آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان:  انتخاب المغرب في رئاسة مجلس حقوق الإنسان تعبير عن مكانة المغرب والمسار الذي راكمه في هذا المجال

القانون الجنائي أهم قانون بعد الدستور لكن منهجية الاختزال في إصلاحه لا تخدم جوهر العملية

ضرورة إيجاد الالتقائية في المنظومة القانونية من أجل ضمان الحقوق والأثر القانوني

 

 

أكدت آمنة بوعياش أن انتخاب المغرب لرئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، تعبير عن مكانة المغرب في مجال حقوق الإنسان والمسار الذي راكمه في المجال، وتعبير كذلك عن الحياد الحقوقي الذي يمشي فيه المغرب تجاه قضايا حقوقية دولية دون إخضاعها لحسابات سياسية، وتعبير كذلك عن التقدم والتطور اللذين أحرزهما المغرب في مجال الحريات وحقوق الإنسان والمساواة.
وأضافت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذا التتويج الذي أحرزه المغرب، تتويج مرحلي لعمل جدي دام عقدين من الزمن، لكن المواصلة في تطور حقوق الإنسان ضرورية من أجل بلوغ مرحلة أخرى متقدمة، موضحة أن انتخاب المغرب على رأس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عبر الاقتراع السري، يعني أن هناك حرية في الاختيار رغم كل ما جرى من بعض المؤثرات الخارجية ضد المغرب، لكنه أعطى نتيجة واضحة باعتبار أن المجال متعدد الأطراف، يمكن كل الدول من التصويت بكل حرية على البلد المناسب الذي يمكن أن يعكس كل هذه الآراء المتعددة.
وأبرزت بوعياش في برنامج «ضيف الأسبوع» في قناة ميدي 1 تفي ، أول أمس، أن الدول صوتت على الدولة التي بإمكانها أن تفعل وتقوم بالاختصاصات لمجلس حقوق الإنسان، كما أنها صوتت لصالح الدولة القادرة على الاستماع ولديها الحكمة في تقريب وجهات النظر، وكل هذه الاعتبارات أكدها التصويت لصالح المغرب الذي نال 30 صوتا، مضيفة في نفس الوقت على أن المغرب لا يستغل حقوق الإنسان سياسيا، وهذه ميزة خاصة أعطته مصداقية دولية.
وبالموازاة مع ذلك، شددت المتحدثة ذاتها، على أن هذا الانتخاب انتخاب إفريقي، يعكس مكانة المغرب مابين الدول على المستوى الإفريقي، ثم والأوربي والأمريكي اللاتيني، مجددة التأكيد أن هذه المسؤولية الدولية في مجال حقوق الإنسان تعكس مرحلة مهمة في المجال وستعطينا التفكير في المراحل الحقوقية المستقبلية.
وبخصوص مراجعة مدونة الأسرة، أوضحت بوعياش، على أنه حين نقوم بالمراجعة الآن، علينا ألا نقوم بها بهذا الخط دون الخط الآخر، بل هذه مراجعة لمدونة الأسرة كقانون من الواجب أن يستجيب لتطور مجتمعي واقتصادي وحتى إنساني، قانون يضمن إيجاد أجوبة لحماية الأسرة من التفكك، وعدم الاستقرار، وحماية الأطفال والمرأة والأسرة ككل، مذكرة في هذا الصدد على أن الهيئة التي تم تعيينها من قبل جلالة الملك بهذا الخصوص، سبق أن أعلنت أنها عقدت 130 جلسة، واستقبلت 52 جمعية حكومية، فضلا عن النقابات والأحزاب السياسية، إلى جانب ذلك هناك مذكرات تم تقديمها للهيئة ومنصة إلكترونية كانت مفتوحة لهذا الغرض، فكل هذه المذكرات محور نقاش انطلاقا من النبض المتعدد مجتمعيا وفكريا.
وفي ما يتعلق بالقوانين والأنظمة وفي علاقتها بالتشريع، سجلت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الإشكال الذي يطبع عملية التشريع بالمغرب، هو عدم الالتقائية في القوانين، بحيث تجد أن هناك قوانين متقدمة في بعض المقتضيات وفي المقابل تجد قوانين أخرى متخلفة ولا تساير ذلك، لذلك تؤكد بوعياش على ضرورة إيجاد الالتقائية في المنظومة القانونية من أجل ضمان الحقوق والأثر القانوني.
وساقت أمثلة بهذا الخصوص في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية، في القانون الجنائي، قضية الإفلات من العقاب … وإشكاليات متعددة، وكل ذلك من أجل حماية المغاربة كيف ما كانت أوضاعهم ومجالاتهم.
وأشارت، في ذات السياق، إلى أنه لا يمكن إلا أن تكون الالتقائية لمدونة الأسرة مع المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية وقانون الحالة المدنية، مذكرة على أن هناك نقاشا جديا في عدد من القضايا التي تهم المدونة من عدة زوايا، المرجعية الدينية والمرجعية الدولية والمرجعية الثقافية والمجتمعية، مؤكدة أن الهيئة لها مقاربة ومنهجية وأخلاقيات تشتغل ضمنها ولها خارطة طريق واضحة هي الرسالة الملكية التي تهم هذا الموضوع.
وأوضحت بوعياش في ما يتعلق بالأخبار الزائفة التي تهم عمل الهيئة، أن المغاربة يعرفون مصداقية العمل الذي يتم القيام به في هذا الإطار، أما التشويش والأخبار الزائفة، ستصبح متجاوزة وستنتهي بخروج مدونة الأسرة.
كما أوضحت نفس المتحدثة أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سبق أن قدم مذكرة حول المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية ومذكرة حول العقوبات البديلة، مشيرة في هذا الصدد إلى أن القانون الجنائي يعبر ثاني أهم قانون بعد الدستور، لأنه هو القانون المنظم للحقوق والحريات، والدستور يضم أكثر من 80 مقتضى خاصا بالحقوق والحريات، لذلك من الضروري العمل على إخراج القانون الجنائي للوجود، لأن هذا المسار مسار اختياري وطوعي للبلاد من خلال المقتضيات الدستورية.
إلى هذا، أبرزت بوعياش على أن هناك عدة إشكالات في القانون الجنائي وهندسته، لذلك من الضروري معالجتها لأن لها علاقة أساسية بالحق في الولوج للقضاء، مؤكدة أن منهجية الاختزال في الإصلاح لهذا القانون لا تخدم جوهر عملية الإصلاح وتقلص من أهمية القانون الجنائي.
وفي الأخير شددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن سنة 2020 سجلت انخفاضا في عدد الشكايات التي يتلقاها المجلس بسبب جائحة كورونا، لكن في المقابل انطلاقا من سنة 2021، تزايد عدد الشكايات التي لها أهميتها الحقوقية، موضحة أن هناك شكايات من السجناء مباشرة أو من إدارة السجون التي تتلقاها في صناديق مخصصة لذلك. وأكدت بوعياش على إيجابية التفاعل لدى المؤسسات الشريكة لها في الشكايات الواردة عليها من المجلس بل هناك إجراءات وقرارات يتم اتخاذها بهذا الخصوص، كلجان التقصي، المساءلة، التوقيف، عرض المشتبه بهم على القضاء، فضلا عن التوصل بشكايات ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وثقافية.


الكاتب : الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 23/01/2024