نفس جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع «استراتيجية الحكومة في مجال تدبير الماء»

عبد الرحيم شهيد يدعو إلى اعتبار الماء القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية

أيت الحاج: أضحت أزمة الماء بنيوية، فماهي الإجراءات لمواجهتها؟

 

 

ساءل الفريق البرلماني الاتحادي بمجلس النواب، في شخص نور الدين  أيت الحاج، رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن الوضعية الصعبة التي تعيشها بلادنا في مجال الماء الشروب، مطالبا باتخاذ إجراءات لإنقاذ وضع أصبح بنيويا. كان ذلك بمناسبة مثول عزيز أخنوش بالبرلمان في إطار اللقاء الشهري طبقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب.
وفي تعقيب عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب
في نفس جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع «استراتيجية الحكومة في مجال تدبير الماء» قال: « اسمحوا لي بداية أن أتقدم باسم الفريق الاشتراكي بأحر التهاني إلى جلالة الملك والشعب المغربي والمنتخب الوطني على إنجازه التاريخي بولوج المربع الذهبي والتأهل إلى الدور النصف النهائي لكأس العالم بدولة قطر الشقيقة.
ولنا أن نعتز بالعمل الجماعي الطموح لفريقنا الذي حطم الذاتيات والأنانيات، وكرس الروح الوطنية الحاضرة دوما في اللحظات الصعبة والمنعطفات التاريخية الكبرى.
ولأن الحدث استثنائي، اسمحوا لنا لأنكم تتفاءلون بالرقم 10، أن نتقاسم معكم دروس المونديال في عشر صور:
الصورة الأولى: ملك المغرب يخرج إلى شوارع الرباط ليحتفل مع شعبه مرتديا قميص المنتخب الوطني؛ رمز التحام ملك وشعب، ودلالة طمأنينة في بلاد الأمن والأمان.
الصورة الثانية: أمير قطر بشرفة الملاعب يحتفل حاملا علم المغرب فرحا بانتصارات المنتخب المغربي، دلالة تضامن واحتضان وأخوة.
الصورة الثالثة: آلاف الحناجر المغربية تردد النشيد الوطني في بداية كل مقابلة بحماس وعنفوان، إحساس بالرفعة والسؤدد.
الصورة الرابعة: ابتسامة بونو، صرخة زياش، ثقة حكيمي، مهارة أوناحي، شراسة أمرابط وقفزة النصيري .. ومن خلفهم قتالية الفريق بروح العائلة دفاعا عن العرين والوطن.
الصورة الخامسة: عناق اللاعبين لأمهاتهم في نهاية المباريات دلالة هوية وأصالة من عمق جذور هذا الوطن، ومن وراء ذلك ملايين النساء الداعمة للأسود داخل الملعب وخلف الشاشات وفي كل الساحات بمدن الوطن.
الصورة السادسة: ملايين المشاهدين المتظاهرين يغنون يرقصون .. يحتفلون بهذا الإنجاز الأسطوري .. واستحضر المغاربة ذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى المسيرة الخضراء واستعادوا تراثهم الغنائي وغنوا نداء الحسن، عيشي عيشي يا بلادي عيشي، العيون عينيا وبلادي يا زين البلدان… وغيرها.
الصورة السابعة: في كل دول العالم، جاليات مغربية تتضامن .. تحتفل وتفخر بانتمائها الذي لا يشيخ لهذا الوطن. في ساحات العالم العربي، في بلدان إفريقيا، في كل دول العالم، رفعت الجماهير والشعوب شارات النصر والتقدير لشموخ هذا الوطن.
الصورة الثامنة: في فلسطين، تحصل المعجزات ويلتقي أشد الخصوم والمتناقضين في حب المغرب ورفع علمه والغناء له .. في اليمن وليبيا والسودان، ترك الإخوة الأعداء السلاح ووضعوا صراعهم جانبا ليتحلقوا أمام الشاشات نصرة وفرحا بمنتخب المغرب.
الصورة التاسعة: المدرب المغربي الشاب المهووس بحب الوطن وحب لاعبيه يقول: «ديرو النية ..» وفي ذلك قوة إيمان وعزيمة وتواصل لبناء فريق متماسك بروح الجماعة لإعلاء راية الوطن.
الصورة العاشرة، الألف، المليون: التحام أمة كاملة بمدنها وقراها، بشمالها وجنوبها، بنسائها ورجالها، بشيبها وشبابها وأطفالها، مؤمنين بالأمل في مستقبل هذا الوطن ونمائه وعزته يرددون شعار: «سير .. سير …»
ملحمة بالغناء والزغاريد، هي:
“فرحة ملك وشعب».
إنها: «تمغربيت»…
إنه «الاستثناء المغربي».»
وأضاف شهيد أن هذا الاستثناء المغربي، نريد له جماعة أن يتحول إلى قوة دافعة تصنع التنمية، تصنع الالتحام الوطني في كل القضايا، وليس ذلك بعزيز على هذا الوطن.
