أعلنت عن تعليق معاهدة الصداقة مع إسبانيا ووقف التعاملات التجارية

 الجزائر تفضح نفسها مجددا وتؤكد للعالم أجمع أنها الطرف الرئيسي والوحيد في نزاع الصحراء المفتعل

إسبانيا تستعد لإدانة الجزائر أمام الاتحاد الأوروبي وتؤكد أن ردها سيكون حازما

أعلنت الجزائر أول أمس الأربعاء « التعليق «الفوري» لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها بتاريخ 8 أكتوبر 2002 مع مملكة اسبانيا»
وجاء هذا الإعلان عقب القرار الذي اتخذته إسبانيا في مارس الماضي، والذي أكدت من خلاله بأن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك في الرسالة التي بعثها بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك والتي أكد فيها أيضا تعهد الحكومة الإسبانية، بضمان «سيادة المغرب ووحدته الترابية»، في إطار «المرحلة الجديدة» التي تم تدشينها بين البلدين.
وتزامن القرار الجزائري مع تأكيد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، أن دعم الحكومة الإسبانية لمبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء تنبع من «رؤية الدولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة بأكملها»، وتستجيب لدينامية دولية تدعم المقاربة المعتمدة من قبل المغرب.
وكان بيدرو سانشيز قد أكد أول أمس أمام مجلس النواب الاسباني، أنه يتعين على إسبانيا أن تكون لها رؤية دولة، وأن تحقق الاستقرار في المنطقة، مضيفا أن «الموقف الذي اتخذته الحكومة هو الأفضل لإطلاق الحوار وحل هذا النزاع الذي عمر طويلا».
وسجل رئيس الحكومة الإسبانية أن «موقف إسبانيا يتوافق مع موقف شركائنا الأوروبيين والعديد من البلدان الأخرى»، مشيرا إلى أن «فرنسا تدعم مقترح المغرب منذ سنوات، ودول مهمة أخرى مثل ألمانيا والولايات المتحدة وهولندا تساند هذا الموقف أيضا».
وأبرز سانشيز أن المفوضية الأوروبية ومنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أعربا، أيضا، عن دعمهما للمقترح المغربي، قائلا : «بعد عقود عديدة من النزاع، تعترف العديد من الدول بأن الحكم الذاتي هو المقترح الأكثر واقعية»، وأن إسبانيا لا تريد أن تكون «مجرد متفرج» في ما يتعلق بنزاع الصحراء.
وشدد رئيس الحكومة الإسبانية على أن «إسبانيا لها مصلحة خاصة في إيجاد حل لهذا النزاع الذي لم يعد بالإمكان أن يكون موضوع انتظار وترقب لا نهاية له، لاسيما في السياق الجيو-سياسي الحالي»، مؤكدا على ضرورة حل هذا النزاع في إطار الأمم المتحدة.
وخلص إلى القول «يتعين أن ندرك أنه بعد 46 عاما أضحى من الضروري تطوير مواقفنا وإعطاء الأولوية إلى إطار للحوار من أجل حل متشاور بشأنه».
التصريحات التي أدلى بها بيدرو سانشيز أمام مجلس النواب الاسباني، أصابت نظام الجزائر بالإحباط، بعد المراهنة على أن المناورات التي قامت بها وبعض مساندي الانفصاليين ستجعل الحكومة الإسبانية تتراجع عن موقفها المؤيد للحكم الذاتي، في الوقت الذي سبق لمختلف المسؤولين الإسبان أن أكدوا أن الموقف الجديد للجار الشمالي هو سياسة دولة جاء بعد تحليل عميق للتطورات الجيوسياسية، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، والتأييد المتواصل في أوروبا ومن جانب القوى الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي، ناهيك عن قيام العديد من الدول الإفريقية، العربية والأمريكية اللاتينية بفتح تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة، تأكيدا منها على مغربية الصحراء.
ويذكر هذا الرهان الخاسر وما تلاه من إحباط لنظام العسكر، رهانه السابق على قيام الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن بالتراجع عن القرار الذي سبق أن اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، لتؤكد رهان الجزائر على الوهم، حيث أن التطورات اللاحقة أكدت أن القرار الأمريكي هو قرار سيادي ويتعلق بسياسة دولة وليس ب»تغريدة» كما ادعت.
الإحباط الجزائري من الموقف الإسباني، دفعها حسب العديد من المراقبين إلى اتخاذ قرارات ستتضرر منها أكثر من غيرها، مشبهين ذلك بمن حاول إطلاق النار على خصمه فأصاب رجله، حيث اتخذت السلطات الجزائرية قرارا بمنع التصدير والاستيراد مع إسبانيا، بعد أن وجهت جمعية البنوك والمؤسسات المالية خطابا إلى مديري البنوك الجزائرية، تعلمهم بقرار تجميد إجراء عمليات التوطين البنكي الخاصة بنشاطات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا، وذلك ابتداء من يوم أمس الخميس.
وردا على هذه القرارات، ذكرت مصادر إعلامية بالجار الشمالي، أن الحكومة الإسبانية تستعد لإدانة الجزائر أمام الاتحاد الأوروبي .
وحسب نفس المصادر، فإن وزارة الخارجية الإسبانية تعتبر أن التجميد الأحادي الجانب للتجارة مع إسبانيا ينتهك الاتفاقية الأوروبية المتوسطية لعام 2005 ، التي أسست لنظام الشراكة التفضيلية بين المجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك والجزائر.
وفي هذا الإطار أعلن وزير الخارجية الإسباني ، خوسيه مانويل ألباريس ، أمس أن إسبانيا تستعد «لرد ملائم وهادئ وبناء ، لكن حازم ، دفاعا عن المصالح الإسبانية والشركات الإسبانية»، مؤكدا في الوقت ذاته أنه، وبحسب المعلومات التي قدمها مزودي الطاقة ، فإن القرار الجزائري لا يجب أن يؤثر على تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا ، والذي يظل طبيعيا.
ومعلوم أن إسبانيا، ومنذ أن قررت الجزائر بشكل أحادي وقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، نهاية أكتوبر الماضي، بدأت تدرس بدائل للتزود بالطاقة، في أفق الاستغناء عن الغاز الجزائري، وأكدت مختلف التقارير أنه في الأشهر الأخيرة أصبحت الولايات المتحدة المزود الأول لإسبانيا بالغاز والبترول أيضا، كما يتوقع توقيع اتفاق مع دولة قطر بهذا الخصوص.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 10/06/2022