مشاركة فعالة للمحاميات

في إطار حرصه على تجويد النصوص القانونية، تقدم الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمقترح قانون يرمي إلى تتميم أحكام المواد 84 ، 85 و88 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، وقدم  المشروع سعيد بعزيز وباقي أعضاء الفريق، واعتبرت المذكرة التقديمية أن الفصل 19 من الدستور ينص على أن «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.
وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز».
ومن بين هذه الحقوق، الواردة في الباب المشار إليه، المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية، ما تضمنته الفقرة الأولى من الفصل 30، إذ لكل مواطنة ومواطن، التمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية؛ بالإضافة إلى حقوق أخرى في باقي مقتضيات الدستور.
وحيث، من جهة ثانية، أن جلالة الملك محمد السادس أكد في خطاب العرش، يوم السبت 30 يوليوز2022 أن « بناء مغرب التقدم والكرامة، الذي نريده، لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية، لذ، نشدد مرة أخرى، على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات. وقد حرصنا منذ اعتلائنا العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها، فالأمر هنا، لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها».
وحيث من جهة ثالثة؛ أن بلادنا إدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، باعتبارها عضوا عاملا نشيطا في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا، والتزمت بجعل الاتفاقيات الدولية، كما صادقت عليها، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
وقد صادقت بلادنا على العديد من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، والتي تؤكد على الأدوار المحورية للمرأة في الحياة العامة، بما في ذلك اللجوء إلى التشريع لإنصافها، حال وجود أعراف وعادات وتقاليد وصور نمطية تضر بها، وسنقتصر في هذا الصدد، على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تضمنته المادة 21 من تأكيدها على أنه «لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده»؛ وكذا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي أكدت على «اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة»، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة، على أن «تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل»، على أن تتخذ «جميع التدابير المناسبة لتحقيق تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة». وأن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد».
كما أن البرتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية، ذكر بانتهاج سياسة القضاء على التمييز ضد المرأة بجميع الوسائل المناسبة ودون إبطاء، وأكد على ضمان تمتع المرأة، بشكل تام وعلى قدم المساواة، بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعلى اتخاذ إجراءات فعالة لمنع أي انتهاكات لهذه الحقوق والحريات.
وحيث من جهة رابعة؛ أن بلادنا توجهت نحو تكريس وتقوية تمثيلية المرأة في مختلف المؤسسات المنتخبة، سواء على مستوى مجلسي البرلمان، أو في الجماعات الترابية والغرف المهنية.
كما أنه على مستوى مكاتب مجالس الجماعات الترابية، بخصوص انتخاب نواب الرئيس، تم التأكيد في القوانين التنظيمية المتعلقة بها، على أنه «يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس».
وحيث يوضح هذا، أن الأمر يتعلق بتوجه عام للبلاد، تنزيلا للمقتضيات الدستورية المشار إليها سالفا، وكذا التزاماتها الدولية.
ومن جهة خامسة؛ على المستوى القضائي، تضمن القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما وقع تغييره وتتميمه، بالقانون التنظيمي رقم 13.22 الصادر بتاريخ 16 مارس 2023، تمثيلية جد مهمة للمرأة بشأن العضوية في المجلس، وانتخاب ممثلي القضاة، إذ تنص المادة 6 منه على أنه «يجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي، وفق مقتضيات المادتين 23 و45 من هذا القانون التنظيمي»، وأن عدد المقاعد المخصصة للنساء القاضيات، وفق هذه المقتضيات، يحدد بقرار للمجلس.
وحيث من جهة سادسة؛ أن القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، صدر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.08.101 في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008)، أي قبل دستور يوليوز 2011، مما يتطلب ملاءمته مع أحكامه.
وحيث أن مهنة المحاماة، أنيطت بها مهمة الدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات، وهي رسالة نبيلة، يتعين أن تتجسد في كل ما يتعلق بها، بما في ذلك الدفاع عن تمثيلية المرأة في مجالس هيئاتها.
وحيث أن الأمر يتعلق بمهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء.
وحيث أن وضعية المرأة في مجالس هيئات المحامين جد متواضعة، بل الأكثر من ذلك، أن النتائج المتعلقة بمجالس بعض الهيئات، تنعدم فيها بشكل مطلق تمثيلية النساء المحاميات، مما يعتبر نقطة سوداء على المستوى الحقوقي، في تنظيم يفترض فيه الدفاع عن حقوق وحريات الإنسان، وذلك نتاج صورة نمطية وأعراف وعادات، مستمدة من المجتمع؛ وهو ما يتعين تجاوزه داخل قطاع المحاماة.
ولا يمكن أن تكون لدينا صورتان مختلفتان، حول آليات تفعيل مبدأ المناصفة، داخل نفس القطاع بقضاء منصف للمرأة، ودفاع لا يكترث بها.
ومن منطلق أن التمييز ضد المرأة، بإنكار أو تقييد المساواة في الحقوق مع الرجل، يمثل إجحافا أساسيا، ويشكل إهانة للكرامة الإنسانية، بما في ذلك، تكريس التمييز عبر صور نمطية أو أعراف وعادات وتقاليد، وتحت مظلة قانون يضمن المساواة؛ وهو ما يتطلب مواجهته والتصدي له من خلال نصوص تشريعية، تقطع مع جميع الممارسات، العرفية وغير العرفية، القائمة على فكرة نقص المرأة، والعمل على فتح الآفاق أمامها من أجل مباشرة حقها في تولي المسؤوليات في مختلف المؤسسات والهيئات التمثيلية، بما في ذلك مجالس هيئات المحامين، سيما أن وضعية المرأة مؤشر محوري في قياس مدى تقدم الأمم.
وحيث يتعين ضمان تمثيلية لا تقل عن الثلث، مع مراعاة التناسب مع حضورهن داخل الهيئات، كما يستوجب الأمر إجراء انتخابات جزئية لإعمال ما تضمنه هذا المقترح، لذلكم؛ يتقدم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، بمقترح القانون الآتي:
مقترح قانون يرمي إلى تتميم أحكام المواد 84، 85 و88 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة.
المادة الأولى.
تتم أحكام المواد 84، 85 و88 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.08.101 في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008)، ويجب ضمان تمثيلية النساء المحاميات من بين أعضاء مجلس الهيئة، بما لا يقل عن ثلث أعضائه.
وفي حالة تجاوز نسبة حضورهن داخل الهيئة للثلث، ترفع تمثيليتهن في مجلسها إلى ما يتناسب مع حضورهن .


الكاتب : م. الطالبي 

  

بتاريخ : 14/12/2023