المخزن ورعاياه المغاربة اليهود من خلال محفوظات مديرية الوثائق الملكية -19-

القنصل العام البريطاني جون دريمند هاي يراسل وزير الخارجية المغربي محمد بركاش

 

ظل المخزن المغربي وفيا، وراعيا لمغاربته اليهود، ويتضح ذلك من خلال الوثائق الرسمية، ووثائق العائلات اليهودية وبخاصة المراسلات الإخوانية منها. وتعتبر الوثائق الرسمية التي تحتفظ بها مديرية الوثائق الملكية دليلا دامغا على الروابط القوية، والمتينة بين المخزن ويهوديه؛ فبعضها يتضمن صراحة أمر سلاطين الدولة بالاحسان إليهم داخل المغرب وخارجه. فبالإضافة إلى السماح لهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية، وأنشطتهم الاقتصادية، ووهب وعاءات عقارية لهم لانشاء ملاحاتهم أو بيعهم فإن العلاقة ظلت قوية على مر العصور، وتعتبر الدولة العلوية نموذج الراعي الأول لفئة اليهود مقارنة بوضعيتهم خلال فترات حكم السعديين و المرينين والموحدين حيث كانوا مميزين عن جيرانهم باعتبار الهندام أساس للتميز

راسل القنصل العام البريطاني جون دريمند هاي وزير الخارجية المغربي محمد بركاش بضرورة الفصل في دعوى بين أحد محمييه من اليهود المغاربة والطالب بهلال الصويري، مع ضرورة الفصل على وجه السرعة أو العمل على تدويل القضية:
نرى أن سرد معطيات هذه الوثيقة يبدو مهما نظرا لما تحتويه من معطيات تاريخية مهمة حول خطورة الحماية القنصلية وبداية التدخل في سيادة المغرب والتكالب عليه من طرف الأجانب والمحميين. تحمل هذه المراسلة رقم 3352 وهي مراسلة من القنصل العام البريطاني جون دريمند هاي إلى وزير الخارجية المغربي محمد بركاش مؤرخة في 20ذي القعدة 1283/26مارس 1867، تتمحور حول طلب القنصل من الوزير التسريع بالبث في دعوى توجه بها ورثة التاجر اليهودي أبراهام كوهين ضد الطالب بهلال الصويري بخصوص نزاع حول دار اشتراها اليهودي من أحد أشراف واد نون في حين يدعي بهلال الصويري من خلال رسم مزور أنها في ملكيته.
« الحمد لله
خذيم السلطان أيده الله ووزيره في الأمور البرانية الفقيه المحب محمد بركاش.
فبعد السلام نسئل عنكم كثير نطلب الله أن تكون بخير وعافية.
وبعد، فقد أخبرنا انه بعدما تفاصلنا معك على الدعوة المتعلقة بين ورثة الهالك أبرهام كوهين أحد من رعية الانجليز والطالب بهلال من ثغر الصويرة في شأن دار بالثغر المذكور بفصالك معنا بمقتضى الشرط التاسع من الشروط المقررة. بعدما كنت أدنت بقدوم الطالب بهلال لهنا مرتين برسومه أو يعين وكيل يقصد الفصال، حيث ترفع الدعوة للجانبين كما هو مقرر في الشروط. والآن بهلال المذكور أراد القدوم لهنا مرة أخرى وسمعنا من أنه محرم بزاوية. وهذه هي المرة الثالثة وهذا الرجل لم يريد الاستطاع للشرع وهذه نحو ثمانية عشر 18 يوما وهذه الدعوة في علم السلطان أيده الله. ويطلبون الحق مم بهلال المذكور الذي يظهر منه بيده رسوم الزور بقصد الإثبات له بأن الدار الذي اشتراها كوهن المذكور من شيخ واد نون كان اشتراها هو. وهذا التعطل الصادر فلم نستطيع الصبر عنه أكثر وهذا ظلم أو تعدي لأحد من رعية الإنجليز، ومنه يصدر الدرك على دولة السلطان أيده الله إلا إذا انقطعت هذه الحيلة و الصنايع في الحين ويزجر الفاعل عن فعله. والآن ها نحن نطلب بوجه الجد فصال هذا الأمر من جانبكم كما هو مقرر في الشرط التاسع من الشروط المقررة، ويكون الفصال على قدر صحة الرسوم الذي بيد وكيل كوهن المذكور بيعيش عمار. وبعد قدوم بهلال المذكور الذي فر من الشرع، وها يصلكم صحبة هذا نسخة رسم الذي هو بيد ورثة كوهن المذكور في هذا الأمر الذي هو مثبت من قاضي موراكشة والصويرة وطنجة وتطوان وبيعيش عمار الوكيل المذكور فهو موجود أيضا للتوجه عنكم لينظركم في رسم ءاخر من أصل الدار المذكورة. وكذلك بيده أيضا إثبات بأن رسم بهلال هو زور. والآن نطلب فصال هذا الأمر في الحين وإلا فتلزم علينا الاستدعاء على دولة السلطان أيده الله إذ ذاك من خرق الشروط إن طال هذا الأمر أكثر ونرفع الأمر لدولتنا. ونطلب أيضا المصارف الصادرة لورثة أحد من رعية الانجليز كوهن المذكور من السيرة الصادرة من بهلال المذكور. ونطلب أيضا ريال واحد من كل يوم لمصارف السفر ومئونة وكيل الورثة المذكورة. ونطلب أيضا كراء الدار من اليوم الأول الذي طلب فيه الدار كوهن الهالك المذكور. وتركنا عندنا الحق في اتباع بهلال في الضرر الصادر لأحد من رعية الإنجليز من فعله على مقتضى الشرط الثاني عشر 12. وعلى المحبة. والسلام.»
وفي 26 مرس سنة 1867
عن إذن منسطر سلطانة أكرت ابرطن بإيالة مراكوشة
جان درمند هي


الكاتب : ذ.ربيع رشيدي

  

بتاريخ : 13/04/2023