المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تنعى المقاوم المرحوم محمد بوراس الفيكيكي

بألم عميق وحسرة شديدة، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم محمد بوراس الملقب ب «الفقيه الفيكيكي»، الذي التحق بالرفيـق الأعلــى يوم الأحد 23 غشت 2020 بمدينة تارودانت.
ازداد المرحوم محمد بوراس الفيكيكي سنة 1921 بقصر زناكة، وهو من الرعيل الأول لحركة المقاومة وجيش التحرير الذي برز بانخراطه المبكر في صفوف الحركة الطلابية الواعية بمعهد مولاي يوسف بمراكش سنة 1944 حيث نهل من ينابيع الوطنية وحب الوطن والتمسك بالمقدسات الدينية والثوابت والوطنية، انضم لحزب الاستقلال سنة 1946 تحت إشراف عدد من الوطنيين وعلى رأسهم عبد لله إبراهيم الذي أسس آنذاك جمعية الطالب بمراكش حيث كان المرحوم محمد بوراس من أعضاء مكتبها إلى جانب محمد الفقيه البصري وبوشعيب وعمر البيضاوي وبوشعيب الحريري وعبد السلام الجبلي، خلال هذه الفترة تم اعتقال المقاوم المرحوم مرتين من طرف الباشا الكلاوي.
عرفتـــه مراكــش الحمراء شابا مقدامــا جســورا وجريئـــــا شــارك في الانتفاضـــــــة الطلابية التي التصق حدثها باسم هذه المؤسسة الجامعية الضاربة جذورها في عمق الأصالة والإنسية المغربية وفي ذاكرة الجهاد السرمدي المقدس والنضال الوطني البطولي.
وفي سنة 1953 انتقل لمدينة فاس لمتابعة دراسته بجامعة القرويين ثم انتقل منها إلى مدينة الدار البيضاء.
وعرفته وخبرته مدينة الدار البيضاء، مهد المقاومة وقلعة الفداء وموطن الصمود والتحدي مخططا ومنظما وداعية لحركـــــــــة المقاومــة والمواجهة للمستعمـــــر الغاشـــــم التي انطلقــــت شرارتها بإرادة وعزيمة ثلة طلائع من الشباب الغيور على دينــه وملكه ووطنه ليتسع مجالها وفضاؤها على امتاد ربوع الوطن الأبي، وكذلك احتضنته سجون الحماية ومعتقلاتها الشهيرة من ورزازات إلى القنيطرة ثم إلى غبيلة بمدينة الدار البيضاء، حيث استطاع الفرار من السجن رفقة المقاوم محمد منصور.
يذكر له ويدين له جيش التحرير بالمنطقة الشرقية بأنه كان أحد منظريه، مصمميه ومنظميه الذي أبان عن نبوغ وحنكة في رسم استراتيجية النضال الوطني بهذه المنطقة الذي كان المرحوم من طينة رجاله الأفذاذ المتمسكين بالوحدة الترابية قدر تعلقهم بالسيادة الوطنية والشرعية التاريخية التي صهرت كفاح العرش والشعب في بوتقة واحدة.
وتشاء الأقدار الإلهية أن يتزامن رحيل الفقيد المقاوم محمد بوراس الفيكيكي وتخليد الشعب المغربي للذكرى 67 لملحمة ثورة الملك والشعب الخالدة التي كان أحد صناعها. وقد ظل وفيا للعهد، ثابتا على المبدأ، ملتزما بالمبادئ والقناعات التي حملها خاصة بعد التحاقه بصفوف الحركة الاتحادية مقتنعا بمبادئه لإرساء عدالة اجتماعية ونتيجة لذلك سيتعرض لكل أصناف التعذيب والمضايقات والنفي لكنه خرج من هذه المحن شامخا قوي الجانب ليبدأ مرحلة جديدة في مسار النضال الديمقراطي إلى جانب إخوانه.
ووفاء واعترافا بخدماته المبرورة وأياديه البيضاء في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، حظي بشرف الإنعام الملوي السامي عليه بوسام ملكي شريف أنعم به عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره لله بمناسبة تخليد ذكرى 51 لليوم الوطني للمقاومة في 18 يونيو 2005، كما حظي بشرف التكريم من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير رفقة صفوة من المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمدينة الرباط بتاريخ 12 فبراير 2002.
هذا، وقد كان السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حريصا دوما على زيارة المقاوم المرحوم محمد بوراس الفيكيكي بمنزله، وذلك من منطلق العناية التي يحف بها الشخصيات الوطنية وأعضاء أسرة المقاومة وجيش التحرير، عربون تقدير وعرفان بمكانتهم المتميزة والمرموقة، وبرورا بشمائلهم الجليلة ومآثرهم الخالدة في رياض العمل الوطني والمقاومة والتحرير.
وفي هذا الظرف الأليم الذي ترك في أعماقنا مشاعر الحزن والأسى والحسرة بهذا المصاب الجلل، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلـوان، وأن يتغمد الفقيد العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم لله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
«يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي».
صدق لله العظيم
إنـا للـه وإنـا إليـه راجعـون


بتاريخ : 26/08/2020