أهمية التوظيف البيداغوجي للصورة في التدريس

إن توظيف الصورة يجب أن يتم في إطار شمولي نسقي يراعي و يتماشى مع خصوصيات نهج المادة، المُدَرَّسة و وفق الشروط البيداغوجية التالية:
أن تكون الصورة بسيطة في محتواها و تركيبها، بحيث يسهل على المتعلم(ة) قراءتها و تحليلها- أن تتميز بالصدق في التعبير عن الواقع- أن تتمحور حول فكرة أساسية لتحقيق الفائدة من توظيفها- أن تقترن الصورة بنص «موضوع» الدرس: عدم الفصل بين الصورة و النص المكتوب- أن تستثمر الصورة ضمن مشروع بيداغوجي منظم- أن يكون إنتاجها من الناحية الفنية جيدا- أن تكون في مستوى الفئة المستهدفة- إعداد منهجية توظيفها قبليا (التحضير القبلي) تجنبا لكل طارئ، و ذلك بإعداد الأسئلة المناسبة لاستغلالها، مع مراعاة الإيجاز و البساطة و الوضوح- اختيار الظرف البيداغوجي المناسب لإدراجها، حتى يشعر المتعلم(ة) بأنها جزء من الدرس، و ليست على هامشه- تجنب تعدد الصور المعروضة في حصة واحدة تفاديا لما يسمى: «التخمة البصرية»-الحرص على ترك الزمن المناسب للمتعلم للتعليق على الصورة مع عدم التشويش عليه.
آليات قراءة و استثمار الصورة أثناء بناء الدرس
بحكم ما تقوم به الصور من نقل للواقع إلى الفصل الدراسي، و ما تختزنه من معارف و دلالات حول هذا الواقع و تجسيدها لكل ذلك بصريا، فقد شكلت أحد الدعامات الموظفة بشكل كبير في الأنشطة التعليمية، خاصة منها أنشطة مادة الجغرافيا التي توظف فيها الصور عبر مختلف مراحل النهج الجغرافي: (الوصف، التفسير و التعميم)، بينما ظل استخدامها منحصرا في بعض الخطوات المنهجية لأنشطة مادتي التاريخ و التربية على المواطنة. و مهما تنوعت توظيفات الصور، فإنه من المفيد الوقوف عند بعض العناصر الأساس المتعلقة بقراءة الصور و استثمارها في جميع المواد الدراسية، وليس في الدراسات الاجتماعية فحسب و التي يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا تقنية توجيه ملاحظة الصورة. و هي تقنية تستند على طبيعة الرؤيا البشرية للواقع و التي تتحكم فيها آليات الدماغ في التقاط صور الواقع و إدراكه. فعندما يمر الضوء من قرنية العين إلى الجهاز العصبي ثم الدماغ، يقوم هذا الأخير بترجمة صورة الواقع المدرك بالشكل الذي يجعلنا نرى هذا الواقع بنظام تتوالى فيه الأشياء و تتغير أحجامها حسب قربها أو بعدها عنا، حيث إن الأشياء القريبة تَبْدو أكبر من الأشياء البعيدة، و للتأكد من صحة هذه الظاهرة المعروفة بوهم «PONZO»، فإنه إذا ما أخذنا صورة يظهر فيها ما يسم مشهدها، و وضعنا شريطين أحدهما على مقدمة مشهد الصورة و الآخر قريبا من عمق مشهد الصورة، فإن الشريط الموضوع في عمق مشهد الصورة يبتدى لنا أطول من الشريط الموضوع في مقدمة مشهد الصورة.
ثانيا: بعض الخطوات الديداكتيكية المرتبطة بتنمية مهارة قراءة الصورة ومنها:
قراءة عنوان الصورة الذي يحدد في غالب الحالات مكان الصورة، و العمل على تَوْطين مكانها على الخريطة- تحديد نوعية الصورة: جوية، مأخوذة من مستوى سطح الأرض، ذات أفق واسع، محددة الأفق- استقراء عنوان الصورة إن كان يقدم بعض الإشارات حول محتواها- مشاهدة أولية حرة للصورة من طرف المتعلمين و استطلاع زوايا رؤى كل منهم-التحليل المنظم لمعطيات الصورة و البحث عن نوع المشاهد التي يقدمها، و دور الإنسان فيها، و تعيين مختلف مستوياتها… و يتم استنطاق محتوى الصورة بواسطة أسئلة مستمدة من السؤال الأصلي المرفق بها عبر أنشطة التعلم، و الذي يبقى بمثابة الموجه الأساسي للملاحظة و الوصف و التحليل.تركيب مختلف عناصر الصورة و ربطها بالسؤال الموجه للخروج بالإجابة المطلوبة.

تقنيات استخدام الصورة
لاستثمار الصورة في تدريس جُل المواد يجب التركيز على الجوانب التالية:
وضع اللوحة/الصورة في السياق التاريخي و ذلك من خلال تحديد الموضوع، و التاريخ و الأحداث المواكبة لموضوع الصورة.
وصف مشاهد اللوحة: المكان و الأشخاص، أي كل ما توحي به من تعبيرات.
تمييز مختلف المشاهد التي توحي بها الصورة: الأمامية ثم الخلفية. إلا أنه يجب التأكد من صدق الصورة هل هي واقعية أو مركبة.
و في التفسير يمكن الإستعانة بوثائق أخرى داعمة. حيث يمكن للأستاذ(ة) أن يستعين بخبراته الفردية في التعامل مع الصورة، لوصف رموزها و توضيح دلالتها أحيانا: (ألوان و رموز الأعلام الوطنية – شارات الجمعيات و المنظمات الدولية و الوطنية – رموز الأحزاب السياسية – الرموز التراثية و الحضارية و القانونية – الرموز و الأدوات «الميزان مثلا…»)، فهذه الرموز و الصور لها تاريخ خاص بها قد يكون مفعما بالمعنى الأسطوري و التاريخي، لكن تبسيطه للمتعلم فيه فائدة تربوية تتمثل في تقريبه إلى فكره و وجدانه بدون تدخل إيديولوجي.
*باحث تربوي


الكاتب : المصطفى الحسناوي *

  

بتاريخ : 13/12/2018

أخبار مرتبطة

  عرف ملف الأساتذة الموقوفين منعطفا جديدا، صباح أمس الاثنين، فبعد أن كان المعنيون على موعد مع المجالس التأديبية التي

في وثيقة صادرة يوم 22 أبريل الجاري، موجهة إلى أحد الأساتذة الموقوفين بسلك التعليم الثانوي التأهيلي بمديرية أسفي، تم حصر

تتويج أكاديمية جهة الرباط سلا القنيطرة بالجائزة الكبرى لسلك الإعدادي وأكاديمية جهة كلميم واد نون لسلك الابتدائي     ضمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *