اختتام فعاليات «مهرجان السينما الجبلية الأمازيغية للشباب» بخنيفرة مع تتويج فيلم «الشلال» بالجائزة الكبرى وتنويه بفيلم «تودة»

أسدل الستار على فعاليات النسخة الثانية ل»مهرجان السينما الجبلية الأمازيغية للشباب»، بخنيفرة، والتي نجحت، حسب غالبية المهتمين والمراقبين، في تمكنها من استقطاب واستضافة عدد من الفنانين والمخرجين ونقاد الفن السابع، من مختلف جهات المملكة، والذين تفاعلوا مع فعاليات التظاهرة إلى حين اختتامها بالإعلان عن منح «جائزة المهرجان» لفيلم «الشلال»، من إيموزار، لمخرجه محمد أهزاوي، مع التنويه الجيد بفيلم «تودة» لمخرجه رشيد أبونوار من تنغير.
وقد جرت مسابقة الأفلام القصيرة، ذات العلاقة بتيمة الجبل والأمازيغية، أمام أنظار لجنة تحكيم مكونة من الفنان عبدو المسناوي، والأستاذ لحسن أحجواني والفنانة هاجر كريكع، ومنها أساسا «أرشسينخ أنك أيسين» لياسين أقيصاري، «بريانو» لسعيد الداودي، «demain c’est aujourd’hui» لعلي آيت الروح، «دموع الجبل» لسفيان سنوي، «إيكسي» لمعاد التهادي، «بنت الجبل» لزكرياء السعودي، «المعاناة الجبلية» لمحسن مغلي، و»تودة» 2 لعزالدين آيت أخي.
فعاليات المهرجان التي أشرفت على تنظيمها «حركة شبابية للتنمية المحلية»، تحت شعار «السينما والشباب رافعة للتراث الجبلي الأمازيغي»، استقبلت ضيوفها بلوحات فولكلورية من فن أحيدوس، ومعرض لمنتوجات من الصناعة التقليدية المحلية، ومعرض لوحات الفنان التشكيلي محمد العلامي، ومعرض لإصدارات حول الفن السابع، في حين افتتحت فعاليات التظاهرة بتسيير متميز من طرف الجمعوية والناشطة النسائية، لطيفة معديني، وبكلمة مديرة المهرجان، حياة عدراوي، التي وضعت الحضور في صلب البرنامج، والدور الكبير للمهرجان في التعريف بالثقافة الجبلية والامازيغية سينمائيا، في حين لم يفت الفنان الرائع معاد التهادي تطعيم التظاهرة بأنامله الموسيقية، والفنانة الشابة حنان بعرض أمازيغي جميل.
وبينما سجل الحاضرون غياب أي ممثل عن المجلسين الجهوي والاقليمي، باعتبارهما شريكين، تقدم ممثل المجلس البلدي، في شخص محمد العزاوي، بكلمة مميزة، نوه من خلالها بمبادرة المهرجان واختياره لموضوع يساهم، في إماطة اللثام عن عوالم الجبل وما يختزنه من ذاكرة ثقافية وإرث أمازيغي عريق، والانسان المنتسب لجغرافية الجبل وما يكابده من اكراهات وما يتوق إليه من فرص، مقابل إسهام السينما في تطوير التعاطي مع مكاسب ومميزات منطقة خنيفرة، الطبيعية منها والبشرية، وما تستحقه من مبادرات تكون نقطة جدب سياحية تتخطى المعيقات والحواجز التي تعترض سبيلها نحو تحقيق تنمية مجالية حقيقية، قبل تركيزه على قيمة الصورة السينمائية في التأثير على الوعي وتوجيهه لخمة المجال.
وتميزت فقرات المهرجان بتكريم شخصيات مهتمة بالحياة الجبلية، من بينهم أساسا المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، محمد الديش، والذي يعد من المناضلين من أجل قضايا الجبل وساكنته، ومن الذين وضعوا صوتهم في الأوساط العالمية بنداءاتهم من أجل عدم فصل الانسان عن المجال والهوية، وأن تنمية الجبل ليست شعارا أو ترفا بل ضرورة ملحة من أجل سن سياسة عمومية عادلة ومنصفة، بناء على مقاربة مجالية تحترم الخصوصيات الثقافية، الاجتماعية والاقتصادية.
وبعده تم تكريم المناضلة الجبلية، هنو ماروش، التي تحملت مشاق المسافات الطويلة من تنغير، وتعد من أشهر الوجوه النسائية في الجنوب الشرقي، والمعروفة وطنيا بنضالها القوي في الساحة السياسية والنسائية، وتحديها للتقاليد والأعراف المكبلة للمرأة، ودفاعها الجريء عن الأوضاع الصعبة التي تشكو منها النساء بالمناطق الجبلية والقروية، وقد دعت في كلمتها كل أجيال اليوم إلى الانخراط في العمل الجمعوي والفني، وإبراز معاناة المناطق الجبلية مع البؤس والفقر والتهميش، وحاجتها لمدارس حقيقية ومراكز صحية مجهزة، وقد تقدم بعض معارف المكرمين بشهادات في حقهما.