وعن موضوع المساءلة الشهرية المتمحور حول الماء، أوضح شهيد أن «الفريق الاشتراكي سبق له أن طالبكم، منذ بداية ولايتكم الحكومية، لأهمية هذا الموضوع، بعقد مناظرة وطنية حول الماء لبلورة استراتيجية وطنية تشاركية لتثمين الثروة المائية. نعيد التأكيد على مطلبنا، وندعوكم إلى إقرار ميثاق وطني يجعل من الماء، بعد قضية وحدتنا الترابية، أولوية وطنية قصوى تكون محط تعبئة وطنية شاملة لكل المغاربة وراء جلالة الملك.
وسنبدأ، أولا، من حيث التزاماتكم الحكومية، مع مضامين عرضكم ومع التزامات برنامجكم الحكومي الذي على أساسه نلتم ثقة البرلمان، من أجل قياس مدى وفائكم بوعودكم حول السياسة المائية.
فقد التزمتم في برنامجكم الحكومي، وفي إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020 – 2027)، بتعزيز العرض من مياه السقي من خلال تشييد 20 سدا كبيرا، وإنشاء 3 محطات جديدة لتحلية مياه البحر وإتمام 5 محطات أخرى، وإحداث 150 سدا صغيرا وما بين 20 و30 سدا تليا سنويا. وهو ما أكدتم على بعض منه في مداخلتكم الآن. لهذا، فإننا نسائلكم مرة أخرى عن المؤشرات التي تظهر أن هذه الأرقام ستتحقق السيد رئيس الحكومة ليطمئن المغاربة على جهودهم وعلى أمنهم المائي.
كما التزمتم بمواصلة الحفاظ على صمود الفلاحة في مواجهة العجز المائي، بكلفة استثمارية تقارب 18 مليار درهم، لكن أين هذا الرقم من الآثار الملموسة لضمان صمود الفلاحين الصغار والمتوسطين بالمنطقة الهشة، في الجبال النائية والأراضي الفلاحية غير المجهزة؟ للأسف لم نجد دعما ملموسا لسكان الواحات المتضررة من الجفاف والحرائق بمناطق درعة تافيلالت وجهة كلميم وسوس ماسة، طاطا، زاكورة، ورزازات، الرشيدية ثم المناطق المرتبطة بأسا، لم نعثر على الدعم اللازم لصغار الفلاحين ومربيي الماشية البسطاء بالخصوص في المناطق الشرقية وبالمناطق الجبلية على طول سلسلة الأطلس».
وأضاف شهيد مخاطبا أخنوش» تعهدتم،  بتدبير عادل ومسؤول للموارد المائية، وبإعادة هيكلة منظومة الحكامة المائية لتعزيز النجاعة والانسجام بين البرامج والفاعلين، ولم تبادروا، ونحن على مقربة من منتصف الولاية الحكومية، إلى الإصلاح المؤسساتي الضروري وإلى إعادة النظر في السياسة المائية وفق مقاربة شاملة مندمجة تحقق الالتقائية.
نستغل الفرصة لنقول مرة أخرى: الماء مشكلته اليوم في المغرب وأنتم تعرفون ذلك، هو توزيعه بين العديد من الوزارات والقطاعات، الالتقائية غائبة، الحكامة في المجال غير متوفرة، سبق لنا أن أشرنا إلى ذلك مرة أخرى، السد يوجد في الأعالي عادة داخل إقليم، الذين يستفيدون منه في الأسفل داخل إقليم آخر ، التحكيم غائب، عامل إقليم داخل فضاء معين أولويته هو الماء الشروب، وعامل إقليم في الأسفل أولويته هي السقي والفلاحين. في الكثير من الأحيان، تضيع مصالح المواطنات والمواطنين في غياب الحكم، صاحب الماء هي الأحواض المائية، لكن ليست لها السلطة وليست لها القوة وتبقى أيضا متفرجة في الكثير من الأحيان. ولهذا، السعي والحرص في هذه الفترة على ضمان الالتقائية مهم وضمان آلية للتحكيم داخل المجال تكون لها القوة الفعلية مهم للغاية.
مازلنا، للأسف، إلى اليوم لم نحسم في الهيئة القيادية المكلفة بتدبير المنظومة المائية والأحواض المائية على الصعيدين الوطني والجهوي من أجل حكامة إدارية أنجع في اتخاذ القرار وتتبع تفعيله، ولم نحدث إلى الآن آليات للتحكيم تتولى الإشراف على التوزيع العادل والمنصف في ما بين الجهات والمناطق المختلفة.
