من الآن، لن نقبل بأقل من هذا المستوى

عزيز بلبودالي

 

أجمع المتتبعون لمنافسات كأس العالم التي اختتمت أمس الأحد بقطر،على الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي من خلال وصوله للمربع الذهبي كأول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى هذا المستوى.
أكيد،شكل المنتخب الوطني حالة خاصة في هذا المونديال،حالة إعجاب وإبهار،فرح وسعادة، ومحطة شكلت علامة بارزة نجحت في تحقيق وحدة عربية وإفريقية عجزت عن تحقيقها كل المؤسسات والهيئات السياسية.
لقد ودع منتخب المغرب مونديال قطر بعد أن احتل المركز الرابع كواحد من أفضل أربع منتخبات عالمية، وولج تاريخ كرة القدم العالمية مدونا سطورا من ذهب في كتاب المونديال،بل وتحول إلى نموذج يقتدى به أو قدوة ستحاول منتخبات إفريقيا والوطن العربي مستقبلا الوصول إلى نفس مستواه،هذا المستوى المبهر الذي لم يعد مسموحا ولا مقبولا أن نتنازل عنه في قادم الاستحقاقات الكروية.
سنحتفل وسنفرح وسنحتفي بما قدمه منتخبنا الوطني في مونديال قطر،لكننا مطالبون في نفس الوقت أن نستلهم الدروس والعبر، نركز على نقط قوتنا ونحاول تطويرها إلى الأحسن والأفضل،ونعالج نقط ضعفنا ونحاول تصحيحها وتجاوزها.
المنتخب الوطني يشكل بكل تأكيد واجهة الرياضية المغربية، هذه الرياضة التي لا يمكن حجب وإخفاء عيوبها وما تعانيه من تعدد نقط ضعفها،والمنطق يقول أن الحكمة تقتضياستغلال إنجاز منتخبنا العالمي من أجل الانكباب بكل جدية وبكل روح وطنية في معالجة القضية الرياضية لأن الرياضة أكدت للجميع أنها ركن أساسي ورئيسي في صنع الفرح وجزء لا يمكن إغفاله في تحقيق التنمية الشاملة للوطن.
لايمكن إنكار ما تعيشه الرياضة المغربية اليوم من نهضة متميزة انطلقت منذ سنة 2008 مباشرة بعد تنظيم المناظرة الوطنية حول الرياضة،وما تلاها من مجهود على مستوى تغيير قانون تنظيمها وتمتيعها ببنود مهمة في دستور 2011،وما شهدته من تطوير على مستوى البنية التحتية وخلق مراكز تكوينية متميزة أبرزها أكاديمية محمد السادس التي منحت المنتخب الوطني عدد من النجوم التي أبدعت في مونديال قطر. بعد المناظرة الوطنية حول الرياضة منح جلالة الملك محمد السادس 33 مليار سنتيم كهبة ملكية من أجل إعداد الأبطال الرياضيين،وكانت التوجيهات تؤكد على انخراط كبريات المؤسسات الاقتصادية الوطنية ومؤسسات الدولة في المساهمة بالدعم المالي لفائدة الرياضة المغربية، ومع توالي السنوات،اتضح أن وحدها كرة القدم استغلت تلك النهضة الرياضية وقدمت منتخبا سار مفخرة ليس للمغرب لوحده بل للقارة الافريقية ولكل الوطن العربي.
اليوم،أصبح لزاما تحقيق عدالة على مستوى الاهتمام الرسمي لمختلف الأنواع الرياضية خاصة منها الأولمبية،أصبح لزاما علينا العمل على الحفاظ على نفس الروح ونفس المستوى داخل المنتخب الوطني ونفس الشأن بالنسبة لباقي المنتخبات الوطنية الكروية وإيلاء الأندية الوطنية المحترفة والهواة اهتماما يليق بالسمعة التي أضحت تتمتع بها كرة القدم المغربية بعد المشاركة المتميزة للمنتخب في مونديال قطر.
نحتاج في الفترة القادمة إلى تطوير منظومتنا القانونية المنظمة للرياضة المغربية،كما نحتاج للحكامة ولعقلية علمية لها كامل الكفاءة في مواكبة التطورات الهائلة التي تعيشها الرياضة العالمية، ونحتاج بشكل ضروري وملح إبعاد المفسدين الذين لا تهمهم مصلحة الرياضة المغربية بقدر ما يستغلونها لمآربهم الشخصية.
بعد إنجاز المنتخب الوطني في المونديال،تقول الأرقام: أكثر من 250 مليون شخص بحثوا على اسم «المغرب» في غوغل.وأكثر من 35 مليون بحثوا على السياحة في المغرب.
من الآن،لن نقبل بأقل من هذا المستوى!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 19/12/2022

التعليقات مغلقة.