحضارية المتعددة الروافد.
وعرج المسؤول الجماعي  على  الأدوار الثقافية لتطوان، مشيرا  لدورها المتميز  الذي  تجسد منذ وصول الأندلسيين إليها عربا ويهودا وقبلهم كانت مستوطنا للقبائل الأمازيغية، فتلاقح بداخلها المكون الأمازيغي والعربي واليهودي في تناغم وانسجام تام ما بين المكونات الثلاث وأفرز الشخصية المحلية المرتكزة على تراث ثلاثي أبعاد.
وتوقف المتحدث ذاته عند  الفترة التي خضعت فيه المدينة وكل شمال المغرب للحماية الاسبانية، حيث تم  إفراز نخبة تطاونية سعت بكل جهدها لتملك ناصية التقدم الأوربي بدون التخلي عن الهوية المغربية، ولذا اعتبرت أن المدخل الرئيسي لذلك يرتكز على إنشاء المدراس الحرة من قبل، المعهد الحر، مدرسة الفضيلة، المدرسة الأهلية، بدون أن تتعصب إليها عبر إرسال أبنائها للتعليم الاسباني. وكذا إنشاء المنابر الصحفية من قبل جرائد السلام والأمة وغيرها، وإنشاء المطبعة الأهلية، والفرق المسرحية، والأجواق الأندلسية وغيرها، مضيفا أن  الصرح الثقافي امتد  لسنوات الستينات والسبعينات والثمانينات حيث أنشئت الجمعيات الثقافية والسينمائية والفنية بتصورات جديدة وبطموحات كبيرة وبإمكانيات منعدمة مما أفضى إلى بروز مهرجانات دولية كمهرجان تطوان السينمائي لبلدان البحر الأبيض المتوسط، وعيد الكتاب، ومهرجان العود، ومهرجان أصوات نسائية، ومهرجان الأشرطة المرسومة  ودار الشعر، مشددا على ضرورة  فتح حوار مع كل الفاعلين الثقافيين لبلورة تصور ومشروع  ثقافي مشترك لفائدة المدينة وسكانها.
حسناء داوود، رئيسة مؤسسة داوود للتاريخ و الثقافة  أبرزت  من خلال عرضها جوانب العناية التي يوليها أهل هذه المدينة للمسألة الثقافية بالخصوص، من أجل إظهار  الجانب الحضاري بها، كمدينة كانت ولا تزالت عنوانا للأصالة والرقي. وأن  أهم ما برزت فيه هذه المدينة ، هو غناها ثقافيا، على مستوى الإنتاج الأدبي والصحافي والفني، وكذا العناية بالمآثر والمتاحف ومراكز الفنون والصنائع.
وفي هذا الصدد، أوضحت الباحثة حسناء داوود» أنه   لا يمكن أن ننكر وجود بعض الهيئات أو الشخصيات الإسبانية التي كان لها دور في تنشيط هذا المجال بصفة عامة في فترة خضوع شمال المغرب للحماية الإسبانية، إلا أن الفئة المثقفة والمتنورة من رجال تطوان، كان لها الفضل الأكبر في حفظ الهوية، وفي الوقت ذاته، في نشر ثقافة الانفتاح على الغير، والاطلاع على ما يجري في المجتمعات الشرقية والغربية .ولاحظت المتحدثة في تناولها لموضوع استعادة الأدوار الثقافية لتطوان «  أن هناك عناية فائقة بموضوع الصحافة الرائدة، التي ارتبطت توجهاتها بنضال الحركة الوطنية خلال عهد الاستعمار بالخصوص، حيث عرفت تطوان عرفت نهضة صحافية كبرى، حتى أطلق عليها لقب «القاهرة الصغرى»، لكثرة ما كان يصدر بها، من الصحف والمجلات ذات المشارب المتنوعة، فمنها السياسية والحزبية، والدينية والأدبية والعلمية والفنية، . وكانت هذه الصحافة منفتحة على العالم أجمع، مواكبة للأحداث العالمية، راصدة للمواهب الصاعدة، ولإنتاج الأقلام الشابة، التي احتلت فيما بعد مراتب الصدارة في الساحة الأدبية والعلمية والفنية المغربية».
المهدي الزواق مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة أكد أن استعادة الأدوار الثقافية لتطوان يجب أن تمر من مرحلتين أساسيتين: الأولى تتعلق بالثقافة باعتبارها العنصر الأول الذي يجب مراعاته في التنمية، في حين تتعلق الثانية بالانفتاح على المستقبل من خلال دراسة أهمية استخدام استراتيجية ثقافية وتعبئة الجهات الفاعلة المحلية .ولتحقيق ذلك يرى المتحدث ذاته أن المشاريع الثقافية يجب أن تقدم انعكاسا مدعوما بدراسات الحالة و السلوكات الأكاديمية وتستهدي أيضا بضرورة مشاركة أصحاب المصلحة في المجال الترابي، معتبرا إياها دعوة للتفكير في مكانة الثقافة في التنمية المحلية وخاصة في المدن، وبالأخص مدينة تطوان من الضروري الإهتمام بالأصول والجذور التراثية المتفردة والأصيلة والتي ما زالت حية بين المجتمع التطواني فضلا عن التعبيرات الثقافية و الفتية الحديثة و المعاصرة بمنظور تنموي وشامل ومستدام تندمج فيه كل مكونات مدينة تطوان كمجال تراثي وثقافي وفني متفرد وواعد.
واعتبرالزواق أن هناك ورشا ثقافيا ضخما يندرج ضمن رؤية عامة متعددة الأبعاد لتأهيل النسيج الخضري للمدينة باستثمار ضخم تم في سياق العلاقة بين الثقافة والمدينة والذي يأتي و بكل بقوة ليساهم في تطور الحاضرة الكبرى للمغرب ولمدينة تطوان ..
هذا وطرح الزواق خمسة مقترحات لتنمية مدينة تطوان من ذلك المعرفة الحقيقية للمجال، الإقامة في المجال الترابي،فضلا عن أنشطة ثقافية  جماعية مع إنشاء مؤسسة ثقافية كبرى بالإضافة تقديم الثراء التاريخي.
من جانبه  قدم  مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير من خلال مداخلته حول « استعادة الأدوار التاريخية لتطوان «  عشرة مقترحات من أجل تطوان التي يعرفها ، وتطوان التي يريدها … هذه المقترحات العشر في نظر الشاعر مخلص الصغير  يجمعها تصور واحد هو ما يعرف في السياسات الثقافية المعاصرة بالهندسة الثقافية، وتتمثل في:
– مجلس ثقافي: تنطلق الدعوة إلى تأسيس مجلس ثقافي من تصور مفاده أن الثقافة ليست في خدمة السياسة، بل وجب أن تكون السياسة في خدمة الثقافة
– البنيات الثقافية: إذ لا تتحقق الثقافة في غياب بنيات حاضنة للممارسة الثقافية. من هنا، حق لهذا المجلس الجماعي الصاعد الواعد أن يرقى بالبنيات الثقافية القائمة، وأن يبعث فيها الحياة الثقافية ما استطاع إليها سبيلا جميلا.
– دعم الفاعل الثقافي والإبداعي: إلى جانب الأدوار التي يقوم بها قسم القراءة العمومية في وزارة الثقافة، أمكن للجماعة أن تغني الرصيد الوثائقي لهذه المكتبات، وأن تدعم المثقف المحلي.
متاحف تطوان:التفكير في متاحف أخرى قطاعيةمن قبيل متحف للباس المحلي التقليدي ومتحف الذاكرة الفوتوغرافية..
– مجلة تطوان:
إصدار مجلة تطوان، مجلة جامعة وشاملة، على غرار ما أقدم عليه أجدادنا، حين بادروا إلى نشر مجلات رائدة في العالم العربي…

