العاملون بمجال الصحة أكثر عرضة للإصابة به … الاحتراق الداخلي مرض مهني غير معترف به وتبعاته العضوية والنفسية جدّ وخيمة

أكّد البروفيسور عمر بطاس في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك العديد من المهنيين والموظفين والعاملين في فضاءات ومجالات مهنية مختلفة عرضة للاحتراق الداخلي، بسبب ما يعيشونه من قلق وضغط وتوتر للقيام بمهامهم، في ظل غياب مجموعة من الشروط ووجود ضغوطات مختلفة المصدر، الأمر الذي يتسبب لهم في مضاعفات صحية وخيمة، عضوية ونفسية على حد سواء. وشدّد الخبير في الصحة النفسية والعقلية على أن هذا الواقع يدفع البعض منهم بسبب الإحساس بالملل وفقدان الثقة في العمل وعدم القدرة على التحمل إلى التخلي عن الشغل، مع ما قد يترتب عن ذلك من تداعيات ذات بعد اجتماعي واقتصادي تنضاف إلى ما هو صحي.
وأوضح الأستاذ في كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء في تصريحه للجريدة، أن مفهوم الاحتراق الداخلي الذي بدأ يتم تسليط الضوء عليه شيئا فشيئا، بات يعتبر مشكلة صحية بالنظر لتبعاته التي قد تكون جد مأساوية، بسبب المعاناة من الاكتئاب وأمراض نفسية أخرى، مشيرا إلى أن الشغيلة الصحية تعتبر أكثر عرضة لهذا المرض الذي لم يصنّف بعد ضمن خانة الأمراض المهنية، بالنظر إلى استمرار الاشتغال في ظل ظروف جد صعبة، يكون لها ما بعدها، إذا لم يتم الانتباه إلى ذلك ولم يتم اتخاذ التدابير الضرورية لحماية الذات، وتفادي بذل جهد أكبر مما هو ممكن وتغليب ساعات العمل على اللحظات الخاصة التي يجب على كل شخص تدبيرها بكيفية عقلانية ومناسبة، تحضر فيها الرياضة والراحة وكل ما يتيح خلق متنفسات بعيدا عن الضغوط اليومية وعن حالات القلق.
وأبرز البروفيسور بطاس، الذي شارك بمداخلة حول هذا الموضوع ضمن أشغال المؤتمر الثالث للجمعية المغربية للطب أول أمس الأحد بالعاصمة الاقتصادية، أن دراسة سابقة أجريت على مستوى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، بيّنت على أن مصلحة الإنعاش والعناية المركزة تأتي على رأس المصالح التي يحضر فيها الاحتراق الداخلي، متبوعة بمصلحة الحروق فأمراض السرطانات ثم الأمراض التعفنية ومصالح الصحة النفسية والعقلية. وأوضح المتحدث في تصريحه للجريدة أن نصف العاملين في مختلف الفضاءات يكونون عرضة لهذا النوع من الأمراض، الذي لم يتم الاعتراف به بعد كمرض في قائمة الأمراض الطبية من طرف الهيئات الدولية العلمية، إذ لا يزال موضوع نقاش كبير، وهناك تباينا في هذا الصدد حتى داخل منظمة الصحة العالمية، في الوقت الذي يدعو خبراء بها إلى إدراجه ضمن قائمة الأمراض المهنية.
وأوضح الاختصاصي في الصحة النفسية في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن 70 في المئة من أسباب تعرض المهنيين للاحتراق الداخلي تكون بسبب طبيعة العمل وشكله والفضاء المخصص له وما يرتبط بالعلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين، في حين أن نسبة 30 في المئة تعود لطبيعة الشخص وتكوين شخصيته، لهذا يوصي الخبراء بأن يتم استثمار المرء لإمكانياته الخاصة لتجاوز أعطاب فضاءات الشغل، حتى يكون قادرا على تجاوز الصعاب، لأنه إذا لم يتمكن من ذلك فستكون التداعيات جد صعبة عضويا ونفسيا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 22/03/2022