المؤتمر الثامن للمنظمة الإشتراكية للنساء الإتحاديات ….القطع مع الموقف الذكوري من المرأة

عبد السلام المساوي

دعونا نذكر الجميع بأن وجود النساء في الأحزاب ليس منة من أحد، وأنهن هنا في المغرب عانقن السياسة قبل الوقت بوقت طويل .
دعونا نقطع مع كل من يريد بنا العودة إلى خالص المنتوج الذكوري المتحكم في المشهد السياسي والحزبي كله .
دعونا نقنع أنفسنا ثالثا أن أحزابنا لا تفعل هذا الأمر عنوة، لكنها لاتزال لم تقتنع في زمن الناس هذا، بأن وجود النساء على الطليعة وفي الصدارة ليس عيبا وليس خطأ، بل الصواب كله .
للتذكير، العقليات لم تتغير أبدا في أي مكان بالمتمنيات والأماني .
العقليات تتغير بقرارات شجاعة، عملية، فعلية، حقيقية تقنعنا أننا جميعا في المغرب اليوم ننظر الى المرأة نظرة سليمة وسوية ..
ماذا وإلا …فإننا جميعا عالقون عند الآية الكريمة لا نجرؤ على تلاوتها التلاوة الحق ” وإذا الموؤودة سئلت ” .
تقول سيمون دي بوفوار : ” إن المرأة لا تولد امرأة ولكنها تصبح كذلك ” ، وتماشيا مع الخطاب الديبوفواري، يمكن القول إن الرجل لا يولد رجلا ذكرا وإنما يصبح بالثقافة كذلك، والتحديد الذي يعطيه رايلي لمفهوم الذكر والأنثى إنما هو بالأساس يعتمد المتواليات من النعوت التي تنسب الى كل منهما، وفقا للثقافة : المهد، البيئة، الأسرة، السياسة …الثقافي هو الذي لطف ما سمي ويتسمى الجنس اللطيف وهو الذي أوجد الخشونة لدى الجنس الخشن، أما الطبيعة فلا يبدو أنها جنسوية، أي تفاضل بين الجنسين .
وبعبارة أخرى فالطبيعة لم تنتصر للرجل ضد المرأة، ولكن الرجل، انطلاقا من وعيه الفحولي للعالم، هو الذي ذَكْرَنَ الذكر وذَكْرَنَ المعرفة وذكرن العلم وذكرن السياسة …وفي المقابل أَنْثَنَ الطبيعة وأنثن المرأة وأنثن العاطفة وأنثن القلب ” كلنا يلعب لعبة الذكر والأنثى ، لقد تعلمناها من المهد .”
إن التشريط الثقافي، حسب لغة هيرسكو فيتس، هو الذي يمسرح الحياة بعد توزيع الأدوار، وفق معايير سلوكية حفاظا على مصالح المتحكمين في قواعد اللعبة وواضعي شروطها، ومن يفعل ذلك غير الساسة؟
ليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة …فالتنمية رهينة بتحريك الثلث المعطل : الشباب والمرأة .إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة، السياسية والتنظيمية، على دور الشباب، ودور المرأة، ودور الاطر الوطنية، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب التحولات الإنتاجية الجارية، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة…
ومن منظور اشتراكي ديموقراطي يسجل الاتحاد الاشتراكي، بوعي، معاناة المرأة مع العقلية الذكورية التي تعرقل أي تقدم في ما يخص حقوقها ومكانتها داخل المجتمع …من هنا يؤكد الاتحاد الاشتراكي؛ أنه لا مجال للحديث عن التنمية والتقدم بدون تمكين المرأة من حقوقها ومكانتها، انطلاقا من قيم المساواة الشاملة وتحقيق شروط الدمج الكلي لها في كل مناحي الحياة المجتمعية والاقتصادية والسياسية .
إن إقامة مجتمع حداثي، عقلاني ومسؤول يتسع لجميع الطاقات، أمر حيوي بالنسبة لبلادنا والشيء الذي يقتضي من جملة ما يقتضيه، ترسيخ المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش وترسيخ الشعور بالانتماء لدى مختلف الفئات الاجتماعية ….
جاء في المذكرة التي قدمها الاتحاد الاشتراكي للجنة النموذج التنموي :
” إن المشروع الذي يطمح إليه المغرب المعاصر ومغرب الغد، من وجهة نظرنا السياسية، يتمثل في إقامة مجتمع ديموقراطي ومتوازن يتسع لجميع الطاقات للمساهمة في إرساء النموذج التنموي الجديد . وهو ما يقتضي ترسيخ منظومة متماسكة أساسها المناصفة والمساواة والكرامة الانسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش، وضمان الإشراك الفعلي لمختلف الفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
إن الاتحاد الاشتراكي يؤكد على ضرورة التأويل المنفتح والحداثي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة، وتكافؤ الفرص بوصفه الإطار المجتمعي المتسع للجميع والضامن لكرامة بناته وأبنائه . وينبغي، في هذا الصدد، تعزيز المسار الذي اختاره المغرب حيث استطاع، خلال العقدين الأخيرين، أن يجعل من قضايا النهوض بأوضاع النساء جزءا لا يتجزأ من المشروع المجتمعي الشامل المتعلق بالإصلاح والمصالحة، حيث تحققت مجموعة من المكتسبات الهامة التي بوأت المرأة مكانة متميزة في الفضاء العمومي . وقد تم تتويج هذا المسار النضالي باعتماد الوثيقة الدستورية ذات المقتضيات الأساسية، وخاصة الفصل 19، إذ تم التنصيص على ضرورة تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات .
وعليه، ليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة التي ينبغي أن تتبوأ قائمة الأولويات في النموذج التنموي الجديد …” ف ” التنمية رهينة بتحريك الثلث المعطل : الشباب والمرأة ” .
فتحية للمرأة المغربية عنوان الصمود والشموخ …امرأة أصيلة متأصلة …ناضلت بصمت وقاومت بهدوء …صبورة ومعطاء …تستحق كل احترام وتحية وتقدير …إنها مغربية ..
تحية للمرأة الاتحادية قاطرة الديموقراطية والحداثة، كسرت الأصنام وحطمت القيود …إنها مناضلة، نعتز ونفتخر …هي الأمل …هي الحل …
تحية للمناضلات، كل مناضلات الاتحاد الاشتراكي ، نساء لسن ككل النساء، تحدين جبروت وجهلوت السلطة الذكورية في مجتمع منغلق ومحافظ ، انتفضن وثرن وعانقن حزب الاتحاد الاشتراكي في زمن الجحيم، فتحية لكل المناضلات بدون استثناء، وتحية للأطر النسائية الاتحادية التي طلقت خسة الولايا والحريم وعانقت رفعة المواطنة والكرامة…

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 10/09/2022

التعليقات مغلقة.