تنطفئ النجوم وتظهر الأضواء تحية لمن تركنا : أحمد الصعري.. ذاكرة المسرح والمسرحيين

برحيل الأستاذ أحمد الصعري، يكون المغرب قد فقد ذاكرته المسرحية، التي اختزنت ماضيا يمتد من مرحلة التأسيس في أربعينيات القرن الماضي لمسرح فتي، فطري بالدرجة الأولى، إلى اليوم الذي أصبح فيه المسرح مدارس واتجاهات. خاصة وأن الصعري، خبر المسرح من مشتله، أو بالأحرى من بيئته، التي غذته بأسماء لها وزنها في الساحة المسرحية الحالية.
هو ابن درب السلطان، الذي يختزن بدوره تاريخا حافلا للمقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي. ففي هذا الدرب، وتحديدا بدرب اليهودي، رأى الصعري النور مع انطلاق البوادر الأولى للحرب العالمية الثانية.. ترعرع فيه، ومارس شغب الطفولة في الأزقة المحاذية لـ»الريجي طابا»، وحفظ في كتُابه القرآن، قبل أن يدشن تعليمه الابتدائي بـ»المدرسة العالمية» في الحي نفسه، والتي بالمناسبة درَّس فيها كبار المناضلين والسياسيين بالمغرب، أمثال علال الفاسي وعبد الله إبراهيم وعبد الهادي بوطالب…
كما درَس الصعري في مدرسة «مولاي الحسن»، التي حملت هذا الإسم بعد زيارة لها من قبل الحسن الثاني أيام كان وليا للعهد، وشاءت الصدفة أن يزورها، ويستمتع بسكيتشات تلامذتها وضمنهم الصعري. ولأنها أعجبت ولي العهد، طلب من المسؤولين أن يغيروا اسمها من مدرسة «المسلمين» إلى مدرسة «مولاي الحسن»، هذه المدرسة، درس بها فنانون كبارا أمثال المخرج السينمائي مصطفى الدرقاوي والمسرحي الكبير الطيب الصديقي…
في هذا الدرب، الذي تخرج منه كبار الفنانين، أمثال ثريا جبران والحاجة الحمداوية وعبد العظيم الشناوي وسعاد صابر وعبد القادر مطاع والثنائي مصطفى الداسوكين ومصطفى الزعري ومحمد بن إبراهيم والأخوان عبد القادر وعبد الرزاق البدوي والشعيبية العدراوي ونعيمة سميح (…)، أخذ الصعري يتلمس خطواته الأولى في عالم التمثيل، من خلال عشقه للسينما.. ففي درب السلطان والأحياء المجاورة، كانت دور السينما الملاذ الوحيد للترفيه عن البيضاويين.. فمن سينما موريتانيا والملكية وأطلس والكواكب والبيضاء وقاعات أخرى، أخذ الصعري ينفتح على العالم، أو الأحرى على تجارب هؤلاء الفنانين، خاصة عمالقة الدراما والكوميديا المصرية، الذين خطفوا ألباب الشباب وقتذاك….


الكاتب : عزيز مفضال

  

بتاريخ : 13/06/2023