القِنديلُ .. وَرْدَةٌ بَيضَاءُ

أتهيَّأ
كيْ أفتحَ اللَّيلَ
هذا السكونُ المُباغِتُ يُربكُ
يفتكُ بالقمر المُستقرِّ على راحةٍ للسَّماءْ؛

أتهيَّأ كيْ أجرحَ النَّجمَ
حتَّى يضلَّ ولا يقتفي العاشقين
إلى وردة المُستحيل تشقُّ قميصَ الظَّلامْ؛

أتهيَّأ كيْ أبذرَ الغيمَ
في شرفةٍ للنِّداء إذا وحشةٌ
تستقي ظمأ منْ عُيون، كأنْ لا تنامْ؛

أتهيَّأ كيْ أتبرَّأ منْ كلِّ شعريَ.
قد أتوضَّأ بالغيب، مُستغفرًا، منْ كلامي،
ولا أتبرَّأ إلا منَ الضَّجَّةِ اللُّغويَّةِ تطرأ بينَ يديْ؛

أتهيَّأ كيْ أقطفَ الشَّجرَ المُتحَولَ
منْ خفَّة العُنصُر اللُّغويِّ إذا ما يَطيرُ
وحين يَحُطُّ على وتر، والبداهةُ جسرٌ أخيرْ؛

أتهيَّأ كيْ أستعيرَ المَعاني
وأبذلَ تلكَ الأواني إلى الواقفين
على وثبةِ الماء أعلى، ولا جبلٌ. كيفَ آوي ؟

أتهيَّأ كيْ آتجَولَ في دَهشتي
عُزلةُ الشعر أمْ زلةُ الكلماتِ إلى بُرهةٍ
أمْ يدايَ، إلى وجنةِ الجَمر، ترتعشان قليلا ؟

أتهيَّأ كيْ آخذ الشَّمسَ منْ يدها لتعودَ إلى وكرها
كلَّما الطَّيرُ حلَّقَ بالأرض ضوءًا لها؛

أتهيَّأ كيْ يجلسَ الصَّوتُ بينَ الكلام وبيني، وأنْ أحرسَه
منْ فحيح العُيون، وإلا تَهيَّأتُ كيْ أكنسَه ..

أتهيَّأ كيْ أحملَ الظلَّ منِّي إلى ظلِّه أثرا لي وأنْ أجملَه
في كتابِ قرأتُ به خبرا لنْ أفصٍّلَ ما أهملَه؛

أتهيَّأ كيْ أخرجَ العابرين من الذِّكريات،
وأنْ أنسجَ السُّنبلة
في حديثي إلى الرِّيح عنْ هذه المَسألة؛

أتهيَّأ كيْ أفتقَ الضَّوءَ حتَّى يُسرَّ، وأنْ أرتقَ الساقية
بينابيعَ لي، وأطوِّقَ بالصُّورةِ الباقية؛

أتهيَّأ كيْ أجمعَ الفجرَ
في بُرهةٍ لي، وأنْ أطلعَ الأحصنة
منْ مخابئها القدَريَّة تعدو بها خارجَ الأمكنة؛

أتهيَّأ كيْ أشرحَ الأمرَ للنافذة:
لا تُطلِّي على غير ذاتكِ. كوني المَرايا
وكوني انعكاسَ الهَواء على جهتين بتلكَ الزَّوايا؛

أتهيَّأ كيْ أقنعَ الأرضَ أنِّيَ لستُ أدورُ، وأنْ أدفعَ الجلبة
عنْ خيوطِ الدُّخان تطيرُ، وأنْ أغلقَ الحلبة؛

أتهيَّأ أنْ أتأولَ باسميَ أسماءَها
وأحاولَ ملكا أضيِّعُه، ثمَّ أسألَ أحوالَها
فيمَ راودتِ اسميَ عنْ لغةٍ كنتُ أحملُ أثقالَها ؟

أتهيََّأ كيْ يلجَ الجَملُ- رغمَ مكر العبارةِ – سَمَّ خيَّاطِه بَينَ بيداءَ تلهثُ سِيدًا وبينَ فضاءٍ وأقراطِه؛

أتهيَّأ كيْ أخدشَ الوردَ. بُستانُه فستانُه والزَّمانُ غلامُ وأفرشَ بردا على وجنتيه كأنِّي سلامُ؛

أتهيَّأ كيْ يختفي البُجعُ عندَ بُحيرتيَ الفلكيَّة إذ يدعُ
في يديَّ بقيَّته تكتفي بي، ولا تجزعُ؛

أتهيَّأ كيْ أجذبَ النَّجمَ يمشي إليَّ، وأنْ أسحبَ الغيمَ
منْ بيته الرَّعويِّ، وأنْ نذهبا حيثما لا أنا؛

أتهيَّأ كيْ أتهيَّأ مُستحدثا قمرًا يتلكَّأ في زورة اللَّيل .. حتَّى إذا دثَّرَ اللَّيلُ أنفاسَه بي .. توضَّأ إذ حدَّثا ..

أتهيَّأ كيْ تصهلَ الأحصنة /  الهُويَّةُ .. أسماؤُها تغسلُ الأمكنة / منْ تضادِّ العناصر في جَسدِ الأزمنة؛

أتهيَّأ كيْ يَعدلَ الخطوُ بي عنْ جدار تنفَّسَ أزرقَ مثلَ الهواءِ فلا سقفَ يَحرسُه منْ سماءٍ بلون الهذاءْ؛

أتهيَّأ كيْ يَسكنَ الشَّجرُ مُطمئِنا إلى ذاته لأؤلِّبَ غصنا
على غابةٍ وسعتْ خطوةً وانتهتْ حطبا.


الكاتب : مصطفى الشليح

  

بتاريخ : 19/04/2024