الداخلية تدعو الجماعات الترابية لتشخيص وضعية القصور والقصبات وجرد نقائصها وتحديد حاجياتها

في إطار استراتيجية مندمجة لتثمينها بعد الخطوات التي تم قطعها ما بين 2015 و 2019

 

تعتبر القصور والقصبات التي تم تشييدها منذ قرون تراثا ماديا ولا ماديا في نفس الوقت، بحكم ما تختزنه، ووجها من أوجه تاريخ المغرب وعنوانا على مراحل أساسية منه لا تزال الكثير من لحظاتها محفورة بين ثناياها، إذ لا تزال فضاءات العديد منها شاهدة على ما عرفته من أحداث وعاشته من تفاصيل، من خلال النقوش والرموز والزخارف التي تضمها، وبالنظر كذلك إلى طبيعة معمارها، مما يجعلها قبلة سياحية وثقافية داخليا وخارجيا، وهو ما يتطلب الاهتمام بها أكثر فأكثر.
قصور وقصبات ينتشر عدد منها على امتداد جغرافية المملكة، منها ما يحظى بالاهتمام ومنها الذي طاله الإهمال، الأمر الذي دفع مصالح الإدارة الترابية إلى الشروع في القيام بجرد بقائمتها وتحديد نوعية المشاكل التي تتخبط فيها.
ودعت مصالح وزارة الداخلية رؤساء جماعات ترابية، في إطار الاستراتيجية المندمجة للتثمين المستدام للقصور والقصبات في أفق سنة 2026، إلى العمل على تحديد موقعها وعدد المساكن فيها والأسر القاطنة بها، ووضعية هذه القصور والقصبات، ومدى توفر الربط بالماء من عدمه، ونفس الأمر بالنسبة للكهرباء، وكذا بالصرف الصحي.
وتركز الاستراتيجية المندمجة للتثمين المستدام للقصور والقصبات على تحسين إطار عيش ساكنة هذه الفضاءات ومحاربة مختلف عوامل الهشاشة، بالاعتماد على مقاربة مندمجة تضمن التقائية السياسات العمومية، لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية وجعلها أكثر جاذبية. وتؤكد الخطوات المسطرة في هذا الباب على ضرورة إعادة تأهيل المباني ودور القصور والقصبات في تطوير مجالها الترابي، وبث دينامية اقتصادية جديدة في مختلف فضاءاتها وإدراج مجالات جديدة لأنشطة مبتكرة وكذا حماية موارد المنطقة.
وبالعودة إلى مضامين لقاء تواصلي جرى تنظيمه شهر غشت من السنة الفارطة بمبادرة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فقد تم التأكيد على أن الاستراتيجية الجديدة ستترجم عبر خطة عمل خماسية للفترة ما بين 2022 و 2026، تهم الجوانب القانونية والمؤسساتية، وإدراج القصور والقصبات ضمن أولويات برامج محاربة السكن غير اللائق والتفاوتات المجالية، واعتبار إعادة تأهيلها إحدى الآليات المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وجرى في وقت سابق الكشف عن مضامين الاستراتيجية التي تمت الإشارة إلى أنها ستتم عبر مرحلتين 2026-2022 و2027 – 2030، والتي قدّرت كلفتها بـ 5.3 مليار درهم، لتشمل 494 قصرا وقصبة مأهولة، تتمركز بشكل رئيسي بالجنوب الشرقي للمملكة وتأوي قرابة 170000 نسمة، منها 90 بالمائة توجد بالعالم القروي.
وتم توضيح أنها ستمكّن من إحداث 530.000 يوم عمل إلى جانب استثمارات غير مباشرة تناهز 10 مليار درهم، كما ستسمح بإحداث 790 مشروعا مدرا للدخل ولتقوية القدرات باستثمار إجمالي قدره 180 مليون درهم، مع إحداث 4000 منصب شغل مباشر مما سيكون له الأثر الكبير على مستوى عيش الساكنة المحلية المستهدفة.
وكانت وزارة السكنى وسياسة المدينة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية بالمغرب قد أعلنا قبل ذلك في مارس 2015 عن الشروع في تنفيذ برنامج «المصاحبة من أجل التنمية المستدامة للقصور والقصبات»، الذي خصص له غلاف مالي بحوالي 139 مليون درهم في الفترة بين 2015 و2019.
وتم التأكيد آنذاك على أن هذا البرنامج يهدف إلى تنفيذ عشر عمليات نموذجية لترميم قصور وقصبات في عدد من الأقاليم، وتأهيل الفاعلين المحليين وتقوية قدراتهم على المساهمة الفعالة في تطوير هذه المجالات، وضمان تنميتها بكيفية مستدامة، وكذا بلورة استراتيجية شمولية للتدخل في هذا النسيج، في أفق سنة 2025.
وتمت الإشارة خلال الإعلان عن هذه الخطوة آنذاك، على أنه يوجد بالمغرب 4 آلاف قصر وقصبة، تتكون من 250 ألف مسكن، تضم قرابة مليون نسمة فضلا عن 20 ألف وحدة تجهيز. وتم التأكيد على أنه توجد 75 في المئة من هذه القصور والقصبات في وضعية تدهور متقدمة أو مهجورة، وتتوزع على أربع جهات.وكشف التشخيص الذي تم القيام به عن وجود مجموعة من العوامل تساهم في اندثار هذه القصور والقصبات، أبرزها تدهور حالة هذه المباني التي أصبحت آيلة للسقوط، والوضعية الاقتصادية الهشة للأسر التي مازالت تقطن بهذه البنايات، والمشاكل البيئية بسبب غياب شبكات الصرف الصحي وتلوث المياه، واندثار الممارسات والمعارف التقليدية، فضلا عن التصور السلبي للمساكن المنجزة بالطين وغيرها من العوامل الأخرى.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 11/02/2022