عبد القادر الفاسي الفهري: الازدواجية اللغوية ليست إلا وهْما

تم أول أمس الأربعاء، تقديم كتاب الباحث اللساني عبد القادر الفاسي الفهري «العدالة اللغوية.. النظامة والتخطيط»، بقاعة مراكش خلال فعاليات المعرض بمشاركة الباحثين محمد حفيظ وعبد الإله سليم ومحمد الوحيدي ..
اعتبر عبد القادر الفاسي الفهري في ورقته التي تلتها بالنيابة الباحثة نادية العامري لتعذر حضوره، أن المدافعين من أنصار التيار الفرنكفوني في مسألة اللغة العربية، يسعون الى إفساد كل ما يخدم هذه اللغة لصالح ازدواجية لغوية ليست في نهاية المطاف إلا وهْما. ووصف الفهري النخبة السياسية في المغرب بكونها «مزعومة» وأنها وظفت القضية اللغوية من أجل المصالح الشخصية، مضيفا أن السياسة اللغوية «سياسوية» في عمقها .
وبسط الفاسي الفهري الخلفيات والأسباب التي دفعته لكتابه مؤلفه «العدالة اللغوية»، مشيرا الى أنه وظف من خلاله واستعار بعض المفاهيم التي اشتغل عليها فلاسفة العدالة بالغرب كجون رولز وأرسطو في ما يخص قضايا العدالة وتحقيق المساواة، لافتا في هذا السياق إلى صعوبة تحقيق مساواة لغوية لأن الاختلاف والتباين حاصل فيها لقيامها على عنصري الكتابة والمعيرة، وهي لامساواة لا تترجمها لغة التعليم فقط، بل تنسحب على مجال الاقتصاد كذلك الذي تنحاز التعاملات فيه بنسبة كبيرة للغة الفرنسية مقابل تهميش العربية والأمازيغية.
وشدد الفهري في سياق الحديث عن العدالة الغوية على أن ما يجب التركيز عليه هو المساواة بين المواطنين بدل المساواة اللغوية، وهي المساواة التي تضمن الحرية في التفكير والتمتع بالحقوق وتوفير مناصب الشغل وتوسيع هامش الحرية وتكافؤ الفرص في ما يتعلق بتقلد المناصب والذي يجب الاحتكام فيه إلى الكفاءة.
الباحث محمد حفيظ، الذي سير الجلسة، اعتبر مؤلف «العدالة اللغوية» انخراطا واستمررا في مشروع الفهري البحثي، والذي يعكس من خلاله اهتمامه وانشغاله الدائم بالقضايا اللغوية النظرية منها والتطبيقية، مشيرا الى ما راكمه المؤلف في مجال اللسانيات باعتباره واحدا من أهم رموز البحث العلمي كونه ساهم، ومن موقعه كباحث لغوي، في إدخال الدرس اللغوي إلى الجامعة المغربية، ومنشغل بقضايا التربية والتعليم والعدالة وهو ما يمكن معه وصفه بالمثقف العضوي بتعبير أنطونيو غرامشي أي ذلك المثقف المرتبط بقضايا مجتمعه.
الكتاب، كما يرى الباحث عبد الإله سليم، يقدم تصور الفهري للعدالة اللغوية وهو القائم على التعددية التي تضمن تحقيق التماسك الاجتماعي، لافتا إلى مسألة أساسية لضمان العدالة وهي مسألة التخطيط والحكامة وخصوصا ما أورده بخصوص مفهوم «النوعات»، وهو مفهوم جديد قسمه الفهري إلى 7هي: العربية المعيارية والمعتمدة في قطاع التعليم، اللغة الوسيطة، اللغة المختصة وتتعلق بالقطاعات الاجتماعية والاقتصادية، اللغة التراثية، اللغة المتعددة المراكز، ثم الدارجة الوطنية والتي يراعى فيه تنوع المناطق، والشعبية الخاصة مثل الملحون.
من جهته اعتبر الباحث محمد الوحيدي أن الفهري يدافع من خلال هذا الكتاب عن تصور مدروس للسياسة اللغوية، وهو تصور مبني ومؤسس على مبادئ واضحة تسعى الى تحقيق أهداف مرسومة يمكن وسمه بـ»السياسة اللغوية المقارنة»، والتي يجب أن تُتناول في شموليتها وفي ارتباطها بالقضايا الكبرى والأساسية للمواطن كالصحة والأمن والتعليم، وهو ما يجعل مناقشة مضامين الكتاب، كما في كل أعمال الفهري، مناسبة لتطارح قضايا وانشغالات تصب في صميم السياسات اللغوية بالمغرب التي يؤكد الفهري على وجوب ربطها بعنصرين هما: العدالة المفضية الى الإنصاف ثم الفعالية. وأشار الوحيدي بخصوص هذه النقطة الى مسألة الحكامة أو «النظامة» كما يسميها الفهري، أي أن العدالة اللغوية يجب أن تتم من مدخل المأسسة والتشريع لأن ما يتم ممارسته على أرض الواقع لا يترجم الالتزامات الدستورية في هذا الباب، والمتعلقة بالتعدد اللغوي وتعزيز اللغات الوطنية.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 14/02/2020