بتهمة الإرهاب والمشاركة في احتجاجات رفع سن التقاعد بفرنسا

 الشرطة البريطانية تعتقل ناشرا فرنسيا!

هل تتجه فرنسا ماكرون إلى إطفاء أنوار ديدرو ومونتسكيو وروسو؟ وهل يمكن أن يحل بلد «الديمقراطية» مشاكله بمنطق «القبضة الأمنية»؟
أسئلة تفرضها طبيعة المرحلة الحرجة التي تمر منها «الحركة الحقوقية» ومفاهيم العدالة الاجتماعية و»العقد الاجتماعي» التي طالما دافع عنها فلاسفة الأنوار وأسسوا من خلالها لدولة الحقوق والحريات، كما يفرضها حادث اعتقال الناشر الفرنسي إرنست موريه بلندن يوم الاثنين الماضي؟
فما الذي دفع الشرطة البريطانية لاعتقال الناشر الفرنسي إرنست موريه رئيس قسم الحقوق الأجنبية بدار نشر La Fabrique مساء الإثنين 17 أبريل الجاري، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، مباشرة بعد وصوله إلى محطة سانت بانكراس في لندن لحضور فعاليات معرض لندن للكتاب ما بين 18 و 20 أبريل. ؟
هذا الاعتقال الذي نفذه شرطيان بزي مدني، تأرجحت ردود الفعل حوله بين الصدمة والفضيحة، خاصة بعد معرفة سبب الاعتقال وحيثياته التي اعتمدت في البداية بعد وصوله إلى محطة سانت بانكراس بلندن على وثيقة تخص الفقرة 7 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2000» والتي تمنح لشرطة الحدود البريطانية، حق احتجاز أي مسافر حتى دون «أسباب معقولة» للشك، وهو الإجراء الذي انطلق في Gare du Nord بباريس حين قامت شرطة الحدود البريطانية باستجوابه واحتجازه لفترة طويلة جعلته يتأخر عن قطار الخامسة و13 دقيقة قبل أن يستقل القطار الموالي الذاهب الى لندن، حسب ما صرحت به زميلته في دار النشر ستيلا ماجلياني بلقاسم، حيث كان من المقرر أن يشارك في حفل كوكتيل في المعهد الفرنسي مساء الثلاثاء 18 أبريل.
وبعد وصوله الى محطة لندن يوم الاثنين17 أبريل، وجد موريه الشرطة البريطانية في انتظاره، حيث أقدمت على احتجازه قبل أن تطلق سراحه يوم الثلاثاء دون محاكمة، مع مصادرة هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به من أجل إجراء مسح للمكالمات وفحص الملفات الموجودة بالكمبيوتر، حيث في حال رفضه هذه الاجراء قد تصل العقوبة حسب الفقرة 7 من قانون مكافحة الارهاب إلى السجن لمدة ثلاثة أشهر.
وحسب تصريحات ماجلياني بلقاسم التي كانت معه، فإن الحديث أثناء التحقيق معه تطرق الى أسئلة غريبة ومبهمة حول مشاركته أو نيته في المشاركة مستقبلا في المظاهرات المعارضة لرفع سن التقاعد بفرنسا، وكذا عن محيطه وعن موقفه من الرئيس الفرنسي ماكرون ومن الاحتجاجات المرتبطة برفع سن التقاعد، قبل أن يتم اعتقاله بسبب رفضه السماح للشرطة بحجز هاتفه وحاسوبه «للاشتباه في قيامه بعرقلة تحقيق متعمد في إطار الفقرة 7 من قانون مكافحة الارهاب».. ليتم استجوابه يوم الثلاثاء أيضا وإطلاق سراحه دون توجيه أية تهمة. فيما لا تزال تحقيقات الشرطة البريطانية مستمرة لفحص الأجهزة الإلكترونية للناشر موريه وهي الأجهزة التي صرحت ماجلياني بلقاسم بصددها أن لاشيء استثنائي فيها عدا بعض المخطوطات لدراسات في العلوم الاجتماعية واتصالات مع دور النشر الأجنبية التي يعمل معها .
هذا الخلط غير المفهوم أثناء التحقيق مع موريه بين الاحتجاجات ضد رفع سن التقاعد بفرنسا ومكافحة الإرهاب، دفع محامي موريه البريطاني ريتشارد باري، ومعه دار النشر la fabrique، إلى القول باشتباه تنسيق محتمل بين السلطات الفرنسية والبريطانية من أجل وضع اليد على اتصالات الناشر، المحسوب على اليسار الراديكالي الفرنسي ، كما دار نشره، مع وسائل الاعلام ، وهو ما يثير التساؤل حول دور الدولة الفرنسية في هذه العملية وتعاون الشرطة البريطانية في هذه العملية «القذرة» حسب تعبير محاميه باري.
الاعتقال خلف موجة استنكار واسعة من طرف الناشرين، حيث أقدم 30 ناشرا على توقيع عريضة تستنكر « ما يشي ب» تواطؤ مقلق بين السلطات البريطانية والفرنسية «، معتبرين الحادث هجوما من قبل الدولة الفرنسية ضد دار نشر تشتهر سياستها التحريرية والكتابية بأنها تكرس الفكر النقدي و»تعارض سياسات الحكومة الفرنسية «. العريضة حث فيها الناشرون أيضا « السلطات الفرنسية على التدخل لضمان حماية مواطنيها من مثل هذه الإجراءات القمعية».
يذكر أن دار النشر الراديكالية La Fabrique معروفة بنشر ترجمة كتاب Comment saboter un pipeline للسويدي أندرياس مالم ، في عام 2020 ، Un féminisme» décolonial «، بقلم فرانسواز فيرجيس في عام 2019 ، L ‘Insurrection qui vient.

عن «لوموند» بتصرف


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 20/04/2023