عطاءاتهن تشكل عنوانا لنكران الذات : نساء بالجنوب الشرقي .. في انتظار اعتراف بـ «المثابرة الصادقة» خدمة للأسرة والمجتمع

في سياق الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، والاهتمام المتزايد بقضايا النهوض بأوضاع النساء والدفاع عن حقوقهن المختلفة، يلاحظ المهتم بالشأن المجتمعي في «الجنوب الشرقي»، عدم الالتفات الى المرأة بهذه الجهة المستحدثة، بالشكل المطلوب وتسليط الضوء على وضعية عشرات النساء المتسمة بالهشاشة والمعاناة، وتضحياتهن الاستثنائية خدمة للأسرة والمجتمع .
نساء «يحترفن» العمل الزراعي ويكدحن لكسب قوتهن بعرق جبينهن ، خاصة القاطنات منهن بأعالي جبال الأطلس الكبير الشرقي أو في صحاري وكتبان الجنوب الصحراوي الشرقي، ويثابرن في سبيل توفير مصاريف بيوتهن اليومية، فضلا عن دفع تكاليف تربية وتدريس أبنائهن…
المرأة بمناطق الجنوب الشرقي هي كذلك العاملة، الموظفة ، الأستاذة، الممرضة، المهندسة، الطبيبة… نساء استطعن تخطي الصعاب المادية والمعنوية من أجل إثبات الذات والعمل على تغيير الصورة النمطية غير المنصفة في حق المرأة ودورها الحيوي في تضامن توازن الاسر وتنمية المجتمع.
من نماذج العطاء والمثابرة خدمة للغير، تنبغي الإشارة إلى مسار سيدة ممرضة أفنت شبابها في خدمة الأطفال المتخلى عنهم بمدينة الرشيدية، ولا أحد من المسؤولين أكرمها أو أثنى على عملها و تضحياتها ، ومثلها كثيرات في الجهة؟
امرأة فضلت الصمت و الاشتغال بهدوء وثبات منذ أكثر من ثلاثين سنة ، في مجال اعتبر من «الطابوهات» التي يصعب التحدث فيها أو المغامرة في نبش طياتها داخل مجتمع تقليدي محافظ حتى النخاع، امرأة عاشت هذه المدة وهي ممرضة مجازة بمستشفى مولاي علي الشريف، لتخدم الطفل المتخلى عنه المعوز الضعيف. رسالة نبيلة حقا، ولكنها مفعمة بالألم و نكران الذات.
إنها السيدة (ل.ع.)، أو «ماما حاجة «كما يناديها العشرات من الأطفال المتخلى عنهم، «عرفت بسعة صدرها و رحابة نفسها وحنانها الذي لا يكل أبدا، علما بأن المهمة جسيمة «تقول بعض الشهادات في حقها، مضيفة» أن هاجسها الأول هو العمل من أجل إنقاذ أطفال مهملين محرومين من الوالدين ، ومنحهم جرعات من الرعاية والاهتمام، والاجتهاد من أجل توفير متطلبات العيش الكريم، متسلحة بعزيمة قوية منذ الوهلة الأولى من تطوعها، لبلوغ الهدف ، وعدم التردد في طرق الأبواب للحصول على المتطلبات اليومية لدار الأطفال المتخلى عنهم بالرشيدية».
«اليوم، أجبرت «ل.ع» عن التخلي عن الدار في صمت، لا تطلب أي شيء سوى الاعتراف بما أسدته لأطفال أريد لهم أن يتركوا مهملين في المستشفيات أو أمام مساجد أو بيوت…لتحتضنهم جمعية أسستها لاستقبال أطفال متخلى عنهم لأزيد من ثلاثة عقود» تقول مصادر جمعوية، متسائلة بمرارة: «ألا تستحق عشرات نساء الجنوب الشرقي، ضمنهن صاحبة التجربة الاستثنائية في رعاية الأطفال المتخلى عنهم بالرشيدية ، قليلا من الاعتراف ورد الجميل بالجميل؟»


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 13/03/2023