أمطار الخير تكشف عيوب البنية التحتية في العديد من المناطق الحضرية والقروية

الحوادث المختلفة المترتبة عنها تقلّص من منسوب فرحة استقبالها

 

أزاحت التساقطات المطرية الهامة التي عرفتها بلادنا قبل أيام حالة القنوط التي سادت نفوس الكثير من المغاربة خلال مرحلة سابقة، قبل أن يستبشر الجميع خيرا لهطول أمطار الخير، التي أعادت بعض الاطمئنان الذي افتُقد بسبب وضعية الإجهاد المائي التي أدت إلى اتخاذ تدابير جد صارمة من أجل ترشيد استعمال الماء، وأرخت بظلالها على القطاع الفلاحي وكل ما يرتبط به داخل منظومة الغذاء.
أمطار الخير هاته، إن كانت مليمتراتها قد أسعدت الكلّ، فإنها كشفت مرة أخرى عن أعطاب جانبية تتعلق بالبنية التحتية وبجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ عند هطول الأمطار التي قد يطول انتظارها تظهر بعض أوجه الضعف والهشاشة التي تعاني منها الطرقات وشبكات الصرف الصحي وتصريف المياه وغيرها، وهو ما تم الوقوف على صوره وتفاصيله في مختلف المدن المغربية، التي تفاوت حدة درجات تبعات الأمطار فيها، وارتفعت بشكل أكبر في مناطق قروية وجبلية تعيش خصاصا متواصلا على مستوى هذه البنيات.
تبعات عرفتها أقاليم بشمال المملكة، على سبيل المثال لا الحصر، التي استقبلت مئات الميلمترات من الأمطار في كل من تطوان، وطنجة، وشفشاون، والعرائش والنواحي، التي نتج عنها تدفق كميات كبيرة من المياه إلى الشوارع والأحياء السكنية، مما أدى إلى تجمعها لتشكل بركا وبحيرات انتشرت معها روائح كريهة، وأعاقت حركة المرور، وعرضت سلامة المواطنين للخطر، إلى جانب تراكم كتل من الوحل والطين والأتربة في الشوارع، مما جعلها غير صالحة للاستخدام وكانت سببا في انزلاقات ووقوع بعض الحوادث المرورية. وإضافة إلى ذلك تسبب ارتفاع منسوب الأودية جراء ملء السدود عن آخرها في الجهة الشمالية في زيادة كميات المخلفات والنفايات، حيث تم سحب الأوساخ والمواد العالقة في المياه ورميها في الشوارع والأراضي الزراعية.
مناطق من قبيل تطوان، وطنجة، والعرائش وغيرها، تحدثت بلغة الأمطار والسيول مؤخرا، حيث وصلت عمليات الإنقاذ بسبب هذا «المدّ المطري» في بعض المناطق لأكثر من 150 عملية، سادها صراع حياة أو موت أمام هذه الأمطار الغزيرة التي غمرت عددا من المدن والأحياء، وحولت شوارعها إلى أنهار تجرف كل ما تجده أمامها. ففي تطوان تدخلت فرق الإنقاذ لإجلاء السكان الذين حاصرتهم المياه مستعملة القوارب، في صور أحالتنا على الأجواء الإستوائية المطيرة، حيث عاش مواطنون لحظات جد عصيبة بعد أن غمرت المياه مساكنهم. وفي كل من العرائش وطنجة استنفرت السلطات جهودها وسخرت كل إمكانياتها من أجل تصريف المياه وإعادة الحياة إلى طبيعتها، والعمل على فتح الطرق المقطوعة واستعادة حركة المرور لانسيابيتها.
وبعيدا عن المراكز الحضرية، لم يكن الوضع بأفضل حالا، إذ وقعت انزلاقات أرضية في بعض المحاور الطرقية بحكم الطبيعة الجبلية، كما هو الحال بالنسبة للطريق الرباطة بين باب تازة ماكو الزاوية ظهر عياد بمدينة شفشاون، إضافة إلى ما شهدته الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين تطوان والحسيمة عبر شفشاون، وبالضبط عند مدخل مركز باب برد، التي عرفت انهيارا ضخما للتربة على جنباتها ما تسبب في تدمير جزئي لهذا المقطع الطرقي، كما لازالت عشرات الدواوير بجماعة تموروت تعيش في عزلة شبه تامة بعد ارتفاع منسوب مياه واد أمزگان الفاصل بين جماعتي تموروت وباب برد بإقليم شفشاون، مما تسبب في منع تلاميذ هذه الدواوير من الالتحاق بدراستهم، كما فقد بعض الأفراد مساكنهم بسبب انهيار التربة بنفس الجماعة. وغير بعيد عن إقليم شفشاون، عاشت مدينة تاونات هي الأخرى ظروفا صعبة جراء انفجار قنوات الصرف الصحي وانقطاع الماء على المستشفى الإقليمي بالموازاة مع انهيار أحد الأسوار بالمدينة ما سبب استياء الساكنة.
خسائر تختلف طبيعتها وحدّتها جراء تداعيات هطول الأمطار، تتطلب بذل المزيد من طرف كل المسؤولين والمتدخلين كل من موقعه، ولتعزيز مختلف المبادرات المجتمعية والمدنية، لاعتماد التدابير الوقائية الضرورية وتحسين وتجويد البنية التحتية، حتى تكون قادرة على مواجهة مثل هذه الظروف في المستقبل، خاصة في ظل التغير المناخي الذي قد يرفع من سقف التحديات.
صحافي متدرب


الكاتب : سامي القلال

  

بتاريخ : 04/04/2024