– مهرجانات وملتقيات
من بين مسؤوليات المجلس الجماعي دعم المهرجانات الكبرى في المدينة، التي خفت بريقها في السنوات الأخيرة، بسبب تراجع المجلس الجماعي عن تقديم الدعم.

– اللوجستيك الثقافي:
تجاوز التصور التقليدي للدعم، والذي يقتصر على مجرد الدعم المالي، بما يثيره من صراعات وأسئلة تتعلق بالموارد والمصادر وطرق صرف هذا الدعم والتفكير في دار الثقافة بمادرة من الجماعة.
– جوائز وتكريمات:
من تطوان سطع اسم كبار المثقفين المغاربة والعرب والإسبان، حين نالوا عددا من الجوائز التي كانت تقدمها المدينة، من قبيل جوائز عيد الكتاب وجائزة معهد مولاي الحسن وغيرها.

– الفضاءات الثقافية
في انتظار بناء المسرح الكبير، على ضفاف وادي مرتيل، كما تجري تهيئته الآن، واستكمال مشروع القصبة المرينية، واستئناف التفكير في فضاء قصر الخليفة، التابع لمؤسسة بنكية.
أحمد حسني رئيس مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط  و في استعراضه للمراحل التي قطعها المهرجان بعد نشأته بمبادرة من طرف جمعية أصدقاء السينما بتطوان،أوضح ان هذه المهرجان ساهم في الترويج لسينمائيي الفضاء المتوسطي، والاستجابة إلى ذوق الرواد باختلاف مشاربهم وتنوع قناعاتهم .كما أنه نجح في نشر ثقافة سينمائية ممزوجة بالإبداع والفن بكل أشكاله من الموسيقى إلى الفنون التشكيلية .وأضاف حسني أن البداية كانت بلقاءات سينمائية بتطوان قبل ان تتحول إلى مهرجان دولي، محققا نقلة نوعية انطلاقا من النسخة العاشرة حيث استطاع يجمع كل الفنانين ومحترفي ومحبي الفن السابع بالضفة المتوسطية، وبالتالي أصبح الفضاء المتوسطي يعبر عن هوية المهرجان الذي يحمل هم الترويج لسينما من نوع خاص يختلف عما هو معروف في دور السينما إلا أنه يحمل قيما عالمية لها علاقة مباشرة بالواقع  المعاش في دول البحر الأبيض المتوسط .. وتطرق المتدخل الى العديد من  الإكراهات التي واجهت المهرجان قبل أن يقدم  العديد من الاقتراحات الهادفة إلى تطوير المشهد الفني بتطوان ودعم الأنشطة الثقافية التي تعودت المدينة على تنظيمها والتي  حققت من خلالها إشعاعا  ثقافيا واسعا للحمامة البيضاء .


الكاتب : مكتب تطوان : عبد المالك الحطري

  

بتاريخ : 16/11/2021