في ظل جائحة كوفيد 19: ماذا حقق مسؤولو التربية الوطنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ؟

في كل عام،توجه وزارة التربية الوطنية رسالة لمسؤوليها الجهويين والإقليميين، بمناسبة اليومَ العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، تحثهم فيها على ضرورة إيلاء العناية الخاصة لهذا اليوم ولهذه الشريحة من المجتمع، وتحثهم على تنظيم الندوات والأنشطة التحسيسية وغيرها بالمناسَبة، لكن الشعارات شيء وواقع الأطفال المعاقين في المنظومة شيء آخر.
لقد أوصى الميثاق الوطني للتربية والتكوين في، البندين 142 و 143 من الجزء الثاني من الدعامة 14 ، التي خصصت لتحسين الظروف المادية والاجتماعية للمتعلمين والعناية بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بتجهيز المؤسسات التعليمية بممرات ومرافق ملائمة ووضع برامج مكيفة وتزويدها بأطر خاصة لتيسير اندماج الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة المدرسية، في أفق الإدماج في الحياة العملية، وكذا تعزيز المصالح الصحية المدرسية وتجهيزها وتأطيرها على نحو يضمن الوقاية الفعالة والعلاجات الأولية لكل تلميذ أو طالب، بتعاون وشراكة مع السلطة المشرفة على قطاع الصحة والمؤسسات الجامعية والتكوينية المختصة في هذا المجال…
وبعد الميثاق، أفرد البرنامج الاستعجالي المشروع E1.P7 كاملا لإنصاف الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، راهن من خلاله على فتح أقسام مدمجة في المدارس الابتدائية وتحسين شروط ولوج الأطفال المعاقين الأقسام العادية، عبر وضع تكوينات خاصة بتعليم الأطفال الذين يعانون من إعاقة وتفعيل النصوص التشريعية والقانونية الصادرة في هذا الشأن. كما راهن المشروع على توفير تكوين يتلاءم وحاجيات الأحداث الجانحين، وذهب مشروع البرنامج الاستعجالي «بعيدا»، حين سطر من ضمن نقاط المشروع تحديد إستراتيجية لتمدرس أطفال الشوارع وإستراتيجية أخرى للأطفال المقيمين بالخارج ولأبناء المهاجرين العائدين إلى المغرب…
عندما سطرت وزارة التربية الوطنية هذه الحزمة من الإجراءات لإنصاف الأطفال والجماعات ذوي الاحتياجات الخاصة كانت قد رصدت وجود أكثر من 300 ألف طفل معاق، حسب إحصائيات سنة 2014 ، لم يتمكنوا من التمدرس، تنعدم فرص ولوجهم الأقسام الدراسية العادية، حينها رصدت الوزارة -حسب إحصائياتها الرسمية- لسنة 2004 ، 432 فصلا للإدماج المدرسي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، و113 مدرسا و13 مفتشا مختصا في مجال الإعاقة، كل ذلك بهذف ضمان ولوج متكافئ للتعليم لفائدة هذه الفئة والفئات الأخرى من الأحداث الجانحين وأطفال الشوارع والأطفال المشغلين.. وراهن البرنامج حينها على تحقيق إنجاز 800 فصل من الأقسام المدمجة، في أفق استقبال أزيد من 9600 طفلة وطفل معاق وتوفير خدمات موازية لأطفال الشوارع والجانحين في المؤسسات السجنية..
ولا يبدو لكل هذه الإجراءات والمشاريع التي سطرتها وزارة التربية الوطنية من أجل الرقي بوضعية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة آثار ملموسة على أرض الواقع، على الأقل بالشكل وبالكم الذي راهنت عليه الوزارة والبرامج المتعاقبة على تدبير منظومة التربية والتكوين.
وككل سنة، وبمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقا ت وتحثّ الوزارة في كل سنة الفاعلين كذلك على تضمين جميع المشاريع التربوية للمؤسسات التعليمية إجراءات تأخذ بعين الاعتبار حاجيات المتعلمات والمتعلمين في وضعية صعبة.. وغيرها من التوصيات والتوجيهات٠،إلا أن الوثائق والبرامج شيء والواقع شيء آخر، وذلك راجع الى عدم تفعيل ما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين ومشروع البرنامج الاستعجالي، حيث لم يتمّ تجهيز المؤسسات التعليمية والمعاهد العليا والمدارس المتخصصة بممرات ومرافق خاصة بهذه الفئة، ولم يتم تفعيل الاتفاقية المبرَمة بين وزارة التربية الوطنية وبعض الوزارات الأخرى والمؤسسات والمعاهد والتي تضمن تكوين الأساتذة في المجال، بل إنه حتى الأقسام المُدمَجة التي تم فتحها على قلتها تعاني من عدم تجانس الأطفال واختلاف الإعاقات ما بين المثلث الصبغي والاعاقة المركبة والتأخر الذهني والتوحد ما يجعل الأساتذة يبذلون مجهودا كبيرا للتواصل مع تلاميذ القسم الواحد. كما ان الكتب والمراجع الخاصة بتدريس ذوي الاحتياجات الخاصة تعرف خصاصا كبيرا بل غيابا شبه تام إذ يضطر الأساتذة إلى الاعتماد على البرامج المقررة في الأقسام العادية بعد تكييفها مع خصوصية هذه الفئة
الا انه لا ينبغي القاء اللوم على المؤسسات الرسمية فقط بعدم ايلاء العناية اللازمة بهذه الفئة فقط ، بل على الأسر ايضا ،إذ إن أغلب الأسر تعتبر الأقسام المُدمَجة فرصة التخلص من أبنائها الذين يعانون من الإعاقة كما ان الجمعيات هي الأخرى مدعوة اليوم إلى ترك صراعاتها الخاصة جدا والانخراط في برامج من شأنها خلق ثورة حقيقية خدمة لمن تدعي تمثيليتهم .
كما ان عدم اعتماد معايير علمية وتقنية موضوعية في انتقاء الأساتذة الذين يتكلفون بالإشراف على تدريس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى ضعف التكوين المقدَّم في هذا المجال، تجعل من هذه البرامج مجرد مضيعة للوقت والمال العام .


الكاتب : إعداد مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 31/12/2020