في الصفحة 65 من برنامجكم الحكومي، جعلتم من الماء وسيلة من وسائل تحقيق الأهداف المسطرة في استراتيجية «الجيل الأخضر» الفلاحية. الأمر محمود ويقتضي منكم ونحن نعرف اليوم، ونحن نتحدث تحت سلطة الرئيس، لدينا في البرلمان اليوم اللجنة الموضوعاتية لتقييم المخطط الأخضر، حتى لا يكون هذا الموضوع موضوع «بوليميك» لاحقا. فعلا، نحن في حاجة على مستوى المخطط الأخضر أن يكون لدينا تقييم للماء ولكلفة الماء كم كانت؟ كي لا نتركه كرة متدحرجة لاحقا لتستغل من أي كان. كلفة المخطط الأخضر بقوته لن يستطيع أحد إخفاءها، ولكن كلفة الماء والري بالتنقيط هل كانت للجهات المزروعة أو أننا أحدثنا ضغطا أجهدنا به الماء؟ ليس لدينا أي حرج للقيام بتقييم حقيقي لبرامجنا الوطنية، ونقول: إذا أردنا الدخول للمخطط الأخضر، علينا أن ندخل للجيل الأخضر بدون عيوب المخطط السابق.
وأوضح المتحدث أن الأمر يتعلق بالماء كحق دستوري ينص عليه الفصل 31 الذي يقر ضرورة عمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة.
وتساءل شهيد :» ما هي إجراءاتكم لتفعيل هذا المقتضى الدستوري؟ ونحن نتذكر، إلى الأمس، الكثير من الاحتقانات والتوترات التي دعا جلالة الملك إلى تجنبها، تحدث في الكثير من المناطق بسبب الماء الشروب. وفي الكثير من الأماكن التي حدثت فيها هذه التوترات، كانت لأننا أعطينا الأولوية لأمور صناعية أو لأمور فلاحية.»
وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي أن» المطلوب منكم التدخل العاجل لحل المشاكل اليومية التي تعرقل توفر المواطن على الماء الشروب، واتخاذ تدابير استعجالية لرفع المعاناة عمن يقطعون عشرات الكيلومترات للحصول على قطرة ماء لتخفيف شدة العطش، وخاصة في أوساط النساء بالعالم القروي».
وقال موجها كلامه لرئيس الحكومة:» لا أعتقد أن هذه الصورة تخفى عليكم، كلما ابتعدنا عن المركز، نجد آلاف النساء ما زلن يذهبن إلى مناطق بعيدة بعشرات الكيلومترات لجلب الماء، هذا المشهد يجب ألا يبقى في بلادنا، وأن نعول على الإرادة الملكية أولا، وعلى العمل الحكومي لكيلا يبقى هذا المشهد في السنوات القادمة وأن نتغلب عليه.
فما هي إجراءاتكم لتنفيذ التوجهات الملكية ذات البعد الاستراتيجي؟
أية تدابير استعجالية اتخذتموها لجعل الماء جزءا لا يتجزأ من «المنظومة الوطنية المتكاملة للمخزون الاستراتيجي» كما دعا إلى ذلك جلالة الملك؟
إلى حد الآن، ومنذ أن طرحنا وسبق لنا أن طرحنا خلال جلسة المساءلة الشهرية في 18 أبريل 2022، موضوع عن استراتيجيتكم في المخزون الاستراتيجي؟ لم نر أي تدابير، ونتمنى أن يكون جوابها مناظرة وطنية من أجل الماء في القريب.»
وختم شهيد تعقيبه قائلا: «لقد حصل تراجع مهم، وأنا أتكلم تحت رقابة الوزير المكلف بالماء، في الموارد البشرية في وزارة الماء ، لقد كانت لدينا خيرة الموارد البشرية والمهندسين الذين يشتغلون في هذه الوزارة وبذلوا مجهودا، وكانوا يحصلون على تكوينات في مستوى عال  في دول متعددة، اليوم هذا غير موجود والموارد البشرية في هذه الوزارة متضررة وغير راغبة في العمل، كان لدينا مهندسون يشرفون على بناء السدود من أجل شركات كبرى، اليوم يجب إعادة النظر وإرجاع الاعتبار لموظفي هذه الوزارة والأطر المغربية الكفؤة، ونحن نتحدث في هذا الظرف، كلما أعيدت للأطر الوطنية قيمتها تعطي النتائج .
ونحن نتكلم عن الماء الشروب، لدينا مشكل في مؤسسة عمومية مكلفة بالماء الشروب، وأرى أنها غير مكلفة بذلك. في كل إقليم، نجد مجموعة من الجماعات تدبرها هذه المؤسسة، لكنها لا تدبر جماعات أخرى. وفي غالب الأحيان، نجد أن الجماعات التي تدبرها هذه المؤسسة هي التي فيها مشاكل، وليس في تلك التي تدبرها الجماعات أو الجمعيات. فبالتالي، إلى متى ستظل هذه المؤسسة عبئا على الدولة وعلى المواطنات والمواطنين. لابد من الجواب بقوة؟ هناك سوء تدبير وتسيير واستثمار داخل هذه المؤسسة. نحن لا نتحامل على أحد، لكن لكي تعطي هذه المؤسسة النتائج، على الجميع تحمل المسؤولية وعليكم السيد رئيس الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة في هذا المجال.
مرة أخرى، السيد رئيس الحكومة، نتمنى لكم التوفيق. وبالروح المتفائلة الموجودة اليوم في البلد، نعول على أن يصبح إشكال الماء أولوية للوطن وستجدون منا كمعارضة واعية ومسؤولة، السند لاتخاذ التدابير اللازمة».


الكاتب : محمد الطالبي: مكتب الرباط

  

بتاريخ : 14/12/2022