المغرب متأخر في الإعلان عن لائحة الأدوية الأساسية

تأمين السوق الدوائية وتفادي الانقطاعات أحد تحديات تعميم التغطية الصحية

 

دخل قرار تعميم التغطية الصحية حيّز التنفيذ انطلاقا من فاتح دجنبر الجاري، وهو ما يعني التحاق 22 مليون مغربي ومغربية بدائرة المؤمّنين عن المرض، وبالتالي سيرتفع الطلب على الخدمات الصحية المختلفة وسيقبل عدد أكبر من المواطنين على الأطباء والمؤسسات الصحية المختلفة، الأمر الذي سيقابله ارتفاع في منسوب استهلاك الأدوية، الذي كانت تشير التقديرات إلى أنه لم يكن يتجاوز 497 درهما بالنسبة للفرد الواحد في السنة.
إقبال سيطرح تحدّيا جديدا على السوق الدوائية المغربية من أجل ضمان تزويد الصيدليات بالأدوية الأساسية والضرورية بكيفية مستمرة، وتوفير مخزون دوائي كاف، يمكّن من مواجهة مختلف التحديات الصحية بعيدا عن إشكالية الخصاص والانقطاع التي ترخي بظلالها على الأدوية في بلادنا بين الفينة والأخرى. تحدّ صحي ودوائي يفرض نفسه بقوة من أجل تفادي تكرار سيناريوهات سابقة كما وقع بالنسبة لأدوية الباراسيتامول خلال جائحة كوفيد 19، هذا المشهد الذي لم يكن استثناء، إذ تكرر الوضع بالنسبة لمجموعة من الأدوية الأخرى، سواء تعلق الأمر بمضادات حيوية، أو بأدوية لعلاج أمراض مختلفة، كالصرع عند الأطفال أو تلك التي تخص بعض السرطانات، ونفس الأمر بالنسبة لبعض الفيتامينات، إضافة إلى أدوية تساعد على الولادة وتفادي مضاعفاتها المتعلقة بالنزيف، أو تعلق الأمر بالغدة الدرقية، حيث يغيب إلى اليوم دواء «ليفوتيروكس» بأنواعه المختلفة عن رفوف الصيدليات ويجد العديد من المرضى صعوبات في الوصول إليه.
ويعتبر الدواء أحد العناصر الأساسية التي تمكّن من تحقيق الأمن الصحي في مجتمع من المجتمعات، وهو ما يتطلب اليوم بذل المزيد من الجهود لتشجيع الصناعة الدوائية المحلية على الخصوص، لاستعادة مكانتها والعودة إلى معدلات التصنيع والتصدير التي بلغتها في وقت سابق قبل أن تتراجع نسبتها، إلى جانب الاستفادة من الوضع المتقدم لمنظومة التوزيع ومن الخريطة الصيدلانية المتميزة التي تتوفر عليها بلادنا. بالموازاة مع ذلك يتعين على وزارة الصحة والحماية الاجتماعية الإعلان عن لائحة الأدوية الأساسية التي لم تتغير منذ 2012، والتي لم يتم تحيينها رغم إقدام منظمة الصحة العالمية على نشر لائحة جديدة في 2021، الأمر الذي يجعل بلادنا متأخرة في هذا الإطار، مع ما يعني ذلك من تحديات صحية ترتبط بهذا الأمر.
وارتباطا بإشكالية انقطاع الأدوية، فإنه يمكن الإشارة لما تعرفه فرنسا نموذجا، إذ تعيش اليوم حالة خصاص كبيرة في عدد من الأدوية، كما هو الحال بالنسبة لتلك المكوّنة من مادة «الأموكسيسيلين» التي تُصرف لعلاج الالتهابات الناجمة عن المكورات العقدية، في ظل ارتفاع حالات الإصابة عند الأطفال بالتهابات الحلق واللوزتين وغيرهما، إلى جانب أدوية «الباراسيتامول». وإذا كان الوضع يعتبر إشكالا صحيا في هذه الدولة، يساهم فيه عدم تعدد الشركاء المصنّعين واستعمال بروتوكول موحّد في العلاج عند الأطباء، خلافا للوضع في المغرب، بفضل توفر أدوية جنيسة متعددة في مجال «الأموكسيسيلين»، ونتيجة لفتح الباب لتحرير وصفات طبية مختلفة وفقا لتقديرات الأطباء، فإن هذا الأمر يجب أن يكون حافزا لأخذ كل التدابير الضرورية في المغرب لتفادي أي قلق دوائي والقطع مع حالات الانقطاع المتكررة، التي تأتي دون سابق إشعار، إذ تغيب مجموعة من الأدوية عن رفوف دون أن يكون الصيادلة والأطباء على علم بذلك، لتجنيب المرضى عناء التنقل بين الصيدليات دون جدوى والرفع من معاناتهم المرضية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 12/12/2022