كأنّ الذي بيننا حروبٌ وأدخنة

 

بإصبعينِ اثنينِ أرفعُ النظّارات عن عينيّ
في بابِ المقهى المُشرَع نصفُه
أختارُ طاولةً إلى يمين الكُونتوار
أطلب قهوةً خفيفة
أُشعلُ سيجارةً وأنتشي بالرّائحة.
أهزُّ العَقِبَ شبهَ المحترق بخفّةٍ فوق المنفضةِ الحمراء
وأنفضُ نظراتِ
رجلٍ عجوز في أقصى اليسار.
أبادلهُ التّحديق
أغمض العينين، وآخذُ نفسا عميقًا
أتركهُ داخلي، أتشرّب النَّفَس المدَخّن
وأنفثه في وجه العجوز.
يحجبني الضّباب
كأنّ الذي بيننا حروبٌ وأدخنة.
من حقيبة اليد يومئُ
الطّلاءُ الأحمر
أخرجه
أضعه بحرصٍ على الأَظافر.
أنفخ عليها لتجفّ
وعيناي على نَفَسِ السّيجارة الأخير.
على الشّاشة إلى اليمين، نوعٌ من الطيور تطفّل الإنسان على حميميّته.
على اليسار، ثمّة جماعاتٌ من النّاس ضجرة على مقاعدها.
تتحدّث برتابة ولا ترفع نظراتها إلى الدُّوري الذي يستعرض مِشيته بين الغربان.
أرمي معطفي على كتفٍ واحدة
أتركُ للعجوز غمزةً أخيرة، معركة صغيرة للذّكرى
وأغادر.

(من ديوانها الصادر حديثا
«لا أعرف هذه المرأة»)


الكاتب : عائشة بلحاج

  

بتاريخ : 08/10/2021

أخبار مرتبطة

  تشكل القراءة التاريخية لتجارب بعض الأعلام المؤسسة للفعل السياسي و الدبلوماسي في المغرب المستقل، لحظة فكرية يتم من خلالها

لحظة شعرية بمسيم كوني، احتضنها فضاء بيت المعتمد بن عباد بأغمات، ضمن احتفاء دار الشعر بمراكش بمرور سبع سنوات على

يقول بورخيس: “إن الفرق بين المؤلف والقارئ هو أن الكاتب يكتب ما يستطيع كتابته، بينما يقرأ القارئ ما يشاء”. فالكتابة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *