جلالة الملك يخاطبنا

  عبد السلام المساوي

لقد تعلمنا أنه لا يمكن قراءة الخطب الملكية دون الرجوع إلى مضامين الخطب السابقة، وأن هناك خيطا رابطا بينها جميعا، وبالتالي فإن أي قراءة لا تأخذ بعين الاعتبار الخطابات السابقة تبقى قراءة معيبة وتزيغ عن الصواب.

عندما نقرأ خطابا ملكيا، فاننا نستحضر بشكل أوتوماتيكي خطبا ملكية أخرى حملت معها ثورات هادئة في مجالات الإدارة العمومية والديبلوماسية والجهوية المتقدمة ومراكز التكوين المهني والتعليم ومراكز الاستثمار الجهوي وميثاق اللامركزية …وغيرها من المجالات التي تهدف إلى تحسين حياة المواطن وتجويد الخدمات العمومية، وتسعى إلى تحقيق مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية …

لقد جاء في أكثر من خطاب ملكي، أن تشريح وتشخيص الواقع، بكل جرأة وموضوعية، ليس نقدا هداما ولا يدخل في خانة جلد للذات، لكنه نقد بناء خاصة وأنه مرفوق دائما بالاقتراحات والحلول الاستعجالية والاستراتيجية …

لقد شكلت خطب جلالة الملك محمد السادس جيلا جديدا من الخطب، إذ تميزت بالواقعية والموضوعية والجرأة، سواء في مجال تشخيص الواقع وانتقاد أداء المؤسسات والمرافق الإدارية…

كل خطاب ملكي منسجم ومكمل لخطب جلالة الملك محمد السادس في الآونة الأخيرة، خطب تتميز بسمات جديدة لم يألفها المواطن من قبل ولم يتعود عليها ذوو المناصب والمحتكرون للثروة والسلطة …خطب متجددة وحداثية تتماشى وروح العصر، بل وتحمل في طياتها حمولات سياسية واقتصادية واجتماعية بلغة سلسة واضحة يفهمها ويتذوقها الجميع .

إن خطب جلالة الملك محمد السادس متميزة شكلا ومضمونا، وتشكل خارطة طريق لإخراج المغرب من كل الاختلالات السياسية والتنموية والاقتصادية والمجالية، لكنها في حاجة، ليس لمن يشيد بها، بل لمن يلتزم بها وينزلها إلى ارض الواقع .

خطب ملكية متماسكة ومنسجمة، تحكمها وحدة الهدف ووحدة الرؤية …

خطب مؤسسة على ثوابت مبدئية ورؤية واعية واستراتيجية …

خطب حية متجددة يحكمها ناظم مشترك، تنمية المغرب وخدمة المواطن …

خطب واعية وهادفة، خطب عقلانية لا تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي ….

خطب الحقيقة، واضحة شكلا ومضمونا، لغة وفكرا، منهجية ورؤية …. يقول جلالة الملك في خطاب العرش 29 يوليوز 2019: ” نحن نريد سماع الحقيقة كاملة عما يجري في بلادنا وإن كانت قاسية ومؤلمة .” يقولها ملك البلاد بكل الوضوح الممكن، يقولها ويكررها لمن يريد أن يفهمه، لا لمن يريد فقط الإنصات لجلالته .

خطب صريحة وصارمة، خطب نقدية، جريئة وشجاعة …

وعلى المسؤولين الذين يقولون لنا دائما إن المصلحة العامة تهمهم أكثر من الخاصة أن يؤكدوا لنا هذه المرة بالملموس، بالفعل لا بالكلام، أنهم مقتنعون بهذا الشعار الذي يرددونه، وأن يحاولوا تدوير العجلة، وإخلاء المكان، والبحث عمن يستطيعون الحديث مع مغرب 2022 بلغة 2022 بل بلغة 2030 و 2050 و…

إن المسألة تهم مستقبل وطن بأكمله، المستقبل الذي ينادينا ، والذي يطرح على كل واحد منا السؤال؛ أي بلد سنتركه للأبناء والأحفاد بعدنا ؟

جاء في خطاب العرش 29 يوليوز  2019: ” إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك. وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره .”

خطب متميزة بنفس اجتماعي متقدم تذكرنا جميعا بأن ما يمسنا يمس ملك البلاد، وأن الشعور متبادل حتى الختام …

اليوم صدق المغاربة والمغربيات، اليوم تحققت نبوءات من سكنهم المغرب قبل أن يسكنوه، اليوم الكل يقول شكرا جلالة الملك  .

الكاتب :   عبد السلام المساوي - بتاريخ : 01/08/2022

التعليقات مغلقة.