التسجيل في البوابة الإلكترونية الخاصة ببرنامج الاستفادة من الدعم الاجتماعي يطبعه التعثر في أولى أيامه

«رفضت» معرّفات رقمية لأصحابها مما تسبّب في تفشي موجة قلق واسعة

انطلقت يوم السبت الأخير عملية التسجيل الإلكتروني للاستفادة من الدعم الاجتماعي، في خطوة جاءت متممة لمسار انطلقت فصوله قبل مدة، بالتسجيل في السجلين الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وهي اللحظة التي ظلت تنتظرها العديد من الأسر بهدف الاستفادة مما سيتم تقديمه لها من إعانات لمواجهة أعباء الحياة اليومية، الاجتماعية والاقتصادية.
انطلاقة، لم تتسم بالسلاسة بالنسبة للجميع، بل طبعها التعثر في عدد من الحالات، فوفقا لشكايات توصلت بها «الاتحاد الاشتراكي»، لم يتمكن العديد من المواطنين من إتمام عملية التسجيل عبر البوابة المخصصة للاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، وبالتالي إرسال طلباتهم حتى تتم معالجتها رقميا ثم التوصل بالجواب، الذي من المفروض ألا يجاوز 30 يوما، لكي يكون صرف مبلغ الدعم في حال التأكد من وضعية المستفيد آخر كل شهر، علما بأنه تم التأكيد على أن صرف أولى الإعانات سيكون انطلاقا من نهاية شهر دجنبر الجاري.
وتعثرت عملية التسجيل بالنسبة للعديد من الأشخاص، الذي اصطدموا بكون الصفحة الإلكترونية الخاصة بتعبئة المعلومات ترفض المعرّف الرقمي الخاص بهم، بعد إدخالهم لرقم بطاقة التعريف الوطنية ولتاريخ الولادة وباقي المعلومات المطلوبة، إذ وجدوا أنفسهم أمام «جواب» يفيد بأن المعرف الرقمي المدني والاجتماعي خاطئ، مما جعلهم ينتقلون نحو خطوة محاولة التأكد مرة أخرى من المعرف الرقمي أو استعادته في حال كان هناك من خلل، فإذا بهم يتأكدون بأن الأرقام التي ضمنوها البوابة في البداية صحيحة ولا لبس فيها، لكنهم ومع ذلك لم يستطيعوا إتمام عملية التسجيل، في ظل غياب مخاطب، ما دام الأمر يتعلق بعملية رقمية تتم على المستوى «الافتراضي»؟
وعبّر العديد من المواطنين في اتصالات بالجريدة عن تخوفاتهم من هذا «الخلل الإلكتروني» الذي حال دون التعرف على معرّفاتهم الرقمية، وهو ما جعل الكثيرين يقررون التوجه صوب الملحقات الإدارية بحثا عن مخاطب لمعالجة هذا المشكل الذي اصطدموا به، والذي تخوّف البعض من أن يشكّل مانعا يحول أو يؤخر استفادتهم من الدعم الذي هم في حاجة إليه، خاصة وأن الفئات المعنية به هي تعاني من الهشاشة بشكل كبير، ومن المنتظر أن تشمل الإعانات الأطفال في سن التمدرس، وفي وضعية إعاقة، وحديثي الولادة، والأسر الفقيرة، والتي تعيل مسنين، وغيرهم من المعنيين بهذا البرنامج.
ويأتي هذا التعثر الرقمي، في زمن تطوير الإدارة الرقمية، لينضاف إلى إشكال آخر أرخى بظلاله خلال الأشهر الأخيرة على عدد ليس بالهيّن من الأسر الفقيرة، خاصة بالنسبة للأرامل والمسنين، الذين يعيشون على دعم ومساندة أقرباء لهم أو محسنين، الذين وجدوا أنفسهم خارج دائرة الاستفادة من برامج الدعم ومن التغطية الصحية المجانية، بسبب المؤشر الذي يفوق المعدل المطلوب ببضعة «فواصل»، الأمر الذي اعتبره الكثير من المتتبعين إجحافا ويتطلب مراجعة وإعادة نظر، خاصة وأن الأنظمة الرقمية المعلوماتية لن تستوعب برمجياتها البعد التضامني الذي يميز خصائص المجتمع المغربي.
وفي سياق ذي صلة، كان عدد كبير من الأشخاص قد توجهوا خلال الأسابيع الفارطة، صوب وكالات تابعة لشركات الاتصالات المختلفة من أجل فسخ اشتراكات تهمّ شبكة الأنترنيت وخطوط هاتفية، التي كانت تتم الاستعانة بها في الدراسة عن بعد بالنسبة للكثيرين، أو يموّلها أقرباء لهم من أجل التواصل معهم والاطمئنان عليهم، لكنها شكّلت عائقا إلى جانب حواجز أخرى أمام استفادتهم من البرامج الاجتماعية المسطرة، في حين سعى البعض الآخر إلى محاولة ضمّ أقارب من الأسرة لرفع عدد أفرادها حتى يتأتى لهم تسجيل أنفسهم ضمن قائمة «المحظوظين»، وهي الحلول التي يتبين عدم واقعتيها في ظل المشاكل والتحديات الاجتماعية الكثيرة التي تعاني منها فئات عريضة من المغاربة، ويؤكد على أن فئة المقصيين من الدعم الاجتماعي ومن التغطية الصحية لن يكون عددها هيّنا، في ظل كل هذه المشاكل التي تتطلب تعاطيا خاصا ومعالجة واقعية لضمان عدالة اجتماعية وتفادي كل تمييز في هذا الإطار.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 06/12/2023