المهرجانات: أسئلة فشل التنظيم وغياب الجمهور

 

لابد أن يكون الجسم الثقافي والفني غاضبا حزينا ومستاء من حال قاعة الجماعة الحضرية لحظة افتتاح الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم بفاس الأسبوع المنصرم. وكنت خططت للوصول مبكرا إمعانا في الحضور وعدم تفويت الفرصة السينمائية ،وتجنبا للازدحام و ضمان مقعد مناسب لمتابعة شيقة ومريحة. لكن المفاجأة جاءت من كون جميع المقاعد ظلت مناسبة وشاغرة دون جمهور، علاوة على أن المشاهد المعروضة في التقديم والبرمجة ، كانت مربكة ومشوشة ،ولم تكن مريحة على النحو المفروض، إما بسبب سوء التنظيم وغياب التحكم وضبط الإيقاع، أم لأسباب فنية وتقنية بالأساس. كان الوضع مثبطا للغاية . فبينما تم حجز الصفوف الأمامية للمدعوين وضيوف الشرف ولجن التحكيم والمكرمين، ظل وسط القاعة فارغا تماما ،إلا من بعض الحضور العابر لتتناسل الأسئلة:
لماذا يهجر الجمهور الثقافي و الفني مثل هذه التظاهرات والمهرجانات الموضوعاتية (السينما) بفاس؟هل مرد ذلك بعد قاعات الفرجة وصعوبة وتكلفة التنقل بين أطراف المدينة الشاسعة أم بسبب سوء التدبير وغياب منظمين أكفاء ،أم بسبب نقص في آليات التواصل والإعلام وعدم وضع مسافة بين المنظم والصحفي؟ إذ لم يتوصل العديد من الزملاء الإعلاميين بشارة المهنة وأنا واحد منهم ؟ هل يرجع ذلك إلى انعدام الثقة في مضامين البلاغات والملصقات الدعائية المخصصة للتظاهرة ؟أم في مصداقية ما تحمله (النفخ في أسماء لمجرد الدعاية) ؟ وهل للسلطات العمومية والمنتخبين دور فيما حصل ويحصل ؟
الحقيقة ،أن الملاحظ المهتم يستغرب ضعف الحضور في تظاهرة دولية بهذا الحجم رغم إعلان المنظمين، جلب ضيوف ونقاد من الأردن وبغداد والقاهرة وباريس ونجمات وفنانات عربيات ومغاربة من عيار وازن آمال عيوش وفاطمة بوجو وإلهام شاهين ، رغم أن مدينة فاس معقل حضاري وعاء ثقافي وتراثي حافل ومتجذر . ورغم حضور تمثيلية مهنية النقابة الوطنية للصحافة المغربية بفاس ،ودعاية بإيقاع تواصلي اجتماعي ، علاوة على إبرام عقود شراكات محلية ملزمة داعمة للمهرجان ..
محمد بلغريب مدير الدورة الثانية للمهرجان الدولي للسينما بفاس لم يتأخر في الرد سريعا متهما أحد أهم الشركاء في الإخلال بالالتزامات الصريحة بدعم المهرجان وإنجاح محطاته وقال في بلاغ صحفي « أن جهة سياسية مسؤولة عن المجال الثقافي بالجماعة الحضرية بفاس ذكرها بالإسم منعت حضور البعض إلى القاعة من أجل افشال عملية تكريم الممثلة إلهام شاهين ، بل الأكثر من هذا تحارب العمل الثقافي بمدينة فاس . وللتذكير يضيف البلاغ « فإن هذه الجهة تحارب أي عمل ثقافي وفني بالمدينة . رغم أنها وقعت اتفاقية شراكة مع المهرجان و لم تف بوعودها، مضيفا رغم أن الجماعة شريكة أساسية . ورغم كل ذلك، يقول البلاغ « تمكنت إدارة المهرجان من مواجهة هذه الصعوبات والعراقيل التي تسببت فيها الجهة المذكورة لإفساد حفل المهرجان ولم تقدم أي شيء يذكر لفائدة المهرجان ما جعل إدارة هذا الأخير تتكفل بضيوف المهرجان .. وخلص البلاغ إلى أن إدارة المهرجان برئاسة محمد بلغريب قررت أن تعقد ندوة صحافية في الأسبوع المقبل أمام الصحافة العربية والدولية ،لفضح سلوكات هذه الجهة التي لا تخدم المجال الثقافي بالمدينة»
واختتم اخيرا المهرجان الدولي بفاس في دورته الثانية بتكريم الممثل المغربي محمد الشوبي والممثلة القديرة إلهام شاهين وكان تكريما ناجحا من طرف إدارة المهرجان . كما كرمت مقاطعة فاس أكدال الممثلة إلهام شاهين بحضور جميع المنتخبين باستثناء.
وإذا كان الرأي العام بفاس لا يرضى لفاس العاصمة العلمية للمملكة بهذا النوع من الإخفاق في التنظيم فعلى الجهة المنظمة والداعمين الجلوس وتقييم الوضع ،وطرح الأسئلة الحقيقية والموضوعية حتى تتجنب فاس الوقوع تجاذبات سياسية والسقوط في مصيدة الفشل في الدورات القادمة وذلك خدمة للفن وارتقاء بالعمل الثقافي كرافعة أساسية للتنمية البشرية للجهة والوطن.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 16/07/2022