المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  77 : الرواق والتواصل الثقافي مع المغرب العربي

“المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر»، كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها، العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

أصبح  الرواق المغربي في الأزهر بمثابة بعثة علمية ثقافية اجتماعية للجالية المغربية وللوافدين المغاربة، وأصبح بما يحتضنه  من طلاب همزة الوصل الرئيسية للتواصل الثقافي بين مصر وبلدان المغرب العربي، فقد كان الرواق  يقول الدكتور حسام محمد عبد المعطي، الحلقة الأساسية في عمليات التبادل من خلال انتقال الأفكار والعلوم عبر أولئك الذاهبين الآيبين من طلاب الرواق. فقد كان هؤلاء الطلاب بعد عودتهم يحملون الإجازات، يصبحون بمثابة سفراء لنشر الأفكار التي تعلموها في الأزهر الشريف.
وخلال رحلة الحج حرص كبار العلماء المغاربة الوافدين على الاتصال بأقرانهم في الأزهر والدراسة لبعض الوقت في الرواق المغربي،كما حرصوا على إلقاء دروسهم في الرواق ،وبالتالي فقد كان يجري تعريف طلاب الرواق بآخر العطورات المعرفية والفقهية في بلدان المغرب،يقول الدكتور حسام محمد عبد المعطي  مثلا  إن الشيخ التاودي بن سودة عند حجه  قام بشرح كتابه «شرح التاودي على الجامع» للشيخ خليل كما عقد عقب عودته من الحج درسا حافلا  برواق المغاربة؛ وقرأ فيه الموطأً وحضر دروسه أغلب علماء الأزهر، كما شرح الشيخ أحمد بن على بن عبد الرحمن المتجور كتابه اشرح المنهج المنتخب في قواعد المذهب المشهور بقواعد الزقاق  في الرواق أيضا،كما حرص أغلب هؤلاء العلماء والطلاب على شراء ما يتوفر لهم من الكتب الحديثة؛ حتى إنه يمكن القول بأن موكب الحج المغربي مناسبة هامة لانتعاش سوق الكتب بها وقد عمل عدد من المجاورين المغاربة في وقت فراغهم في عمليات نسخ الكتب من أجل بيعها للحجاج المغاربة عند وصول الحج في كل عام.
وقد أصبح العديد من العلماء المغاربة من كبار الفقهاء بالجامع الأزهر ،إذ يشير الجبري إلى الشيخ محمد بن عبد الواحد البناني بقوله: “وحضر دروس الشيخ الصعيدي والدردير وغيرهم حتى مهر وأنجب ودرس واشتهر بالفضل وعمل الختوم” وحضره أشياخ العصر وشهدوا بفضله وغزارة علمه وانتظم في عداد أكابر المحصلين والمفيدين والمستفيدين ،ومعنى  ذلك وفق الدراسة، أنه أصبح شيخ عمود يدرس في الأزهر.


بتاريخ : 03/08/2021