بسبب التراجعات والمساس بالمكتسبات:موظفون يجهزّون ملفات تقاعدهم النسبي خوفا من تبعات السيناريوهات التي تعدّها الحكومة

 

أكّد عدد من الموظفين في قطاعات مختلفة وعلى رأسها قطاع الصحة والحماية الاجتماعية في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على مباشرتهم لخطوات إعداد ملفات حصولهم على التقاعد النسبي، عملا بشعار «نصف خسارة ولا خسارة كاملة»، مخافة تطبيق السيناريوهات التي تعدّها الحكومة المتعلقة بالتقاعد تحت مسمى «الإصلاح»، لتدارك الفوارق المالية المسجّلة التي تعرفها الصناديق المهددة بالإفلاس جراء تدبيرات تطرح أكثر من استفهام، ولا علاقة لـ «الموظفين» الحاليين بأسبابها ولا بتبعات ما عرفه تسييرها، الذين سيجدون أنفسهم محرومين من حقوق استفاد منها غيرهم، في خطوة تجسّد كل أشكال التمييز.
سيناريوهات تقوم على الرفع من سن التقاعد ليصل إلى 65 سنة للجميع، سواء بالقطاع العام أو الخاص، إلى جانب الرفع من المساهمات والاشتراكات، مقابل تقليص قيمة المعاشات، مع احتساب معدل كامل الأجر للمسار المهني للأجير عوض ثماني سنوات. وكان مكتب للدراسات قد قدّم للحكومة في دجنبر 2022 خلاصات دراسة قام بها تهمّ إنجاز تصور لـ «إصلاح» منظومة التقاعد، حيث وإلى جانب ما سبق اقترح تقليص نسبة الاستبدال وتسقيف احتساب المعاشات الأساسية بشكل موحد «الحد الأدنى للأجور في اثنين»، بحيث لا يتجاوز المعاش حوالي ستة آلاف درهم، إضافة إلى تسقيف احتساب المعاشات التكميلية بما معدله عشر مرات الحد الأدنى للأجر.
معطيات عاد عدد من الموظفين لتداولها خلال الأيام الأخيرة بحدة فيما بينهم، خاصة وأن السقف الزمني الذي كان قد حُدّد لهذه الخطوة لم تعد تفصلنا عنه إلا بضعة أشهر ويتعلق الأمر بسنة 2025، وهو ما جعل الكثيرين وفي ظل غياب أجوبة صريحة وأمام استمرار جو من اللبس والغموض المرتبطين بهذا الموضوع، يقررون الشروع في إعداد ملفات تقاعدهم النسبي، الذي سيحرمهم عمليا من مكتسبات مادية، لكنها ستظل «أقلّ ضررا» مقارنة بما يمكن أن يقع إذا ما تم التنزيل الحرفي لـ «الخطة الحكومية».
تقاعد نسبي، ستكون له بالمقابل تبعات على سير العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع الصحة الذي يعاني أصلا من ضعف الموارد البشرية، وهو الوضع الذي يقرّ به الوزير الوصي في كل مناسبة، مما سيزيد من تعميق الشرخ، وسيعمّق الجراح التي خلّفتها المغادرة الطوعية في وقت سابق، مما أدى إلى رفع الضغط مقابل مردودية لا تتوافق مع حجم الطلبات، وإن بات بإمكان المرضى اليوم التوجه للقطاعين معا، مع ضرورة استحضار الاستثناءات المرتبطة بالإكراهات المادية وباستمرار ارتفاع الثقل المادي الذي يبقى على كاهل المؤمّنين. إشكالية لن يعيشها قطاع الصحة لوحده بل ستطال قطاعات مختلفة، لأن الموظفين الحاليين سيجدون أنفسهم أمام وضع يفرض العمل مدة أطول وتعرض أجورهم لاقتطاعات أكثر مقابل معاش تقاعد لن يلبي العديد من الاحتياجات ولن يحافظ على وضع اجتماعي ظل العديد منهم يعيشونه، وسيكونون في حاجة إلى استمراره، خاصة صحيا، بسبب التقدم في السن؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/04/2024