انتقادات الساعة الإضافية تعود من جديد مع حلول فصل الشتاء

معاناة متعددة للصغار والكبار مع ظلام دامس وبرد قارس

 

انطلقت يوم الخميس 21 دجنبر مرحلة فصل الشتاء، التي سبقتها موجة برد قارس، أحسّ بها وعاشها الجميع خلال الأيام الأخيرة، والتي أرخت بتبعاتها الصحية ووقعها الزمني على العديد من المواطنين، في القرى والمدن، على حدّ سواء.
فصل زاد من صعوباته الاستيقاظ باكرا والخروج للتوجه صوب مقرات العمل أو للدراسة، بالنسبة للمتمدرسين في كل الأسلاك التعليمية، لاسيما الصغار، سواء في القطاعين الخاص أو العام، خلال الأيام التي لم تبرمج فيها إضرابات بالنسبة لهذا الأخير، حيث يجد الجميع أنفسهم مضطرين لمغادرة منازلهم في الظلام الدامس بسبب استمرار العمل بما يعرف بـ «الساعة الإضافية»، التي باتت وبالا على الكثير من المواطنين الذين في كل سنة ينادون بالقطع معها ، خاصة خلال هذه الفترة بسبب الصعوبات الكثيرة التي تترتب عنها.
ساعة، بتبعات صحية، عضوية ونفسية، وبمشاكل متعددة ترخي بظلالها على المواطنين، الذين يعيشون نفس «القهر» يقول عزالدين، وهو مستخدم وأب لطفلين، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتركي»، مبرزا أنه وزوجته يضطران لإيقاظ طفليهما بصعوبة بالغة، وبعد حصة النظافة الصباحية وتغيير الملابس، يسارع الزمن لإيصالهما إلى المدرسة، دون أن يتمكّن أي منهم من تناول وجبة الفطور، لأن المسافات والاختناق المروري وضرورة أن يوصل زوجته لعملها قبل أن يتحول نحو وجهته هو أيضا، كلها عوامل تفرض مغادرة المنزل على هذه الحالة، مضيفا أن الطفلين يكملان النوم داخل السيارة، معربا عن تضامنه مع الأسر والأفراد الذين يضطرون لاستعمال وسائل النقل العمومية أو السير على الأقدام في ظل ظلام دامس وبرد قارس، خاصة في المناطق القروية؟
من جهته، أوضح رشيد في تصريحه للجريدة، أنه بات محروما من أداء صلاة الصبح في المسجد، بسبب هذه الساعة الإضافية، التي باتت «قارّة»، بحكم توقيت الصلاة التي إن هو أراد أدائها جماعة، فإنه لن يغادر المسجد إلا حوالي الساعة السابعة والنصف، وهو توقيت يكون متأخرا من أجل اصطحاب أبنائه إلى المدرسة ثم التوجه إلى عمله، مشددا على الصعوبات الجمة التي تعترضه للتنقل نحو الوجهات المختلفة التي يجب عليه سلكها صوب مؤسستين تعليميتين مختلفتين من حيث التواجد الترابي، ونحو مقر العمل، مشددا على أن ما يرفع من حجم الأعباء والمتاعب التوقيت غير المناسب بتاتا للخروج صباحا.
معاناة تختلف تفاصيلها، لكن مضمونها واحد، فرشيدة العاملة بأحد المصانع في مولاي رشيد في الدارالبيضاء، أكدت بدورها على أنها تغادر الحي الذي تسكنه صباحا وهي متوجّسة، لأنها تضطر للخروج قبل أذان صلاة الفجر، في توقيت تكون فيه الحركية قليلة، إذ يجب عليها أن تمشي مسافة ليست بالهينة راجلة، قبل أن تصل إلى وسيلة النقل العمومية التي ستقلّها نحو المنطقة، لتغادرها مرة أخرى من اجل التوجه على الأقدام نحو مقر العمل، الذي تدخل بابه والظلام لا يزال يخيّم على سماء المدينة، بحكم أن شروق الشمس لا يتكون إلا حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا.
وضعية قاتمة شأنها شأن قتامة المشهد صباح كل يوم، التي باتت تشكّل مصدر إزعاج كبير لكل الذين يغادرون منازلهم تحت جنح الظلام، متعبين، في لحظة صباحية كان يجب أن تكون عنوانا على الحيوية والنشاط، وهو ما قد يكون له تبعات على مستوى السير والجولان، خاصة بالنسبة للسائقين، في ظل الاكتظاظ والازدحام؛ أمام غياب عناصر أمن المرور عن بعض وليس كل النقاط المرورية التي لا تحلّ بها بدورها إلا بعد أن تسطع نور الشمس؛ والاستعمال القوي لأضواء الإنارة، حيث أكد الدكتور مصدق مرابط، وهو طبيب عام في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن كل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى وقوع حوادث للسير بسبب التعب، وقلّة النوم، وعدم التركيز، واستمرار وضعية الظلام، التي هي مؤشر ضمني نفسيا على الراحة، هذه الرسالة التي يستقبلها العقل ويتعامل معها على هذا الأساس، فيكون الجسم متفاعلا معها هو الآخر، مع ما يعني ذلك من تداعيات قد تحدث بسبب هذا الأمر، فضلا عن العديد من التبعات الأخرى، التي تجعل استمرار العمل بهذه الساعة يزيد في محنة الكثيرين.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/12/2023