من العاصمة .. نهاية

محمد الطالبي

أسدل الستار على المعرض الدولي للكتاب والنشر، نهاية الأسبوع الماضي، بل انمحى كل الفضاء من الوجود إلى العدم، فالبنايات البلاستيكية الضخمة والأبواب والحواجز وكل الفخامة تحولت إلى “خردة” رغم أنها كلفت الملايير من المال العام ومن الجهد ومن الابتكار.
صار كل شيء في خبر كان وسنعيد الكرة مرة أخرى ربما بنفس الطريقة وبنفس الشركات ونفس الأشخاص ونفس الفضاء المستعار  إلى أجل غير مسمى .
نعم إنها إشكالية يطرحها منذ سنتين المهتمون بشأن  معرض الكتاب، الذي نقل قسرا من الدار البيضاء إلى الرباط، حتى دون أن نوفر له إقامة تليق به أو على الأقل إقامة دائمة تضمن جنباتها حماية لونه ورائحته وهويته البصرية ارتباطا بالمكان، لأن المعرض أكبر من فضاء لعرض الكتب أو أروقة، فهو ذاكرة مكان، ورغم أن حوض” الحوت” ليس بالمكان الأمثل إلا أنه يبقى ذاكرة موشومة لدى التلاميذ والأطفال، الذين تحولوا، بعد قرابة نصف قرن، كهولا وشيوخا وذكريات للراحلات والراحلين عنا، يضاف إليه كل المجالات التي كانت تضمن تعدد الفضاءات الرسمية وغير الرسمية للمعرض، ومنها مسجد الحسن الثاني، الذي جاور أروقة المعرض، منذ سنوات، في تعايش مكاني وروحي جميل .
في غياب فضاءات تنافسية، وفي غياب اهتمام المؤسسات المنتخبة بالثقافة عموما، يبقى من حق الكاتبات والكتاب وكذا  المعرض، وخارج التفاضل بين المدن، أن يكون له فضاء  يستمر طيلة السنة، ويكون جذابا ومثيرا ومحفزا، لأن القراءة تبقى وسيلة لإغناء روح الأمة وضميرها الجمعي، وكما تصرف ملايير الدراهم في بعض الرياضات، فالثقافة المغربية تستحق أن تعامل، بأريحية، على أساس احتضان التنوع الجغرافي المجالي لأن الأمر فيه هوية وتنوع وطن يعتز ويتصالح مع مكوناته وتاريخه.

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 17/06/2023

التعليقات مغلقة.