ووفق البرنامج، تم «فتح شهية» فعاليات المهرجان بعرض ومناقشة فيلم وثائقي تحت عنوان «حتى لا تتكرر مأساة فاطمة الزهراء»، والذي أنجزته «جمعية تيقليت للتنمية القروية والبيئة»، لمخرجه عبدالعزيز فقير، ومنتجه مركز الانتاج الفني بمكناس، قدمه رئيس الجمعية المذكورة، عبدالله جمال، كفيلم يوثق لتجربة حقيقية لواحدة من ضحايا الزواج المبكر بعد حرمانها من مواصلة دراستها، وعرف الفيلم تفاعلا ونقاشا عميقين، بينما تم عرض مجموعة من الأفلام وسط المدينة، ومنها «جدول الضرب» و»أييس إينو» لمخرجهما عبدالله فضيل، والوثائقي «قرى بدون رجال» لمخرجته بوشرى إيجورك.
وتميز المهرجان بندوة حول «التراث المادي واللامادي للجبل كأفق للتخييل السينمائي»، من تأطير ذ. المصطفى فروقي وذ. محمد زروال، وتسيير ذ. لحسن رهوان الذي وضع الحضور في ما يشكله التراث كذاكرة جماعية وثروة وطنية، ومرجعية تاريخية و ثقافية حاسمة في تجذير مقومات الشخصية المحلية والوطنية، لينطلق من غنى التراث الجبلي بفضل الرصيد الحضاري الذي راكمه عبر التاريخ، وكونه مجالا غنيا بثروات مائية ونباتية وحيوانية جعلت منه مجالا متميزا بفضل خصائصه الإيكولوجية المتفردة، ليتوقف عند أهمية انفتاح السينما على التراث في إطار مقاربة فنية جمالية غايتها صيانة الهوية وترميم الذاكرة من جهة، وخدمة قضايا التنمية من جهة أخرى.
ومن خلال ورقته، ركز ذ. محمد زروال على جانب علاقة السينما بالشباب كطاقة إبداعية متجددة، من حيث أضحى الحديث عن الشباب يتسع في العقود الأخيرة، مؤكدا وجود لبس في تحديد مفهوم الشباب، من حيث المقاربات التي تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن زمن إلى زمن أخر، كما هو الفئة القادرة على الإبداع والتحمل والإبداع، وهناك نماذج كثيرة للعديد من العباقرة في العالم أبدعوا في سن الشباب، يضيف المتدخل الذي أشار لثلاثة أسماء شبابية سينمائية اهتمت بالتراث في مناطق مختلفة من المغرب، ويتعلق الأمر بعبد اللطيف فضيل، مخرج سينمائي من مدينة خنيفرة وأستاذ بالمعهد العالي للسمعي والبصري والسينما بالرباط، و المخرج والسيناريست حسين شاني، أستاذ بالثانوي التأهيلي من مدينة الريش، ثم المخرج أحمد بايدو من مير اللفت جنوب المغرب، ليتعمق، في ورقته، بالتطرق للشباب وتجربة الصناعة السينمائية.
أما ذ. المصطفى فروقي الذي شارك بورقة تحت عنوان: «التراث الثقافي اللامادي: من مطلب الصون إلى رهان التخييل السينمائي»، فتناول تعريفا لهذا الصنف من التراث، مركزا على ما يميزه عن الأنواع الأخرى، استنادا إلى اتفاقية صون التراث اللامادي لليونيسكو (2003)، في حين حاول تقريب معنى الصون واستعجاليته في سياق رياح العولمة وانتشار الأفكار المتعصبة، بالتأكيد على دور الصون في ضمان استدامة التراث الثقافي اللامادي عبر جرده والتحسيس بأهميته وتشجيع البحث فيه وتعزيز ممارسته بالاعتماد على الشباب، باعتباره ضامن استمرارية التراث الثقافي ومروره للأجيال اللاحقة، لكون التراث الثقافي الجبلي بالمغرب يختزن الكثير من الممارسات والطقوس والفنون وأشكال التعبير والمهارات التي يمكن أن تكون موضوعا للتخييل أو التوثيق والأعمال السينمائية.
وفي ذات السياق، تميز المهرجان بتنظيم ورشتين، لفائدة تلاميذ قسم «الصوت والصورة» بمؤسسة الإبداع الفني والأدبي، من تأطير المخرج عبداللطيف فضيل والفنان رشيد علي العدواني، حول «تقنيات كتابة السيناريو» و»إعداد الممثل»، إلى جانب ورشة ثالثة حول «صناعة السينما»، من تأطير قافلة المركز السينمائي المغربي.


الكاتب : خنيفرة: أحمد بيضي

  

بتاريخ : 13/03/2019

أخبار مرتبطة

لا شك أن الفنانة كرسيت الشريفة، سوف تبقى شخصية غنية خصبة متعددة الجوانب، لأنها لم تكن فنانة اعتيادية أو مؤدية

تحتفي الدورة الثانية من “ربيع المسرح” التي ستقام في مدينة تارودانت ما بين 6 و11 ماي 2024، بالفنان عبد الرحيم

انتهت الإعلامية “فريال زياري” من تصوير حلقات برنامجها الاجتماعي “فيس تو فيس مع فريال”، وسيعرض قريبا على قناتي روتانا و

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *